مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «غزوة بني المصطلق»
ط
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Ali110110 |
imported>Ali110110 طلا ملخص تعديل |
||
سطر ٩: | سطر ٩: | ||
وبنو المصطلق قبل مجيء [[الإسلام]]، كانت تقطن بمّر [[الظهران]]، وهذه المنطقة بينها وبين [[مكة]] ثلاثة عشر ميلاً، وهي تقدر بحوالي 80 كيلو متر.<ref>المناسك للحربي، ص465.</ref> | وبنو المصطلق قبل مجيء [[الإسلام]]، كانت تقطن بمّر [[الظهران]]، وهذه المنطقة بينها وبين [[مكة]] ثلاثة عشر ميلاً، وهي تقدر بحوالي 80 كيلو متر.<ref>المناسك للحربي، ص465.</ref> | ||
تأخر إسلام بني المصطلق شأن القبائل التهامية المجاورة [[قريش|لقريش]]؛ وذلك لما كان لقريش من السيطرة والحرمة في نفوس القبائل بحكم كونهم سكان [[الحرم]]، وحماة [[الحرم المكي|بيت الله]] الأمين، فكانت القبائل تنظر إليهم نظرة احترام وتوقير، وكانوا ينظرون ماذا تصنع مع [[رسول الله]] | تأخر إسلام بني المصطلق شأن القبائل التهامية المجاورة [[قريش|لقريش]]؛ وذلك لما كان لقريش من السيطرة والحرمة في نفوس القبائل بحكم كونهم سكان [[الحرم]]، وحماة [[الحرم المكي|بيت الله]] الأمين، فكانت القبائل تنظر إليهم نظرة احترام وتوقير، وكانوا ينظرون ماذا تصنع مع [[رسول الله]] (ص)، إذ إن رسول الله {{صل}} منهم، فهم أعرف به من غيرهم، ولما لم يحصل منهم الإذعان لدعوة الرسول {{صل}} كان ذلك داعياً للقبائل المجاورة إلى عدم الاستجابة للرسول {{صل}}، لا سيما ما كان بين قريش وبين القبائل المجاورة من تبادل المنافع والمصالح، وخاصة [[قبيلة خزاعة]] - ومنهم بنو المصطلق - بحسب موقعهم الجغرافي إذ كانت قبيلة بني المصطلق على طريق قريش التجارية إلى [[الشام]]، مما جعلها تتأخر في إعلان إسلامها، حفاظاً على مصالحها. ولكن الرسول {{صل}} كان يأمن جانبها بحكم كونها فرعاً من خزاعة التي كانت محل عناية ونصح للرسول صلى الله عليه وسلم، رغم عدم دخولها في الإسلام.<ref>مرويات غزوة بني المصطلق ص63.</ref> | ||
== الزمان والمكان == | == الزمان والمكان == | ||
سطر ٣٣: | سطر ٣٣: | ||
== أحداث المعركة == | == أحداث المعركة == | ||
خرج رسول الله ص من [[المدينة]] لمباغتة بني المصطلق، فخلف عليها "[[أبو ذر الغفاري|أبا ذر الغفاري]]"،<ref>البداية والنهاية، ج4، ص156.</ref> وقيل "[[زيد بن حارثة]]"،<ref>تاريخ الإسلام، ج2، ص144.</ref> وسار حتى بلغ ماءً لهم يقال له "المريسيع" بناحية "قُديد"،<ref>الكامل في التاريخ، ج2، ص76.</ref> فتزاحم الناس، واقتتلوا قتالاً شديداً، فهزم [[الله]] بني المصطلق، وقتل من قتل منهم.<ref>تاريخ الطبري، ج2، ص604.</ref> وكان شعار [[المسلمين]] في هذه المعركة هو’’ يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ".<ref>مرويات غزوة بني المصطلق، ص109.</ref> | خرج رسول الله (ص) من [[المدينة]] لمباغتة بني المصطلق، فخلف عليها "[[أبو ذر الغفاري|أبا ذر الغفاري]]"،<ref>البداية والنهاية، ج4، ص156.</ref> وقيل "[[زيد بن حارثة]]"،<ref>تاريخ الإسلام، ج2، ص144.</ref> وسار حتى بلغ ماءً لهم يقال له "المريسيع" بناحية "قُديد"،<ref>الكامل في التاريخ، ج2، ص76.</ref> فتزاحم الناس، واقتتلوا قتالاً شديداً، فهزم [[الله]] بني المصطلق، وقتل من قتل منهم.<ref>تاريخ الطبري، ج2، ص604.</ref> وكان شعار [[المسلمين]] في هذه المعركة هو’’ يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ".<ref>مرويات غزوة بني المصطلق، ص109.</ref> | ||
