انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الضرورات الدينية»

لا يوجد ملخص تحرير
imported>Ali110110
طلا ملخص تعديل
imported>Alkazale
لا ملخص تعديل
سطر ٦: سطر ٦:
إنّ لفظ الضرورة الدينية لم يرد في [[القرآن الكريم]] ولا في [[الأحاديث]] الشريفة، أو حتى في المتون الفقهية القديمة، وإنما هو - على الأرجح - مصطلح فقهي مُستفاد ومنتزع من مضمون بعض [[السنة|النصوص الروائية]] والتي فهم بعض [[الفقهاء]] منها ذلك، وقد أدخلوا تحت هذا العنوان الكثير من الحالات والمصاديق والتي اعتبروا منكرها [[كافر|كافراً]] وخارجاً عن [[الدين الإسلامي|الملة]].
إنّ لفظ الضرورة الدينية لم يرد في [[القرآن الكريم]] ولا في [[الأحاديث]] الشريفة، أو حتى في المتون الفقهية القديمة، وإنما هو - على الأرجح - مصطلح فقهي مُستفاد ومنتزع من مضمون بعض [[السنة|النصوص الروائية]] والتي فهم بعض [[الفقهاء]] منها ذلك، وقد أدخلوا تحت هذا العنوان الكثير من الحالات والمصاديق والتي اعتبروا منكرها [[كافر|كافراً]] وخارجاً عن [[الدين الإسلامي|الملة]].


كما أن مفهوم الضرورة الدينية كمصطلح فقهي يُعد مفردة متأخرة جاءت في زمن [[المحقق الحلي]] ([[سنة 602 للهجرة|602]] - [[السنة 676 للهجرة|676 هـ]]) وما بعده، لكنها موجودة بمعناها في كلام بعض قدماء [[الفقهاء|فقهاء]] [[الشيعة]] أمثال [[الشيخ الطوسي]]، وأكثر تعاريف الضرورة الدينية إنما وردت في كلام المتأخرين منهم من قبيل [[العلامة المجلسي]](قده)<ref>المجلسي، حق الیقین، ص559.</ref> و[[المقدس الأردبيلي]]، ومن المعاصرين الشيخ [[محمد رضا المظفر]] والذي قام  في بعض آثاره بتعريفها.<ref>راجع: أصول الفقه، محمد رضا المظفر، ج2، ص92 </ref>
كما أن مفهوم الضرورة الدينية كمصطلح فقهي يُعد مفردة متأخرة جاءت في زمن [[المحقق الحلي]] ([[سنة 602 للهجرة|602]] - [[السنة 676 للهجرة|676 هـ]]) وما بعده، لكنها موجودة بمعناها في كلام بعض قدماء [[الفقهاء|فقهاء]] [[الشيعة]] أمثال [[الشيخ الطوسي]]، وأكثر تعاريف الضرورة الدينية إنما وردت في كلام المتأخرين منهم من قبيل [[العلامة المجلسي]](قده)<ref>المجلسي، حق الیقین، ص 559.</ref> و[[المقدس الأردبيلي]]، ومن المعاصرين الشيخ [[محمد رضا المظفر]] والذي قام  في بعض آثاره بتعريفها.<ref>راجع: أصول الفقه، محمد رضا المظفر، ج 2، ص 92. </ref>


==مفهوم الضرورة الدينية==
==مفهوم الضرورة الدينية==
اختلفت كلمات العلماء في تحديد الضابطة العلمية لمفهوم الضرورة الدينية ومعناها إلى عدة آراء ونظريات، ومن خلال مراجعة بعض المصادر الفقهية يمكن إعطاء معنى واضح وجامع للضرورة الدينية:
اختلفت كلمات العلماء في تحديد الضابطة العلمية لمفهوم الضرورة الدينية ومعناها إلى عدة آراء ونظريات، ومن خلال مراجعة بعض المصادر الفقهية يمكن إعطاء معنى واضح وجامع للضرورة الدينية:


