الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حروب الردة»

إن حروب الردة تشير إلى سلسلة من معارك نشبت بأمر الخليفة الأول ضد جماعات أطلقت عليهم بالمرتديين،<ref> مقدسی، البدء و التاریخ، مکتبة الثقافة الدینیة، ج۵، ص۱۵۲.</ref> وبناء عليه سميت بحروب الردة أو الارتداد، والرِدَّة في اللغة أي الارتداد عن الدين<ref> فراهیدی، کتاب العین، ۱۴۱۰ق، ج۸، ص۷.</ref> وهو الكفر.<ref> راغب اصفهانی، مفردات الفاظ القرآن، ۱۴۱۲ق، ص۳۴۹.</ref>  

بدأت حروب الردة سنة 11 للهجرة بعد اختيار أبي بكر خليفة للنبي (ص)،<ref>طبری، تاریخ الامم والملوک، ۱۳۸۷ق، ج۳، ص۲۴۲.</ref> واستمرت حتى سنة  12 هجرية.<ref>ابن‌کثیر دمشقی، البدایة و النهایة، ۱۴۰۷ق، ج۶، ص۳۴۲.</ref> حدثت هذه الحروب في مختلف البلاد الإسلامية كالمدينة ويمن والبحرين واليمامة،<ref> واقدی، الردة، ۱۴۱۰ق، ص۴۹.</ref> يقول رسول جعفريان إن المشكلة الأساسية للمسلمين بعد وفاة النبي (ص) وواقعة السقيفة حركة عرفت بقضية الارتداد آنذاك.<ref> جعفریان، تاریخ خلفا، ۱۳۸۰ش، ج۲، ص۲۸.</ref>

إن إدعاء النبوة الكاذبة من قبل بعض الأشخاص كمسيلمية الكذاب، وطليحة بن خويلد الأسدي، وامتناع من بيعة أبي بكر وعدم دفع الزكاة إلى الدولة من قبل عدد من قبائل المسلمين مهدت الأرضية لحروب الردة.<ref> پاکتچی، «پژوهشی در کتاب‌شناسی جنگ‌های رده»، ص۲۶۱-۲۶۲.</ref>

ذكر الواقدي وهو من مؤرخي القرن الثاني والثالث للهجرة أن بعد اختيار أبي بكر خليفة للنبي (ص) ارتد قبائل مختلفة، منها قبيلة بني أسد وقد ادعى كبيرهم طليحة بن خويلد الأسدي النبوة. وقد ارتدت قبيلة بني حنيفة وذلك لدعم نبوة مسيلمة الكذاب كما ارتدت قبيلة كندة وكان كبيرهم الأشعث بن قيس.<ref> واقدی، الرده، ۱۴۱۰ق، ص۴۹-۵۰.</ref>  

أمّا الذين امتنعوا من دفع الزكاة فكان لديهم دوافع شتى: بعضهم جديدو العهد بالإسلام وكان يثقل عليهم دفع الزكاة وليس هناك مبرر لدفعها،<ref> جعفریان، تاریخ خلفا، ۱۳۸۰ش، ج۲، ص۲۸.</ref> والبعض الآخر كانوا ممن يدفعون الزكاة لكن امتنعوا من دفعها لأبي بكر؛<ref>ابن‌کثیر دمشقی، البدایة و النهایة، ۱۴۰۷ق، ج۶، ص۳۱۱.</ref>  إذ يرفضون أبا بكر مطالبين الحكم لأهل بيت النبي (ص)..<ref> جعفریان، تاریخ خلفا، ۱۳۸۰ش، ج۲، ص۳۲.</ref>  يقول رسول جعفريان إن مالك بن النويرة وقبيلته كانوا من هذه الجماعة.<ref>واقدی، الرده، ۱۴۱۰ق، ص۱۰۶-۱۰۷.</ref> وورد في الأخبار أن حارث بن معاوية ممثل الخليفة الأول طرد من قبيلته؛ لأنه كان يعتقد أن الخلافة بعد النبي (ص) تعود لأهل بيته.<ref> ابن‌اعثم کوفی، الفتوح، ۱۴۱۱ق، ج۱، ص۴۸.</ref>

