مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المرجعية الدينية»
ط
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Esmati طلا ملخص تعديل |
imported>Esmati طلا ملخص تعديل |
||
سطر ٧: | سطر ٧: | ||
يقول العلامة [[محمد رضا المظفر]] :عقيدتنا في [[المجتهد]] وعقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط، أنه نائب للإمام {{ع}} في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله تعالى، وهو على حد الشراك بالله كما جاء في الحديث عن [[الإمام الصادق|صادق آل البيت]] {{ع}}.<ref>المظفر، عقائد الإمامية، ص 34</ref> | يقول العلامة [[محمد رضا المظفر]] :عقيدتنا في [[المجتهد]] وعقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط، أنه نائب للإمام {{ع}} في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله تعالى، وهو على حد الشراك بالله كما جاء في الحديث عن [[الإمام الصادق|صادق آل البيت]] {{ع}}.<ref>المظفر، عقائد الإمامية، ص 34</ref> | ||
فليس [[المجتهد]] الجامع للشرائط مرجعا في الفتيا | فليس [[المجتهد]] الجامع للشرائط مرجعا في الفتيا فقط، بل له [[الولاية]] العامة، فيرجع إليه في الحكم والفصل والقضاء، وذلك من مختصاته لا يجوز لأحد أن يتولاها دونه، إلا بإذنه، كما لا تجوز إقامة [[الحدود]] و[[التعزيزات]] إلا بأمره وحكمه. | ||
ويرجع إليه أيضا في الأموال التي هي من حقوق الإمام ومختصاته. وهذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمام {{ع}} [[المجتهد|للمجتهد]] الجامع للشرائط ليكون نائبا عنه في حال [[الغيبة (توضيح)|الغيبة]] ، ولذلك يسمى ( نائب الإمام ). | ويرجع إليه أيضا في الأموال التي هي من حقوق الإمام ومختصاته. وهذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمام {{ع}} [[المجتهد|للمجتهد]] الجامع للشرائط ليكون نائبا عنه في حال [[الغيبة (توضيح)|الغيبة]]، ولذلك يسمى ( نائب الإمام ). | ||
سطر ٢٣: | سطر ٢٣: | ||
وقال [[الإمام الرضا]] {{ع}}:«[خذ معالم دينك] من [[زكريا بن آدم القمي]] المأمون على الدين والدنيا. قال [[علي بن المسيب]]: فلما انصرفت قدمنا على [[زكريا بن آدم]]، فسألته عما احتجت إليه».<ref>وسائل الشيعة:ج 18، 106</ref> | وقال [[الإمام الرضا]] {{ع}}:«[خذ معالم دينك] من [[زكريا بن آدم القمي]] المأمون على الدين والدنيا. قال [[علي بن المسيب]]: فلما انصرفت قدمنا على [[زكريا بن آدم]]، فسألته عما احتجت إليه».<ref>وسائل الشيعة:ج 18، 106</ref> | ||
وعن [[المفضل بن عمر]] ، أن [[الإمام الصادق|أبا عبد الله]] {{ع}} قال [[الفيض بن المختار|للفيض بن المختار]] في حديث : فإذا أردت حديثنا فعليك بهذا | وعن [[المفضل بن عمر]]، أن [[الإمام الصادق|أبا عبد الله]] {{ع}} قال [[الفيض بن المختار|للفيض بن المختار]] في حديث : فإذا أردت حديثنا فعليك بهذا الجالس، وأومأ إلى رجل من أصحابه، فسألت أصحابنا عنه، فقالوا: [[زرارة بن أعين]].<ref>وسائل الشيعة ج18،ص:104</ref> | ||
إذن في عهد وجود [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] كانت هناك مرجعيات دينية [[الشيعة|للشيعة]]، ولكن في المناطق البعيدة عن وجود الإمام، وهذا ما أشارت له المصادر التاريخية، فقد كان من تلاميذهم فقهاءُ كبار مراجع لأهل مناطقهم. وفي زمن [[الغيبة الصغرى |الغيبة الصغرى للإمام]] {{ع}}أجمع [[الشيعة]] على وثاقة [[النواب الأربعة]] وجلالتهم قدس الله أرواحهم، وأنهم كانوا حلقة الوصل بين [[الشيعة]] وإمامهم، وبعد [[الغيبة الصغرى]] تصدى العلماء والمراجع لإدارة أمور الناس الشرعية، والدنيوية. | إذن في عهد وجود [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] كانت هناك مرجعيات دينية [[الشيعة|للشيعة]]، ولكن في المناطق البعيدة عن وجود الإمام، وهذا ما أشارت له المصادر التاريخية، فقد كان من تلاميذهم فقهاءُ كبار مراجع لأهل مناطقهم. وفي زمن [[الغيبة الصغرى |الغيبة الصغرى للإمام]] {{ع}}أجمع [[الشيعة]] على وثاقة [[النواب الأربعة]] وجلالتهم قدس الله أرواحهم، وأنهم كانوا حلقة الوصل بين [[الشيعة]] وإمامهم، وبعد [[الغيبة الصغرى]] تصدى العلماء والمراجع لإدارة أمور الناس الشرعية، والدنيوية. | ||
سطر ٣٠: | سطر ٣٠: | ||