فمثلاً الشيخ [[الطوسي]] يرى أن ضروري الدين: (لا يختلف العقلاء فيه، بل يتفقون عليه، ولذلك لا يختلفون في أن الواحد لا يكون أكثر من اثنين وأن الشبر لا يطابق الذراع».<ref>الطوسي، محمد بن الحسن، الاقتصاد الهادي إلی طریق الرشاد، ص10</ref>؛ أي هو الأمر الذي لا اختلاف فيه، كما أنه لا يحتاج في حصوله إلى كسب ونظر.
فمثلاً الشيخ [[الطوسي]] يرى أن ضروري الدين: (لا يختلف العقلاء فيه، بل يتفقون عليه، ولذلك لا يختلفون في أن الواحد لا يكون أكثر من اثنين وأن الشبر لا يطابق الذراع».<ref>الطوسي، محمد بن الحسن، الاقتصاد الهادي إلی طریق الرشاد، ص 10.</ref>، أي هو الأمر الذي لا اختلاف فيه، كما أنه لا يحتاج في حصوله إلى كسب ونظر.
   
   
وأمَّا [[المقدس الأردبيلي]] فقد ذهب في كتابه [[مجمع الفائدة والبرهان]] من أنّ: (المراد بالضروري الذی یکفَّر منکره الذي ثبت عنده یقیناً کونه من الدین ولو کان بالبرهان، ولم یکن مجمعاً علیه»<ref>المقدس الأردبیلي، أحمد، مجمع الفائدة والبرهان فی شرح إرشاد الأذهان، ج 3، ص199.</ref> فملاك الضروري لديه هو الأمر الثابت يقيناً من الدين ولو [[البرهان|بالبرهان]].
وأمَّا [[المقدس الأردبيلي]] فقد ذهب في كتابه [[مجمع الفائدة والبرهان]] من أنّ: (المراد بالضروري الذی یکفَّر منکره الذي ثبت عنده یقیناً کونه من الدین ولو کان بالبرهان، ولم یکن مجمعاً علیه»<ref>المقدس الأردبیلي، أحمد، مجمع الفائدة والبرهان فی شرح إرشاد الأذهان، ج 3، ص 199.</ref> فملاك الضروري لديه هو الأمر الثابت يقيناً من الدين ولو [[البرهان|بالبرهان]].


كما عُرفت الضّرورة الشرعیّة بأنها: «المعتقد الذي لا یبذل المصّدق بها التفکیر فیها [[الوجوب|كوجوب]] [[الصلاة]] عند [[المسلم]]. فالمقصود بعبارة [[المجتهد|الفقهاء]] (معلوم من الدین بالضّرورة) یراد بها أنَّ المسلم یعلم بها بداهةً لکونه مسلم، ولا یتوقَّف عندها یطلب الدلیل علیها».<ref>فتح اللّه، أحمد، معجم ألفاظ الفقه الجعفري.</ref>
كما عُرفت الضّرورة الشرعیّة بأنها: «المعتقد الذي لا یبذل المصّدق بها التفکیر فیها [[الوجوب|كوجوب]] [[الصلاة]] عند [[المسلم]]. فالمقصود بعبارة [[المجتهد|الفقهاء]] (معلوم من الدین بالضّرورة) یراد بها أنَّ المسلم یعلم بها بداهةً لکونه مسلم، ولا یتوقَّف عندها یطلب الدلیل علیها».<ref>فتح اللّه، أحمد، معجم ألفاظ الفقه الجعفري.</ref>