ونفّل رسول الله ص أبناءهم ونساءهم وأموالهم، فأفاءهم عليه، وقد أصيب رجل من المسلمين من بني كلب بن عوف بن عامر بن ليث بن بكر، يقال له: هشام بن صبابة، أصابه رجل من [[الأنصار]] من رهط [[عبادة بن الصامت]]، وهو يرى أنه من العدو، فقتله خطأ.<ref>مرويات غزوة بني المصطلق، ص106.</ref> | ونفّل رسول الله (ص) أبناءهم ونساءهم وأموالهم، فأفاءهم عليه، وقد أصيب رجل من المسلمين من بني كلب بن عوف بن عامر بن ليث بن بكر، يقال له: هشام بن صبابة، أصابه رجل من [[الأنصار]] من رهط [[عبادة بن الصامت]]، وهو يرى أنه من العدو، فقتله خطأ.<ref>مرويات غزوة بني المصطلق، ص106.</ref> | ||
وكان رسول الله {{صل}}، قد أصاب منهم سبياً كثيراً، قسّمه في المسلمين، وكان فيمن أصيب يومئذ من السبايا [[جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار]] زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.<ref>سيرة ابن هشام، ج2، ص290 - 293.</ref> | وكان رسول الله {{صل}}، قد أصاب منهم سبياً كثيراً، قسّمه في المسلمين، وكان فيمن أصيب يومئذ من السبايا [[جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار]] زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.<ref>سيرة ابن هشام، ج2، ص290 - 293.</ref> | ||
سطر ٤٦: | سطر ٤٦: | ||
وابتداء هذا الأمر، أن غلامين أحدهما من [[الأنصار]] والآخر من [[المهاجرين]] تشاجرا على الماء، فصرخ الأنصاري: "يا معشر الأنصار". وصرخ المهاجري: "يا معشر المهاجرين". فغضب "[[عبد الله بن أبي بن سلول]]"، وكان ممن حضر الغزوة، فقال: "أوقد فعلوها، قد نافرونا، وكاثرونا في بلادنا، و[[الله]] ما أعدنا وجلابيب [[قريش]] إِلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إِلى [[المدينة]] ليخرجن الأعز منها الأذل"، ثم أقبل على من حضره منْ قومه فقال لهم: "هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إِلى غير داركم".<ref>سيرة ابن هشام، ج2، ص139.</ref> | وابتداء هذا الأمر، أن غلامين أحدهما من [[الأنصار]] والآخر من [[المهاجرين]] تشاجرا على الماء، فصرخ الأنصاري: "يا معشر الأنصار". وصرخ المهاجري: "يا معشر المهاجرين". فغضب "[[عبد الله بن أبي بن سلول]]"، وكان ممن حضر الغزوة، فقال: "أوقد فعلوها، قد نافرونا، وكاثرونا في بلادنا، و[[الله]] ما أعدنا وجلابيب [[قريش]] إِلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إِلى [[المدينة]] ليخرجن الأعز منها الأذل"، ثم أقبل على من حضره منْ قومه فقال لهم: "هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إِلى غير داركم".<ref>سيرة ابن هشام، ج2، ص139.</ref> | ||
فسمع ذلك [[زيد بن أرقم]]، فأبلغ [[رسول الله]] {{صل}} به، فأشار [[عمر]] على رسول الله ص بقتله، فقال له رسول الله: "فكيف يا عمر إِذا تحدث الناس أن محمدًا يقتل [[الصحابة|أصحابه]]، لا. ولكن أذِّن بالرحيل حتى ينشغل الناس عن حديث ابن سلول".<ref>طبقات ابن سعد، ج2، ص65.</ref> | فسمع ذلك [[زيد بن أرقم]]، فأبلغ [[رسول الله]] {{صل}} به، فأشار [[عمر]] على رسول الله (ص) بقتله، فقال له رسول الله: "فكيف يا عمر إِذا تحدث الناس أن محمدًا يقتل [[الصحابة|أصحابه]]، لا. ولكن أذِّن بالرحيل حتى ينشغل الناس عن حديث ابن سلول".<ref>طبقات ابن سعد، ج2، ص65.</ref> | ||