وكان [[الشيعة|للشيعة]] في عصر [[الغيبة الصغري]] علماء كبار أيضاً، خاصة في [[الكوفة]]، و[[بغداد]] و[[قم]]، وكان [[النواب الأربعة|النواب]] أحياناً يُرجعون الناس اليهم. | وكان [[الشيعة|للشيعة]] في عصر [[الغيبة الصغري]] علماء كبار أيضاً، خاصة في [[الكوفة]]، و[[بغداد]] و[[قم]]، وكان [[النواب الأربعة|النواب]] أحياناً يُرجعون الناس اليهم. | ||
وقد أخبر [[الإمام المهدي]] {{ع}} [[الشيعة|شيعته]] [[الغيبة الكبرى|بغيبته الكبرى]] وأرجعهم الى الفقهاء العدول الجامعي الشروط التي وضعها في حديثه المشهور: «أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك،إلى أن قال: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة | وقد أخبر [[الإمام المهدي]] {{ع}} [[الشيعة|شيعته]] [[الغيبة الكبرى|بغيبته الكبرى]] وأرجعهم الى الفقهاء العدول الجامعي الشروط التي وضعها في حديثه المشهور: «أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك،إلى أن قال: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم».<ref>وسائل الشيعة:ج 27، 140</ref> | ||
== في عصر الغيبة الكبري== | == في عصر الغيبة الكبري== | ||
سطر ٣٧: | سطر ٣٧: | ||
يقول العلامة [[محمد رضا المظفر]] :عقيدتنا في [[المجتهد]] وعقيدتنا في [[المجتهد]] الجامع للشرائط، أنه نائب للإمام {{ع}} في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله تعالى، وهو على حد الشراك بالله كما جاء في الحديث عن [[الإمام الصادق|صادق آل البيت]] {{ع}}.<ref>المظفر، عقائد الإمامية، ص 34</ref> | يقول العلامة [[محمد رضا المظفر]] :عقيدتنا في [[المجتهد]] وعقيدتنا في [[المجتهد]] الجامع للشرائط، أنه نائب للإمام {{ع}} في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله تعالى، وهو على حد الشراك بالله كما جاء في الحديث عن [[الإمام الصادق|صادق آل البيت]] {{ع}}.<ref>المظفر، عقائد الإمامية، ص 34</ref> | ||
فليس [[المجتهد]] الجامع للشرائط مرجعا في الفتيا | فليس [[المجتهد]] الجامع للشرائط مرجعا في الفتيا فقط، بل له [[الولاية]] العامة، فيرجع إليه في الحكم والفصل والقضاء، وذلك من مختصاته لا يجوز لأحد أن يتولاها دونه، إلا بإذنه، كما لا تجوز إقامة [[الحدود]] و[[التعزيزات]] إلا بأمره وحكمه. | ||
ويرجع إليه أيضا في الأموال التي هي من حقوق الإمام ومختصاته . وهذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمام {{ع}} [[المجتهد|للمجتهد]] الجامع للشرائط ليكون نائبا عنه في حال [[الغيبة (توضيح)|الغيبة]] ، ولذلك يسمى ( نائب الإمام ) . | ويرجع إليه أيضا في الأموال التي هي من حقوق الإمام ومختصاته. وهذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمام {{ع}} [[المجتهد|للمجتهد]] الجامع للشرائط ليكون نائبا عنه في حال [[الغيبة (توضيح)|الغيبة]]، ولذلك يسمى ( نائب الإمام ). | ||
==صمود مرجعية الشيعة أمام الأعاصير== | ==صمود مرجعية الشيعة أمام الأعاصير== | ||
لقد واجهت [[المرجعية الدينية]] صعوبات جمٌة، وكان أبرز هذه الصعوبات والضغطوات من قبل الحكام المتعاقبين، كونهم يطلبون تأيدها فيما | لقد واجهت [[المرجعية الدينية]] صعوبات جمٌة، وكان أبرز هذه الصعوبات والضغطوات من قبل الحكام المتعاقبين، كونهم يطلبون تأيدها فيما يريدون، ولكن [[المرجعية الدينية|المرجعية]] حافظت على استقلالها، ولم تنصاع لكل تلك الضغوطات. ولا نغالي إذا قلنا: بأنها المؤسسة الدينية الوحيدة التي استطاعت أن تحافظ على استقلاليتها في الرأي والقرار من بين كل المؤسسات الدينية الأخرى لدى المسلمين. وكانت ضريبة هذه الإستقلالية باهضة جدا، استنزفت [[المرجعية الدينية]] الكثير من طاقاتها، أعدام الكثير من المراجع وطلاب العلم، وصودرت أموال، وسبيت نساء، وأحرقت المكتبات، وزج بالكثير منهم في السجون، أو الى المقابر الجماعية. وخير شاهد على هذا مافعله نظام صدام. ومافعلته السلطات العباسية والعثمانية والأيوبية وغيرها من الدول كان مما لا يحصى. | ||
ولو قارنا [[المرجعية الدينية]] مع المؤسسات الدينية للمذاهب الأخرى، من [[الأزهرالشريف]]، و[[جامع الزيتونة]] و[[جامعة القرويين]] ، و[[مشيخات الصوفية]] ، و[[مشيخة الإسلام]] في [[إسطنبول]]...لم تصمد أمام الغزو الغربي في مطلع القرن وفقدت | ولو قارنا [[المرجعية الدينية]] مع المؤسسات الدينية للمذاهب الأخرى، من [[الأزهرالشريف]]، و[[جامع الزيتونة]] و[[جامعة القرويين]]، و[[مشيخات الصوفية]]، و[[مشيخة الإسلام]] في [[إسطنبول]]...لم تصمد أمام الغزو الغربي في مطلع القرن وفقدت نفوذها، وسقطت مؤسساتها بيد الحكومات، وصار علماؤها وطلبتها موظفين لا أكثر ! | ||