فیما ذهب [[الأستر آبادي (توضيح)|المحقق الاستربادي]] (قده) في كتابه [[الفوائد المدنية]] إلى أن معنى ضروري الدين: (ما يكون دليله واضحاً عند علماء الإسلام بحيث لا يصلح لاختلافهم فيه بعد تصوره».<ref>الاسترابادي، الفوائد المدنية، ص128.</ref> أي أن الضروي لديه يحتاج إلى الدليل إلا أن هذا الدليل يجب أن يكون واضحا جدا عند خصوص علماء الإسلام بحيث لا يصلح الاختلاف فيه بينهم بعد تصوره.
فیما ذهب [[الأستر آبادي (توضيح)|المحقق الاستربادي]] (قده) في كتابه [[الفوائد المدنية]] إلى أن معنى ضروري الدين: (ما يكون دليله واضحاً عند علماء الإسلام بحيث لا يصلح لاختلافهم فيه بعد تصوره».<ref>الاسترابادي، الفوائد المدنية، ص 128.</ref> أي أن الضروي لديه يحتاج إلى الدليل إلا أن هذا الدليل يجب أن يكون واضحا جدا عند خصوص علماء الإسلام بحيث لا يصلح الاختلاف فيه بينهم بعد تصوره.


وعرفه الشيخ [[محمد رضا المظفر|محمَّد رضا المظفر]] في كتابه ([[أصول الفقه]]) بأنه: «ما عليه إجماع جميع الأمة بجميع طوائفها وأشخاصها في جميع العصور مثل وجوب الصلاة و[[الزكاة]] ونحوهما».<ref>محمَّد رضا المظفر، أصول الفقه، ج2، 1410 هـ . ق، ص92.</ref> أي هو الأمر المعروف جداً عند جميع المسلمين، حيث لا يجهل أحد منهم أنه من أجزاء دينهم.  
وعرفه الشيخ [[محمد رضا المظفر|محمَّد رضا المظفر]] في كتابه ([[أصول الفقه]]) بأنه: «ما عليه إجماع جميع الأمة بجميع طوائفها وأشخاصها في جميع العصور مثل وجوب الصلاة و[[الزكاة]] ونحوهما»<ref>محمَّد رضا المظفر، أصول الفقه، ج 2، ص 92.</ref>، أي هو الأمر المعروف جداً عند جميع المسلمين، حيث لا يجهل أحد منهم أنه من أجزاء دينهم.  


وهناك من يرى أن الضرورة الدينية: «هي أمر منسوب إلى الدين، وتكون حاجة الدين إليه ماسة وكبيرة جداً».<ref>الوائلي، علي، الضرورات الدينية والمذهبية والفقهية على ضوء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، ص57. </ref>
وهناك من يرى أن الضرورة الدينية: «هي أمر منسوب إلى الدين، وتكون حاجة الدين إليه ماسة وكبيرة جداً».<ref>الوائلي، علي، الضرورات الدينية والمذهبية والفقهية على ضوء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، ص 57. </ref>


وهذا المعنى قريب إلى المعنى اللغوي للضروري أي ما لا يحصل الشيء إلا به، أو ما يحتاجه حاجة شديدة.<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج8، 45-46؛ والطريحي، مجمع البحرين، ص10-17.</ref> وهو أيضاً أكثر التصاقاً بروح الشريعة، وارتكازات المتشرعة والعقلاء، ويؤيد ذلك [[الروايات]] التي تعبر عن بعض الأمور بأنها دعائم الدين [[الإسلام|والإسلام]]، أو مما بني عليه الإسلام وما شابهها في ألسنة [[الروايات]].
وهذا المعنى قريب إلى المعنى اللغوي للضروري أي ما لا يحصل الشيء إلا به، أو ما يحتاجه حاجة شديدة.<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج 8، ص 45-46؛ الطريحي، مجمع البحرين، ص 10-17.</ref> وهو أيضاً أكثر التصاقاً بروح الشريعة، وارتكازات المتشرعة والعقلاء، ويؤيد ذلك [[الروايات]] التي تعبر عن بعض الأمور بأنها دعائم الدين [[الإسلام|والإسلام]]، أو مما بني عليه الإسلام وما شابهها في ألسنة [[الروايات]].