إن خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل وخالد بن سعيد بن العاص من القادة العسكريين الذين أرسلهم أبو بكر لمحاربة أهل الردة،<ref> مسکویه رازی، تجارب الأمم، ۱۳۷۹ش، ج۱، ص۲۸۰.</ref>  وقتل خالد بن الوليد الصحابي للنبي (ص) مالك بن النويرة لعدم دفع الزكاة.<ref>واقدی، الرده، ۱۴۱۰ق، ص۱۰۷.</ref>

كانت الأخبار الورادة عن ردود الفعل حول حروب الردة مختلفة، وفقا لما ذكره المؤرخون هناك من الصحابة كانوا يعدون محاربة من يعتقد بالتوحدي ونبوة النبي (ص) مخالفا لأوامرالنبي (ص) واحتجوا على ذلك،<ref> مقدسی، البدء و التاریخ، مکتبة الثقافة الدینیة، ج۵، ص۱۵۳.</ref> وبناء عليه اقترحوا على الخليفة الأول أن يتركهم حتى يثبت الإسلام في قلوبهم، ومن ثم يطالبهم بدفع الزكاة،<ref>ابن‌کثیر دمشقی، البدایة و النهایة، ۱۴۰۷ق، ج۶، ص۳۱۱.</ref> لكن أبو بكر لم يفرّق بين يصلي ولم يدفع الزكاة ومن ينكر الصلاة وكان يعتبر الجميع مرتدين ويستحقون المحاربة.<ref> واقدی، الرده، ۱۴۱۰ق، ص۵۱.</ref>

يقول مادلنج صاحب الدراسات الإسلامية: إن أبا بكر كان يرفض أي مصالحة حول الزكاة، ويعتبره معيارا لوفاء القبائل بالإسلام، ومن وجهة نظرة أبي بكر يعد من لم يدفع الزكاة مرتدا، ويجب محاربته مثل من يرتد عن الدين أو من لم يدخل بالإسلام.<ref> مادلونگ، جانشینی حضرت محمد(ص)، ۱۳۷۷ش، ص۷۲.</ref>

إن مقتل مالك بن النويرة وقبيلته على يد خالد بن الوليد ما تسبب باحتجاج أبي قتادة الأنصاري وبعض صحابة النبي (ص)،<ref>ابن‌عماد حنبلی، شذرات الذهب، ۱۴۰۶ق، ج۱، ص۱۳۵-۱۳۶.</ref> وكان عمر يعتبر أن خالد بن الوليد يستحق القصاص لقتل مالك  ويستحق الرجم للتعدي على زوجة مالك، ومع ذلك فإن أبا بكر كان يدافع عن أفعال خالد.<ref> ابن‌عماد حنبلی، شذرات الذهب، ۱۴۰۶ق، ج۱، ص۱۳۶.</ref>

ورد أن لأحداث الردة تداعيتين اثنتين سياسية وعسكرية لأبي بكر: السياسية انخفاض الأزمة في دولته والعسكرية ارتفعت الخبرة الحربية التي لم تكن وسيعة حتى آنذاك في منطقة الحجاز.<ref>غلامی دهقی، جنگ‌های ارتداد و بحران جانشینی پس از پیامبر(ص)، ص۳۶.</ref>  

وقد يستفاد في الأبحاث الكلامية من أحداث حروب الرجة لرفض نظرية عدالة الصحابة؛ إذ أن طرفا حروب الردة هم من الصحابة، كما أن ارتداد بعض الصحابة ومقتل مالك بن النويرة والتعدي على زوجة من قبل خالد بن الوليد لا يوافق عدالة الصحابة.<ref> نیکزاد، «عدالت صحابه در ترازوی تحقیق»، ص۴۲.</ref>

* كتاب الرِّدة لوَثیمة بن موسی الفارسي (ت 237 هـ)<ref> پاکتچی، «پژوهشی در کتاب‌شناسی جنگ‌های رده»، ص۲۶۷-۲۷۰.</ref>