أما [[المرجعية الدينية|مرجعية الشيعة]] فقاومت السلطات المختلفة، والحكومات المتعاقبة، ولم يستطع أحد أن يفرض عليها رأيا.والسبب في ذلك طبيعة [[الشيعة|المذهب الشيعي]] ، وأن تمويل [[المرجعية الدينية|المرجعية]] شعبي من عطاءات الناس | أما [[المرجعية الدينية|مرجعية الشيعة]] فقاومت السلطات المختلفة، والحكومات المتعاقبة، ولم يستطع أحد أن يفرض عليها رأيا.والسبب في ذلك طبيعة [[الشيعة|المذهب الشيعي]]، وأن تمويل [[المرجعية الدينية|المرجعية]] شعبي من عطاءات الناس الطوعية، وليس حكومياً. ومن الطبيعي من يكون ذا استقلال مالي يكون مستقلا في قراره، أما من يكون تمويله غير مستقل فلا ىيستطيع أن يجعل رأيه مستقل، هذا في من لم تنصبه السلطة، فما بالك من يأخذ تعينه من السلطة، ويعين بمرسوم جمهوري كما في [[الأزهر الشريف]]!! | ||
==كيفية اختيار مرجع التقليد== | ==كيفية اختيار مرجع التقليد== | ||
نشأ وجوب التقليد من حاجة المسلم الى معرفة معالم دينه وأحكام عباداته | نشأ وجوب التقليد من حاجة المسلم الى معرفة معالم دينه وأحكام عباداته ومعاملاته، فهو يحتاج الى خبير في الشريعة يثق به، يفتيه في ذلك. وعندما يختلف الفقهاء في الاستنباط، يجب عليه أن يرجع الى الفقيه الأعلم. | ||
قال السيد الخوئي في كتاب الاجتهاد والتقليد/119و203: «يجب تقليد الأعلم مع الإمكان على | قال السيد الخوئي في كتاب الاجتهاد والتقليد/119و203: «يجب تقليد الأعلم مع الإمكان على الأحوط، ويجب الفحص عنه.. المراد من الأعلم من يكون أعرف بالقواعد والمدارك للمسألة وأكثر اطلاعاً..وأجود فهماً للأخبار، والحاصل أن يكون أجود استنباطاً. والمرجع في تعيينه أهل الخبرة والإستنباط.. | ||
لا يجوز تقليد غير [[المجتهد]] وإن كان من أهل | لا يجوز تقليد غير [[المجتهد]] وإن كان من أهل العلم، كما أنه يجب على غير [[المجتهد]] التقليد، وإن كان من أهل العلم. | ||
يعرف [[الاجتهاد|اجتهاد]] [[المجتهد]] | يعرف [[الاجتهاد|اجتهاد]] [[المجتهد]] | ||
# بالعلم | # بالعلم الوجداني، كما إذا كان المقلد من [[أهل الخبرة]] وعلم [[الاجتهاد|باجتهاد]] شخص. وكذا يعرف بشهادة عدلين من [[أهل الخبرة]]، إذا لم تكن معارضة بشهادة آخريْن من [[أهل الخبرة]]، ينفيان عنه [[الإجتهاد]]. | ||
#الشياع المفيد للعلم، والمراد من الشياع هو أن يشيع بين أهل الخبرة أن فلان أعلم من غيره من المجتهدين. | #الشياع المفيد للعلم، والمراد من الشياع هو أن يشيع بين أهل الخبرة أن فلان أعلم من غيره من المجتهدين. | ||
#تعرف أعلمية أحد المجتهدين بشهادة إثنين من أهل الخبرة. | #تعرف أعلمية أحد المجتهدين بشهادة إثنين من أهل الخبرة. | ||
فالمكلف يبحث عن الفقيه الأعلم بسؤال العلماء الذين يثق بخبرتهم وتقواهم وعندما تتعارض الشهادات عنده يُرجِّح تقليد من يطمئن اليه | فالمكلف يبحث عن الفقيه الأعلم بسؤال العلماء الذين يثق بخبرتهم وتقواهم وعندما تتعارض الشهادات عنده يُرجِّح تقليد من يطمئن اليه أكثر، أو يتخير أحد الذين تدور بينهم الأعلمية. | ||
ويتمُّ التقليد بأن ينوي الرجوع الى أحدالمراجع فيما يحتاج اليه من | ويتمُّ التقليد بأن ينوي الرجوع الى أحدالمراجع فيما يحتاج اليه من أحكام، ويأخذ رسالته العملية ليعمل بفتواه في صلاته وعباداته ومعاملاته، ويرجع اليه أو الى وكيله عندما يلزمه ذلك. | ||
وطبيعي أن تختلف قناعات | وطبيعي أن تختلف قناعات الناس، وينتج عنها تعدد المراجع الذين يرجع اليهم [[الشيعة]]، ولا بأس بذلك في [[الشيعة|مذهب أهل البيت]] {{ع}}، بل إن التعدد نوعٌ من ضمان الحرية، مادام ناتجاً عن اختيار الناس. والمرجع الذي يرجع اليه أكثرية [[الشيعة]] في العالم يكون مرجع [[الشيعة]] البارز في عصره، والآخرون الى جنبه. | ||
==هل المرجعية منصب خبروي أم ولاية للفقيه ؟== | ==هل المرجعية منصب خبروي أم ولاية للفقيه ؟== | ||
يتفق فقهاء [[الشيعة|المذهب الشيعي]] على أن منصب المرجع منصب خبير في | يتفق فقهاء [[الشيعة|المذهب الشيعي]] على أن منصب المرجع منصب خبير في الشريعة، له حق الإفتاء والقضاء والأمور الحسبية، ويضيف بعضهم حق القيادة السياسية أو [[ولاية الفقيه]]. وبهذا يوجد داخل [[الشيعة|المذهب الشيعي]] اتجاهان فقهيان يعطي أحدهما للمرجع الولاية على الأمة، ويحصر الآخر ولايته في الإفتاء والقضاء وبعض الأمور الإجتماعية. | ||