وبالتالي تكون الضرورات الدينية هي أركان الدين التي يتقوم بها [[أصول الدين|أصل الدين]]، كأصل وجود [[الله|الله تعالى]] و[[التوحيد|توحيده]] والتصديق برسالته، أو هي أجزاء الدين الأساسية [[الصلاة|كالصلاة]] [[الصوم|والصوم]] و[[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]]، وما شاكل.
وبالتالي تكون الضرورات الدينية هي أركان الدين التي يتقوم بها [[أصول الدين|أصل الدين]]، كأصل وجود [[الله|الله تعالى]] و[[التوحيد|توحيده]] والتصديق برسالته، أو هي أجزاء الدين الأساسية [[الصلاة|كالصلاة]] [[الصوم|والصوم]] و[[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]]، وما شاكل.
سطر ٣٦: سطر ٣٦:
والثاني: الأجزاء الأساسية في الدين مثل [[المعاد|المعاد الجسماني]]، أو الاعتقاد بنفي [[التجسيم]] الحقيقي، أو صدور المعجزات من الرسول {{صل}}.
والثاني: الأجزاء الأساسية في الدين مثل [[المعاد|المعاد الجسماني]]، أو الاعتقاد بنفي [[التجسيم]] الحقيقي، أو صدور المعجزات من الرسول {{صل}}.


كما وردت مصاديق أخرى للضرورات الدينية فيما يرتبط [[الأحكام الشرعية|بالأحكام الشرعية]] من قبيل [[فروع الدين]] الرئيسية كوجوب [[الصلاة]]، و[[الصوم]]<ref>المقدس الأردبيلي، مجمع الفائده، ج13، ص314 </ref>، و[[الزكاة]]<ref>العلامة الحلي، منتهی المطلب فی تحقیق المذهب، ج8، ص12</ref>، و[[الحج|الحج،]] و[[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]] ، فإنه على كل الضوابط السابقة هي من الأجزاء الرئيسية في [[الدين الإسلامي]].
كما وردت مصاديق أخرى للضرورات الدينية فيما يرتبط [[الأحكام الشرعية|بالأحكام الشرعية]] من قبيل [[فروع الدين]] الرئيسية كوجوب [[الصلاة]]، و[[الصوم]]<ref>المقدس الأردبيلي، مجمع الفائده، ج 13، ص 314. </ref>، و[[الزكاة]]<ref>العلامة الحلي، منتهی المطلب فی تحقیق المذهب، ج 8، ص 12.</ref>، و[[الحج|الحج،]] و[[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]] ، فإنه على كل الضوابط السابقة هي من الأجزاء الرئيسية في [[الدين الإسلامي]].


وقد صرح أكثر العلماء بضرورية هذه الأمور، وهنالك ضروريات هي أقل أهمية وشهرة من قبيل [[حرمة]] مقاربة الحائض،<ref>الشهید الثاني، روض الجنان، ج1، ص211؛ المقدس الأردبيلي، مجمع الفائدة، ج7، ص524</ref> أو مشروعية ومطلوبية [[الأذان]]<ref>النراقي، عوائد الأيام، ص129. </ref> [[الصلاة اليومية|للصلوات الخمس اليومية]]. ووجوب التوجه إلى [[القبلة]] في [[الصلوات الواجبة|الصلوات المفروضة]].<ref>النراقي، مستند الشيعة، ج4، ص202. </ref> ووجوب [[الوضوء]].<ref>الموسوی العاملي، سید محمد بن علي، مدارك الأحکام في شرح شرائع الإسلام، ج۱، ص9</ref> وحتی اعتبار [[الاستصحاب]].<ref>الشیخ الأنصاري، الحاشیة علی استصحاب القوانین، ص75.</ref>
وقد صرح أكثر العلماء بضرورية هذه الأمور، وهنالك ضروريات هي أقل أهمية وشهرة من قبيل [[حرمة]] مقاربة الحائض،<ref>الشهید الثاني، روض الجنان، ج 1، ص 211 ؛ المقدس الأردبيلي، مجمع الفائدة، ج 7، ص 524.</ref> أو مشروعية ومطلوبية [[الأذان]]<ref>النراقي، عوائد الأيام، ص 129. </ref> [[الصلاة اليومية|للصلوات الخمس اليومية]]. ووجوب التوجه إلى [[القبلة]] في [[الصلوات الواجبة|الصلوات المفروضة]].<ref>النراقي، مستند الشيعة، ج 4، ص 202. </ref> ووجوب [[الوضوء]].<ref>الموسوی العاملي، سید محمد بن علي، مدارك الأحکام في شرح شرائع الإسلام، ج 1، ص 9.</ref> وحتی اعتبار [[الاستصحاب]].<ref>الشیخ الأنصاري، الحاشیة علی استصحاب القوانین، ص 75.</ref>