ثم أنزل [[الله]] سبحانه وتعالى [[سورة المنافقين]] في طريق عودة المسلمين إِلى [[المدينة]]، تفضح ابن سلول ومن كان على شاكلته من المنافقين، فجاء "عبد الله" بن عبد الله بن أبي بن سلول إِلى رسول الله يستأذنه في قتل أبيه، فقال له النبي {{صل}}: "بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا".<ref>سيرة ابن هشام، ج2، ص194.</ref> | ثم أنزل [[الله]] سبحانه وتعالى [[سورة المنافقين]] في طريق عودة المسلمين إِلى [[المدينة]]، تفضح ابن سلول ومن كان على شاكلته من المنافقين، فجاء "عبد الله" بن عبد الله بن أبي بن سلول إِلى رسول الله يستأذنه في قتل أبيه، فقال له النبي {{صل}}: "بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا".<ref>سيرة ابن هشام، ج2، ص194.</ref> | ||
سطر ٥٥: | سطر ٥٥: | ||
وقصة هذه الحادثة، أنّ [[عائشة]] كانت مع [[رسول الله]] {{صل}} في غزوة بني المصطلق، فلما انتهت الغزوة أذن رسول الله {{صل}} بالرحيل بعد الفتنة التي وقعت بين المهاجرين والأنصار، وفي إِحدى مراحل الطريق رَحَل القوم ليلًا، فجاء الرجال الموكلون برحلها فحملوا الهودج ويظنوها به بينما هي قد ذهبت تقضي حاجتها، وفقدت عقدًا لها فأخذت تبحث عنه، فلما عادت عائشة وجدت الناس قد ارتحلوا، فجلست في مكانها لعلمها أنهم إِذا فقدوها سيرجعون إِليها. | وقصة هذه الحادثة، أنّ [[عائشة]] كانت مع [[رسول الله]] {{صل}} في غزوة بني المصطلق، فلما انتهت الغزوة أذن رسول الله {{صل}} بالرحيل بعد الفتنة التي وقعت بين المهاجرين والأنصار، وفي إِحدى مراحل الطريق رَحَل القوم ليلًا، فجاء الرجال الموكلون برحلها فحملوا الهودج ويظنوها به بينما هي قد ذهبت تقضي حاجتها، وفقدت عقدًا لها فأخذت تبحث عنه، فلما عادت عائشة وجدت الناس قد ارتحلوا، فجلست في مكانها لعلمها أنهم إِذا فقدوها سيرجعون إِليها. | ||
فجاء [[صفوان بن المعطل السلمي]] في الصباح، على راحلته، وكان قد أخذه النوم فتأخر عن الجيش، فلما رأى عائشة، قال: "إِنا لله وإِنا إِليه راجعون"، ثم قرب إِليها راحلته فركبت وسار بها حتى لحق الجيش، فلما رأى المنافقون هذا المنظر، تكلموا في عِرض رسول الله ص واستطالوا في ذلك وزَلَّت بعض الأقدام. | فجاء [[صفوان بن المعطل السلمي]] في الصباح، على راحلته، وكان قد أخذه النوم فتأخر عن الجيش، فلما رأى عائشة، قال: "إِنا لله وإِنا إِليه راجعون"، ثم قرب إِليها راحلته فركبت وسار بها حتى لحق الجيش، فلما رأى المنافقون هذا المنظر، تكلموا في عِرض رسول الله (ص) واستطالوا في ذلك وزَلَّت بعض الأقدام. | ||
ثم نزل [[الوحي]] ببراءة عائشة فاضحًا [[النفاق|المنافقين]] الذين تطاولوا على عرض رسول الله ص قال تعالى: {{قرآن|إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}}<ref>سورة النور: الآية: 11.</ref> | ثم نزل [[الوحي]] ببراءة عائشة فاضحًا [[النفاق|المنافقين]] الذين تطاولوا على عرض رسول الله (ص) قال تعالى: {{قرآن|إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}}<ref>سورة النور: الآية: 11.</ref> | ||
وقد بينت [[الآيات]] في [[سورة النور]] حقيقة ما حصل، والآداب التي ينبغي للمسلمين أن يتأدبوا بها في مثل هذه الحوادث. | وقد بينت [[الآيات]] في [[سورة النور]] حقيقة ما حصل، والآداب التي ينبغي للمسلمين أن يتأدبوا بها في مثل هذه الحوادث. |