وينبغي التنبيه على أن الفقهاء القائلين [[ولاية الفقيه|بولاية الفقيه]] والنافين | وينبغي التنبيه على أن الفقهاء القائلين [[ولاية الفقيه|بولاية الفقيه]] والنافين لها، متفقون على أن من مهام [[المرجعية الدينية|المرجعية]] وواجباتها: التوعية الدينية، وتبليغ الأحكام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد الدفاعي إذا تعرض بلد مسلم لخطر خارجي وأمكن مقاومة المحتل، ونُصح الحاكم بما يحقق مصلحة شعبه. | ||
فالخلاف بين الإتجاهين: في العمل السياسي والثورة لإقامة حكم إسلامي، وفي تسلم المرجع والعلماء للسلطة | فالخلاف بين الإتجاهين: في العمل السياسي والثورة لإقامة حكم إسلامي، وفي تسلم المرجع والعلماء للسلطة مباشرة، أو بقائهم موجهين ناصحين فقط. | ||
وقد بحث فقهاؤنا هذه مسألة [[ولاية الفقيه]] في باب [[الاجتهاد]] و[[التقليد]] من الفقه الإستدلالي وفي مواضع أخرى من الفقه . | وقد بحث فقهاؤنا هذه مسألة [[ولاية الفقيه]] في باب [[الاجتهاد]] و[[التقليد]] من الفقه الإستدلالي وفي مواضع أخرى من الفقه. | ||
قال [[الميرزا النائيني|المرجع المحقق النائيني]](قدس سره): « لا إشكال في ثبوت منصب القضاء والإفتاء للفقيه في [[الغيبة (توضيح)|عصر الغيبة]] ، وهكذا ما يكون من توابع القضاء كأخذ المدعى به من المحكوم | قال [[الميرزا النائيني|المرجع المحقق النائيني]](قدس سره): « لا إشكال في ثبوت منصب القضاء والإفتاء للفقيه في [[الغيبة (توضيح)|عصر الغيبة]]، وهكذا ما يكون من توابع القضاء كأخذ المدعى به من المحكوم عليه، وحبس الغريم المماطل، والتصرف في بعض الأمور الحسبية، كحفظ مال الغائب والصغير ونحو ذلك. وإنما الإشكال في ثبوت الولاية ».<ref>تقريرات أبحاثه- منية الطالب في شرح المكاسب للخوانساري ج2،ص:232</ref> | ||
وقال [[السيد الخوئي]](قدس سره)في كتاب الاجتهاد والتقليد/419: «وقد ذكرنا في الكلام على [[ولاية الفقيه]] من كتاب المكاسب أن الأخبار المستدل بها على الولاية المطلقة قاصرة السند أو | وقال [[السيد الخوئي]](قدس سره)في كتاب الاجتهاد والتقليد/419: «وقد ذكرنا في الكلام على [[ولاية الفقيه]] من كتاب المكاسب أن الأخبار المستدل بها على الولاية المطلقة قاصرة السند أو الدلالة، وتفصيل ذلك موكول إلى محله، نعم يستفاد من الأخبار المعتبرة أن للفقيه ولاية في موردين وهما الفتوى والقضاء، وأما ولايته في سائر الموارد فلم يدلنا عليها رواية تامة الدلالة والسند ». | ||
وفي صراط النجاة من فتاوى المرجعين [[السيد الخوئي]] و[[الميرزا التبريزي]](قدس سره) | وفي صراط النجاة من فتاوى المرجعين [[السيد الخوئي]] و[[الميرزا التبريزي]](قدس سره) | ||
يقول [[السيد الخوئي]]: أما الولاية على الأمور الحسبية كحفظ أموال الغائب | يقول [[السيد الخوئي]]: أما الولاية على الأمور الحسبية كحفظ أموال الغائب واليتيم، إذا لم يكن من يتصدى لحفظها كالولي أو نحوه، فهي ثابتة للفقيه الجامع للشرائط، وكذا الموقوفات التي ليس لها متولٍّ من قبل الواقف، والمرافعات فإن فصل الخصومة فيها بيد الفقيه، وأمثال ذلك، وأما الزائد على ذلك فالمشهور بين الفقهاء عدم الثبوت، والله العالم. <ref>ج1، ص:10</ref> | ||
ويقول [[الميرزا التبريزي]]: ذهب بعض فقهائنا إلى أن الفقيه العادل الجامع للشرائط نائب من قبل الإمام {{ع}} في حال [[الغيبة (توضيح)|الغيبة]] في جميع ما للنيابة فيه مدخل . | ويقول [[الميرزا التبريزي]]: ذهب بعض فقهائنا إلى أن الفقيه العادل الجامع للشرائط نائب من قبل الإمام {{ع}} في حال [[الغيبة (توضيح)|الغيبة]] في جميع ما للنيابة فيه مدخل. | ||
والذي نقول به هو أن الولاية على الأمور الحسبية بنطاقها | والذي نقول به هو أن الولاية على الأمور الحسبية بنطاقها الواسع، وهي كل ما علم أن الشارع يطلبه ولم يعين له مكلفاً خاصاً، ومنها بل أهمها إدارة نظام البلاد وتهيئة المعدات والإستعدادات للدفاع عنها، فإنها ثابتة للفقيه الجامع للشرائط، يرجع في تفصيله إلى كتابنا ( إرشاد الطالب ) وكذا للفقيه القضاء في المرافعات وفصل الخصومات. ». | ||