وتعريف بعض [[الفقهاء]] للضرورة الدينية لا يعني أن كل مصاديقها موضع اتفاق فيما بينهم، إلا أنهم اتفقوا على أن تحديد مصداق الضروري يتم من خلال النص الديني الثابت [[قرآن|قرآناً]] [[السنة|وسنة]]، بأن يبين أن هذا الأمر  من [[أركان الدين]] أو دعائمه أو قواعده وما شابه. أو اتفاق و[[الإجماع|إجماع]] المسلمين على كون أمر ما من أركان أو دعائم أو أجزاء وقواعد دينهم المهمة.
وتعريف بعض [[الفقهاء]] للضرورة الدينية لا يعني أن كل مصاديقها موضع اتفاق فيما بينهم، إلا أنهم اتفقوا على أن تحديد مصداق الضروري يتم من خلال النص الديني الثابت [[قرآن|قرآناً]] [[السنة|وسنة]]، بأن يبين أن هذا الأمر  من [[أركان الدين]] أو دعائمه أو قواعده وما شابه. أو اتفاق و[[الإجماع|إجماع]] المسلمين على كون أمر ما من أركان أو دعائم أو أجزاء وقواعد دينهم المهمة.
سطر ٤٨: سطر ٤٨:
وإنّما  الإشكال والخلاف في غير  ذلك من المسائل الاعتقادية [[الأحكام الفقهية|والأحكام الفرعية]] والتي  تسمّى [[الضرورات الدينية|بالضروريّات الدينية]].
وإنّما  الإشكال والخلاف في غير  ذلك من المسائل الاعتقادية [[الأحكام الفقهية|والأحكام الفرعية]] والتي  تسمّى [[الضرورات الدينية|بالضروريّات الدينية]].


وبحسب اعتقاد علماء الفريقين من [[الشيعة]] و[[السنة]] فإن إنكار الضروري في الإسلام يستلزم [[الكافر والكفر|الكفر]].<ref>العلامة المجلسي، حق الیقین، ص559.</ref>
وبحسب اعتقاد علماء الفريقين من [[الشيعة]] و[[السنة]] فإن إنكار الضروري في الإسلام يستلزم [[الكافر والكفر|الكفر]].<ref>العلامة المجلسي، حق الیقین، ص 559.</ref>


فلا يوجد أختلاف بين [[الفقهاء]] في اعتبار أن من ينكر الضروريات الدينية [[الارتداد|مرتد]] وكافر، ولكنهم أختلفوا هل إن مجرد إنكار الضرورة الدينية بنفسه سبب مستقل [[كفر|للكفر]] والخروج عن الدين، أو أن الإنكار بنفسه ليس سبباً مستقلا، بل بما هو مؤدٍ الى إنكار [[التوحيد]] أو [[الرسالة]]؛ وهذا هو الذي يوجب الكفر والخروج عن [[الدين الإسلامي]]؟  
فلا يوجد أختلاف بين [[الفقهاء]] في اعتبار أن من ينكر الضروريات الدينية [[الارتداد|مرتد]] وكافر، ولكنهم أختلفوا هل إن مجرد إنكار الضرورة الدينية بنفسه سبب مستقل [[كفر|للكفر]] والخروج عن الدين، أو أن الإنكار بنفسه ليس سبباً مستقلا، بل بما هو مؤدٍ الى إنكار [[التوحيد]] أو [[الرسالة]]؛ وهذا هو الذي يوجب الكفر والخروج عن [[الدين الإسلامي]]؟  
سطر ٥٤: سطر ٥٤:
في هذا المجال يمكن [[الاستقراء|استقراء]] أربعة نظريات عند [[الفقهاء في حكم منكر الضرورة الدينية:
في هذا المجال يمكن [[الاستقراء|استقراء]] أربعة نظريات عند [[الفقهاء في حكم منكر الضرورة الدينية:
   