يقول في [[صراط النجاة (كتاب)|صراط النجاة]] :الأمور الحسبية هي الأمور التي لابد من حصولها في | يقول في [[صراط النجاة (كتاب)|صراط النجاة]] :الأمور الحسبية هي الأمور التي لابد من حصولها في الخارج، ولم يعين من يتوجه إليه التكليف بالخصوص، كما لو مات شخص ولم ينصب قيماً على الطفل أو المجنون، وكذا الحال في مال الغائب، والأوقاف والوصايا التي لاوصي لها وأمثال ذلك. فالقدر المتيقن للتصدي لها هو الفقيه الجامع للشرائط أو المأذون من قبله. هذا فيما كانت القاعدة في ذلك عدم جواز التصرف، كالأموال والأنفس والأعراض. وأما فيما كانت القاعدة جواز التصرف كالصلاة على الميت الذي لاولي له فإنه لا يحتاج إلى إذن الفقيه ولذا نلتزم بكونه واجباً كفائياً».<ref>صراط النجاة ج3،ص:358</ref> | ||
وقال [[الإمام الخميني|السيد الخميني]](قدس سره): «المستفاد من المقبولة كما ذكرناه هو أن الحكومة مطلقاً | وقال [[الإمام الخميني|السيد الخميني]](قدس سره): «المستفاد من المقبولة كما ذكرناه هو أن الحكومة مطلقاً للفقيه، وقد جعلهم الإمام حكاماً على الناس، ولا يخفى أن جعل القاضي من شؤون الحاكم والسلطان في الإسلام، فجعل الحكومة للفقهاء مستلزم لجواز نصب القضاة، فالحكام على الناس شأنهم نصب الأمراء والقضاة وغيرهما مما تحتاج إليه الأمة.<ref>الاجتهاد والتقليد،ص:53</ref> | ||
فالقول بأن الأخبار في مقام بيان وظيفتهم من حيث الأحكام الشرعية والقضاء بين الناس ساقط.. وتخصيصها بالقضاء لا وجه له بعد عموم اللفظ ومطابقة | فالقول بأن الأخبار في مقام بيان وظيفتهم من حيث الأحكام الشرعية والقضاء بين الناس ساقط.. وتخصيصها بالقضاء لا وجه له بعد عموم اللفظ ومطابقة الإعتبار، والإنصراف لو كان فهو بَدْوي، ينشأ من توهم كون مورد المقبولة هو القضاء ». | ||
وقال [[السيد الخامنئي]]: ولاية الفقيه في قيادة المجتمع وإدارة المسائل الإجتماعية في كل عصر وزمان من أركان [[الشيعة|المذهب الحق الإثني عشري]] ، ولها جذور في أصل [[الإمامة]].ومن أوصله الإستدلال إلى عدم القول بها فهو | وقال [[السيد الخامنئي]]: ولاية الفقيه في قيادة المجتمع وإدارة المسائل الإجتماعية في كل عصر وزمان من أركان [[الشيعة|المذهب الحق الإثني عشري]]، ولها جذور في أصل [[الإمامة]].ومن أوصله الإستدلال إلى عدم القول بها فهو معذور، ولكن لا يجوز له بث التفرقة والخلاف ».<ref>أجوبة الإستفتاءات ج1،ص:23 </ref> | ||
وقد أفتى النافون [[ولاية الفقيه|لولاية الفقيه]] بأنها مسألة فقهية | وقد أفتى النافون [[ولاية الفقيه|لولاية الفقيه]] بأنها مسألة فقهية محضة، تخص مقلدي المرجع القائل بها، ولا تشمل غيرهم.ففي صراط النجاة «: الفتوى عبارة عن الحكم الكلي الفرعي المستنبط من أدلته، وأما الحكم الولائي فهو لمن كانت له [[الولاية]] على الأمر والنهي في الأمور المباحة، والله العالم.<ref>صراط النجاة ج3،ص:336</ref> | ||
ويتصور البعض أن هذين الإتجاهين يستوجبان الصراع بين [[الشيعة]] ، لأن من يقولون [[ولاية الفقيه|بولاية الفقيه]] يرون أن الفقيه المتصدي له ولاية على جميع | ويتصور البعض أن هذين الإتجاهين يستوجبان الصراع بين [[الشيعة]]، لأن من يقولون [[ولاية الفقيه|بولاية الفقيه]] يرون أن الفقيه المتصدي له ولاية على جميع المسلمين، ويجب على المراجع ومقلديهم طاعته، ويجب دفع الخمس اليه دون غيره. | ||
بل يضيفون إن [[ولاية الفقيه]] متفرعة عن ولاية [[النبي صلّى الله عليه وآله و سلم|النبي]]{{صل}} و[[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] (عليهم السلام) | بل يضيفون إن [[ولاية الفقيه]] متفرعة عن ولاية [[النبي صلّى الله عليه وآله و سلم|النبي]]{{صل}} و[[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] (عليهم السلام) ، فهي لذلك مسألة عقائدية، وليست فقهية محضة، كما يقول أصحاب الإتجاه الثاني. | ||
لكن الفقهاء توصلوا عملياً الى التعايش الأخوي بين أصحاب | لكن الفقهاء توصلوا عملياً الى التعايش الأخوي بين أصحاب الإتجاهين، فكل منهما يعذر الآخر في اجتهاده، و[[الولي الفقيه]] يطاع في البلد الذي يحكم فيه. | ||
كما أن الفقيه ولي الأمر تعامل مع المقلدين لغيره بسعة | كما أن الفقيه ولي الأمر تعامل مع المقلدين لغيره بسعة صدر، فهم يرجعون الى مراجعهم فيما يتعلق [[ولاية الفقيه|بولاية الفقيه]]، ويدفعون اليهم الحقوق الشرعية. | ||