   
الأولى- أن إنكار الضرورة الدينية سبب مستقل للكفر، مثل إنكار وجود [[الله]] ورسالة [[النبي]] {{صل}}  سبب تام في حصول [[الكفر]]؛ حتى إذا كان ناشئا من شبهة أو لم يستلزم تكذيب النبي {{صل}}.  
الأولى- أن إنكار الضرورة الدينية سبب مستقل للكفر، مثل إنكار وجود [[الله]] ورسالة [[النبي]] {{صل}}  سبب تام في حصول [[الكفر]]؛ حتى إذا كان ناشئاً من شبهة أو لم يستلزم تكذيب النبي {{صل}}.  


هذا القول هو ظاهر كلام [[العلامة الحلي]]<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج1، ص68. </ref> ومختار [[صاحب الجواهر]].<ref>جواهر الكلام في شرائع الإسلام، ج6، ص46-48.</ref>  
هذا القول هو ظاهر كلام [[العلامة الحلي]]<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 1، ص 68. </ref> ومختار [[صاحب الجواهر]].<ref>جواهر الكلام في شرائع الإسلام، ج 6، ص 46-48.</ref>  


الثانية- إن إنكار الضرورة الدينية إنما يقتضي الكفر [[الارتداد|والارتداد]] إذا كان مستلزماً لتكذيب [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} ورسالته، بأن يكون ذلك الإنكار كاشفاً عن الجحود والعناد ؛ ولذا إذا أنكر شحض عقيدة دينية أو [[الأحكام الشرعية|حکماً شرعياً]] باعتقاد إنهما ليستا جزءً من الشريعة الإسلامية؛ فإنه لا يحكم [[ارتداد|بإرتداده]]؛ لأن ملاك [[الكفر]] والخروج من الإسلام هو الإنكار الصريح للرسالة أو الإلتفات إلى وجود الملازمة، لا مجرد وجود تلك الملازمة. ومن المعروفين بهذه النظرية [[السيد المرتضى]]، و[[الملا هادي السبزواري]]، والسيد [[بحر العلوم]]، وآية الله [[الخوئي]] و[[السيد الخميني]] .  
الثانية- إن إنكار الضرورة الدينية إنما يقتضي الكفر [[الارتداد|والارتداد]] إذا كان مستلزماً لتكذيب [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} ورسالته، بأن يكون ذلك الإنكار كاشفاً عن الجحود والعناد ؛ ولذا إذا أنكر شحض عقيدة دينية أو [[الأحكام الشرعية|حکماً شرعياً]] باعتقاد إنهما ليستا جزءً من الشريعة الإسلامية؛ فإنه لا يحكم [[ارتداد|بإرتداده]]؛ لأن ملاك [[الكفر]] والخروج من الإسلام هو الإنكار الصريح للرسالة أو الإلتفات إلى وجود الملازمة، لا مجرد وجود تلك الملازمة. ومن المعروفين بهذه النظرية [[السيد المرتضى]]، و[[الملا هادي السبزواري]]، والسيد [[بحر العلوم]]، وآية الله [[الخوئي]] و[[السيد الخميني]] .  
سطر ٦٤: سطر ٦٤:
الثالثة- إن منكر الضرورة الدينية إذا كان قد نشأ في [[دار الإسلام|البلد الإسلامي]] أو البيئة الإسلامية بحيث أنه يعرف ما هي ضروريات الإسلام ولكنه بعد ذلك أنكرها فإنه يحكم بكفره.  
الثالثة- إن منكر الضرورة الدينية إذا كان قد نشأ في [[دار الإسلام|البلد الإسلامي]] أو البيئة الإسلامية بحيث أنه يعرف ما هي ضروريات الإسلام ولكنه بعد ذلك أنكرها فإنه يحكم بكفره.  