كنموذج لذلك العلاقة الطيبة بين المرجعين [[السيد السيستاني]] و[[السيد الخامنئي]] | كنموذج لذلك العلاقة الطيبة بين المرجعين [[السيد السيستاني]] و[[السيد الخامنئي]] ، والتي انعكست بين مقلديهما، مع أن [[السيد الخامنئي]] يقول [[ولاية الفقيه|بولاية الفقيه]] المطلقة، و[[السيد السيستاني]] لا يقول بها، وقد أفتى بأن يحكم الشعب [[العراق|العراقي]] نفسه عن طريق الإنتخابات، وأعطى الشرعية لمن ينتخبه الشعب، ونصح العلماء وطلبة العلم أن لايدخلوا في الحكم ومؤسساته، إلا بقد الضرورة التشريعية أحياناً. | ||
==المرجع ليس مديناً لأي دولة أو جهة== | ==المرجع ليس مديناً لأي دولة أو جهة== | ||
تبدأ مرجعية المرجع عادة عندما يبرز إسمه في [[الحوزة العلمية]] كفقيه متمكن وأستاذ يلقي بحوث الخارج. وهي محاضرات في الفقه وأصول الفقه، وربما كانت في غيرهما، يطرح فيها الفقيه المسألة ويعرض فيها آراء الفقهاء ويحاكمها ويثبت رأيه فيها. وسميت بحوث الخارج مقابل السطوح التي هي دراسة كتب مقررة معمقة في الفقه وأصول الفقه، وغيرهما من العلوم. | |||
وينتشر تقليد المرجع عادة بعد وفاة مرجع التقليد السابق، حيث يسأل الناس عمن يقلدونه، فيشهد [[أهل الخبرة]] من الفضلاء وطلبة الحوزة بأعلمية هذا الفقيه وتقواه، فيعتمد الناس على شهادتهم ويقلدونه. | |||
فالمرجع خبير في الشريعة الإسلامية على [[الشيعة|مذهب أهل البيت]] {{ع}} بل هو كبير الخبراء وأعلم الفقهاء. والميزان فيه علمه وتقواه، وعدالته، ولا اعتبار فيه لقومية أو بلد، فكل عالم [[الشيعة|شيعي]] من أي بلد وقومية وصل الى هذه المرتبة، واستوفى بقية الشروط تكون [[المرجعية الدينية|مرجعية الشيعة]] من حقه بل من واجبه. | |||
ومرجعيته ليست مدينة لدولة ولا لجهاز إعلام، بل مدينة للإنسان [[الشيعة|الشيعي]] الذي اختاره مرجعاً له يأخذ منه الفتاوى والتوجيهات، ويصرف حقوقه الشرعية حسب فتواه وإجازته. | |||
وبهذا فإن [[المرجعية الدينية|المرجعية]] عند [[الشيعة]] شعبية بالكامل، تتم باختيار الفقهاء لأحد المراجع الذين يعتقدون أعلميته. | |||
وبهذا فإن [[المرجعية الدينية|المرجعية]] عند [[الشيعة]] شعبية | |||
==لماذا يقدس الشيعة مراجعهم ؟== | ==لماذا يقدس الشيعة مراجعهم ؟== | ||
تختلف نظرة [[الشيعة]] الى أئمتهم عن نظرة بقية المذاهب الى خلفائهم وصحابتهم وأئمة مذاهبهم وعلمائهم . | تختلف نظرة [[الشيعة]] الى أئمتهم عن نظرة بقية المذاهب الى خلفائهم وصحابتهم وأئمة مذاهبهم وعلمائهم. | ||
[[الشيعة|فالشيعة]] أكثر أحتراماً وحباً وتقديساً [[الأئمة الإثني عشر|لأئمتهم الإثني عشر]] {{ع}}؛ لأنهم يعتقدون أنهم مختارون من الله تعالى، وأنهم حجج الله على خلقه، اصطفاهم وأعطاهم من العلم والصفات ما جعلهم قدوة في كل الأمور. فترى [[الشيعة|الشيعي]] يهيم حباً [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|بالإمام المعصوم]]{{ع}}، ويحب أن يعرف كليات سيرته | [[الشيعة|فالشيعة]] أكثر أحتراماً وحباً وتقديساً [[الأئمة الإثني عشر|لأئمتهم الإثني عشر]] {{ع}}؛ لأنهم يعتقدون أنهم مختارون من الله تعالى، وأنهم حجج الله على خلقه، اصطفاهم وأعطاهم من العلم والصفات ما جعلهم قدوة في كل الأمور. فترى [[الشيعة|الشيعي]] يهيم حباً [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|بالإمام المعصوم]]{{ع}}، ويحب أن يعرف كليات سيرته وجزئياتها، وأن يدرس أقواله وأفعاله، ويتعلم من مشاعره وتصرفاته. | ||
وتراه يقدس [[المعصومون الاربعة عشر|المعصوم]]{{ع}}ويتبرك بكل آثاره وما يتصل | وتراه يقدس [[المعصومون الاربعة عشر|المعصوم]]{{ع}}ويتبرك بكل آثاره وما يتصل به، ويتوسل به الى ربه في أدعيته، وينذر له النذور، ويقيم المجالس لذكرى وفاته ومولده، ويحرص على زيارة قبره والتبرك به و[[الصلاة]] و[[الدعاء]] عنده، وقد يقصد زيارته ماشياً على قدميه مع زوجته وأطفاله، لعشرات الكيلو مترات أو مئاتها. | ||
وينظر [[الشيعة|الشيعي]] الى مراجعه وعلمائه باحترام | وينظر [[الشيعة|الشيعي]] الى مراجعه وعلمائه باحترام وتقديس، أكثر من احترام بقية المذاهب وتقديسهم لكبار علمائهم، فهو يعظم المرجع ويبجله، ويأخذ بفتواه وتوجيهه، ويقبل يده ويتبرك به، ويطلب منه أن يدعو له، ويعتقد بأن بركة [[أهل البيت]] {{ع}} شملته لارتباطه القوي بهم. وكذلك ينظر [[الشيعة|الشيعي]] باحترام الى العلماء والخطباء والمؤلفين الذين يخدمون [[أهل البيت]]{{ع}} . | ||
لكن تقديسه للمراجع بسبب أنهم فقهاء | لكن تقديسه للمراجع بسبب أنهم فقهاء أتقياء، يحملون علم [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] {{ع}} ويهتدون بهديهم، ويعلمونه فقههم وسيرتهم. وليس بسبب أنهم بأنفسهم [[أئمة الشيعة|أئمة]] أو [[المعصومون الأربعة عشر|معصومون]]، [[العصمة|فالعصمة]] مختصة [[الأئمة الإثني عشر|بالأربعة عشر]]{{ع}} وهم [[النبي صلّى الله عليه وآله و سلم|النبي]] و[[فاطمة الزهراء|فاطمة]] و[[الأئمة الإثني عشر]] {{ع}}، ولا [[العصمة|عصمة]] لغيرهم.فقد يخطئ المرجع ويناقشه مقلده ! | ||
بل لايصح عند [[الشيعة|الشيعي]] أن يقاس [[المعصومون الأربعة عشر|بالمعصومين]] {{ع}} | بل لايصح عند [[الشيعة|الشيعي]] أن يقاس [[المعصومون الأربعة عشر|بالمعصومين]] {{ع}} غيرهم، لأن [[المعصومون الأربعة عشر|المعصومين]] لا يقاس به غير المعصوم. | ||
ويخطئ بعض الناس فيتصورون أن [[الشيعة]] يجعلون مراجعهم وعلماءهم [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|معصومين كالأئمة]] {{ع}} | ويخطئ بعض الناس فيتصورون أن [[الشيعة]] يجعلون مراجعهم وعلماءهم [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|معصومين كالأئمة]] {{ع}} ، بينما الفرق كبير جداً في عقيدة [[الشيعة|الشيعي]]، بين المحترمين غير المعصومين من العلماء والمراجع، وبين [[المعصومون الأربعة عشر|المعصومين الأربعة عشر]]{{ع}} . | ||
بل ترى [[الشيعة]] ينتقدون [[الغلو]] التي قد يرتكبه البعض في حق العالم أو | بل ترى [[الشيعة]] ينتقدون [[الغلو]] التي قد يرتكبه البعض في حق العالم أو المرجع، فيقولون له: إن [[العصمة|عصمة]] غير [[العصمة|المعصوم]] يساوي سلب [[العصمة]] عن [[العصمة|المعصوم]] ! | ||
==7- لماذا لايجعل الشيعة المرجعية مؤسسة كالفاتيكان ؟== | ==7- لماذا لايجعل الشيعة المرجعية مؤسسة كالفاتيكان ؟== | ||
يتصور البعض أن وضع [[المرجعية الدينية|المرجعية]] الفعلي غير صحيح لأنه يجعلها متوقفة على شخص | يتصور البعض أن وضع [[المرجعية الدينية|المرجعية]] الفعلي غير صحيح لأنه يجعلها متوقفة على شخص المرجع، فهو الذي يبني كيانها ومؤسساتها، حتى إذا توفي انتهى ذلك وترك تلك المؤسسات بأيدي القيمين الذين نصبهم متولين عليها، من أولاده أو غيرهم، وكان على المرجع التالي أن يبدأ من الصفر..وهكذا ! | ||
ويقولون لماذا لا نجعل [[المرجعية الدينية|المرجعية]] مؤسسة [[الفاتيكان|كالفاتيكان]] ، فيكون لها هيئة عامة من علماء [[الشيعة]] في | ويقولون لماذا لا نجعل [[المرجعية الدينية|المرجعية]] مؤسسة [[الفاتيكان|كالفاتيكان]]، فيكون لها هيئة عامة من علماء [[الشيعة]] في العالم، عددهم 100 عالم مثلاً، كمجلس الكرادلة العالمي الذي يجتمع بعد وفاة [[البابا]] ويختار خلفاً له. | ||
وبذلك تبقى مؤسسات المرجعية وجهود المرجع السابق | وبذلك تبقى مؤسسات المرجعية وجهود المرجع السابق محفوظة، ويتسلمها المرجع الجديد ويواصل عمله، دون أن يحتاج الى تأسيس من الصفر. | ||
لكن علماء [[الشيعة]] لايقبلون هذا الطرح لأسباب: | لكن علماء [[الشيعة]] لايقبلون هذا الطرح لأسباب: | ||
'''منها''': أن جهود المراجع السابقين لا تذهب بوفاتهم كما يتصور | '''منها''': أن جهود المراجع السابقين لا تذهب بوفاتهم كما يتصور البعض، بل يستفيد منها المرجع الجديد في عمله. | ||
و'''منها''': أن الدول سوف تتدخل في أي مجلس عالمي مقترح لعلماء [[الشيعة]] ، وستعين غير المؤهلين وتستبعد المؤهلين! | و'''منها''': أن الدول سوف تتدخل في أي مجلس عالمي مقترح لعلماء [[الشيعة]]، وستعين غير المؤهلين وتستبعد المؤهلين! | ||
ثم تتدخل في اختيار المرجع الجديد فتختار غير المؤهل وتستبعد المؤهل . والتدخل السياسي يفقد [[المرجعية الدينية|المرجعية]] أهم | ثم تتدخل في اختيار المرجع الجديد فتختار غير المؤهل وتستبعد المؤهل. والتدخل السياسي يفقد [[المرجعية الدينية|المرجعية]] أهم صفاتها، وهو استقلالها عن السياسة والحكومات، حتى الحكومات [[الشيعة|الشيعية]] ! | ||
كما أن هذا الطرح لايلبي الحاجة الى | كما أن هذا الطرح لايلبي الحاجة الى التقليد، لأن المذهب [[الشيعة|الشيعي]] جعل اختيار المرجع من حق المكلف وواجبه، ودور العلماء هو الشهادة بفقاهة هذا المرجع وعدالته وأعلميته، وتبقى المسألة متوقفة على قناعة الإنسان [[الشيعة|الشيعي]]. | ||
فلو شكل [[الشيعة]] مجلس علماء عالمي واختار هذا المجلس | فلو شكل [[الشيعة]] مجلس علماء عالمي واختار هذا المجلس مرجعاً، ثم لم يقتنع به الناس في هذا البلد أو ذاك، أو هذه القرية أو تلك، واقتنعوا بأن فلاناً هو الأعلم والأفقه من المرجع الذي انتخبه المجلس العالمي، فيجب عليهم أن يقلدوه، ولا يجوز لهم تقليد المرجع المنتخب ! | ||
ومعنى ذلك أنه سيكون [[الشيعة|للشيعة]] مرجعا | ومعنى ذلك أنه سيكون [[الشيعة|للشيعة]] مرجعا رسميا، ومرجع آخر شعبي أو أكثر اختارهم الناس مقابله ! | ||
لذلك كان الواجب ترك [[المرجعية الدينية|المرجعية]] لعملية الإنتخاب | لذلك كان الواجب ترك [[المرجعية الدينية|المرجعية]] لعملية الإنتخاب الطبيعي، فهو الذي يضمن استقلالها عن السياسة، وتضمن حرية اختيار الإنسان [[الشيعة|الشيعي]] لمرجعه. | ||
ومن هنا نتعرف على أحد أهم امتيازات [[المرجعية الدينية|المرجعية]] عند [[الشيعة]] ، وهو أن المذهب [[الشيعة|الشيعي]] ربطها باختيار | ومن هنا نتعرف على أحد أهم امتيازات [[المرجعية الدينية|المرجعية]] عند [[الشيعة]]، وهو أن المذهب [[الشيعة|الشيعي]] ربطها باختيار المكلف، بينما ربطتها مرجعيات المذاهب الأخرى بتعيين الحاكم، أو المجالس الواقعة تحت سيطرة الحاكم. | ||
==8- النظام المالي للمرجعية الدينية والمؤسسات التابعة لها== | ==8- النظام المالي للمرجعية الدينية والمؤسسات التابعة لها== | ||
المرجع ابن [[الحوزة العلمية]] ، فقد درس ودرَّس فيها. و[[الحوزة العلمية]] إسم لمركز فيه مدارس وطلبة يَدرسون علوم الدين، فهو يساوي الجامعة العلمية أو الحاضرة العلمية، وربما تسمى المدرسة الواحدة في بلد [[الحوزة العلمية|بالحوزة العلمية]] . | المرجع ابن [[الحوزة العلمية]]، فقد درس ودرَّس فيها. و[[الحوزة العلمية]] إسم لمركز فيه مدارس وطلبة يَدرسون علوم الدين، فهو يساوي الجامعة العلمية أو الحاضرة العلمية، وربما تسمى المدرسة الواحدة في بلد [[الحوزة العلمية|بالحوزة العلمية]]. | ||
وأكبر حوزتين عند [[الشيعة]]: حوزة [[النجف الأشرف]] و[[قم المقدسة]] ، وتضم كل منها ألوفاً مؤلفة من | وأكبر حوزتين عند [[الشيعة]]: حوزة [[النجف الأشرف]] و[[قم المقدسة]]، وتضم كل منها ألوفاً مؤلفة من الطلبة، والعديد من كبار العلماء، وعدداً من الفقهاء، ومن بين هؤلاء يبرز كبار الفقهاء، ويكونون مراجع. | ||
وتضم الحوزة مؤسسات علمية وأوقافاً | وتضم الحوزة مؤسسات علمية وأوقافاً عديدة، كالمدارس، والمكتبات، وبيوت سكن للطلبة، والعلماء، وغيرها. | ||
والطابع العام لإدارة هذه الأوقاف:احترام إرادة الواقف ومتولي الوقف | والطابع العام لإدارة هذه الأوقاف:احترام إرادة الواقف ومتولي الوقف فيها، وغالباً ما تشترط وقفيتها إشراف المرجع العام، أي الذي يرجع اليه أكثرية [[الشيعة]] في العالم، والذي يحترم رأيه وتوجيهاته في إدارة [[الحوزة العلمية|الحوزة]] وطلبتها. | ||
ويقوم المرجع عادة برعاية هذه الأوقاف ومساعدتها | ويقوم المرجع عادة برعاية هذه الأوقاف ومساعدتها مالياً، لتواصل العمل لهدفها الذي نصت عليه وقفيتها.كما يقوم بتأسيس المشروعات اللازمة للحوزة من مدارس أو مساكن أو مكتبات. | ||
أما المشروعات في بلاد [[الشيعة]] ، فغالباً ما يقوم بها علماء أو أشخاص من أهل | أما المشروعات في بلاد [[الشيعة]]، فغالباً ما يقوم بها علماء أو أشخاص من أهل الخير، ويساندهم المرجع معنوياً، ويعطيهم إجازة بصرف قسم من الحقوق الشرعية التي في ذمة مقلديه في مصارف هذه المشروعات. | ||
وعمدة مالية [[المرجعية الدينية|المرجعية]] [[الخمس|الأخماس]] التي يدفعها [[الشيعة]] | وعمدة مالية [[المرجعية الدينية|المرجعية]] [[الخمس|الأخماس]] التي يدفعها [[الشيعة]] تطوعاً، لأنها فريضة شرعية، وهي عشرون بالمئة مما زاد على مصارف الإنسان سنوياً. | ||
والذين يؤدونها هم [[الشيعة]] ، وتعطى الى وكلاء المرجع في | والذين يؤدونها هم [[الشيعة]]، وتعطى الى وكلاء المرجع في مناطقهم، أو ترسل الى المرجع مباشرة، وكثيراً ما يستجيز منه صاحب [[الخمس]] أو عالم المنطقة، أن يصرف الخمس أو قسماً منه على مصارفه في منطقته. | ||
كما يقوم المرجع بصرف ما يصله من الخمس في مصارفه المحددة | كما يقوم المرجع بصرف ما يصله من الخمس في مصارفه المحددة شرعاً، وهي المحتاجون من السادة [[بني هاشم]] أعزهم الله، وحاجات [[الحوزة العلمية|الحوزات العلمية]] من شؤون المدارس، والمكتبات، ومساعدات الطلبة، والمبلغين، والمساجد، و[[الحسينيات]]. | ||
== الهوامش== | == الهوامش== |