وأمَّا إذا كان منكر الضرورة الدينية من بلاد بعيدة عن [[الإسلام]] وتعاليمه كما لو نشأ في البوادي أو البلاد التي لا يوجد فيها مسلم فلا يُحكم بكفره بمجرد إنكاره لشيء من ضروريات الدين خصوصا مع دعواه عدم علمه بكون ما أنكره صادرا عن النبي {{صل}} لظهور حاله في ذلك. وهذه النظرية عُرف بها [[محمد حسن النجفي|صاحب الجواهر]]. وأشار إليها الشيخ [[محمد تقي البرورجردي|محمد تقي البروجردي]].<ref>راجع: العراقي، آغا ضياء الدين، نهاية الأفكار، بقلم: محمد تقي البروجردي، ص191. </ref>
وأمَّا إذا كان منكر الضرورة الدينية من بلاد بعيدة عن [[الإسلام]] وتعاليمه كما لو نشأ في البوادي أو البلاد التي لا يوجد فيها مسلم فلا يُحكم بكفره بمجرد إنكاره لشيء من ضروريات الدين خصوصا مع دعواه عدم علمه بكون ما أنكره صادرا عن النبي {{صل}} لظهور حاله في ذلك. وهذه النظرية عُرف بها [[محمد حسن النجفي|صاحب الجواهر]]. وأشار إليها الشيخ [[محمد تقي البرورجردي|محمد تقي البروجردي]].<ref>راجع: العراقي، آغا ضياء الدين، نهاية الأفكار، بقلم: محمد تقي البروجردي، ص 191. </ref>


الرابعة- التفصيل بين القاصر والمقصّر المنكر للضرورة الدينية، فالجاهل القاصر لا يحكم بكفره مطلقا. بينما المقصّر يحكم بكفره، ولكن في خصوص المسائل الاعتقادية الضرورية.   
الرابعة- التفصيل بين القاصر والمقصّر المنكر للضرورة الدينية، فالجاهل القاصر لا يحكم بكفره مطلقا. بينما المقصّر يحكم بكفره، ولكن في خصوص المسائل الاعتقادية الضرورية.   


ومن هنا نجد أن [[الشيخ الأنصاري]] قال: (فالأقوى التفصيل بين القاصر وغيره في الأحكام العملية الضرورية دون العقايد، تمسكا في عدم كفر منكر الحكم العملي الضروري؛ لعدم الدليل على سببيته للكفر مع فرض عدم [[التكليف]] بالتدين بذلك الحكم ولا بالعمل بمقضاه؛ لأنه المفروض ».<ref>الشيخ الانصاري، كتاب الطهارة، ج2 ، ص356. </ref>
ومن هنا نجد أن [[الشيخ الأنصاري]] قال: (فالأقوى التفصيل بين القاصر وغيره في الأحكام العملية الضرورية دون العقايد، تمسكا في عدم كفر منكر الحكم العملي الضروري؛ لعدم الدليل على سببيته للكفر مع فرض عدم [[التكليف]] بالتدين بذلك الحكم ولا بالعمل بمقضاه؛ لأنه المفروض ».<ref>الشيخ الانصاري، كتاب الطهارة، ج 2 ، ص 356. </ref>
   
   
وبناء على ما سبق حكم [[الفقهاء]] بأن التدين [[اصول الدين|بالأصول الدينية]] الأساسية [[التوحيد|كالتوحيد]] [[النبوة|والنبوة]] [[المعاد|والمعاد]] أمر لا بد منه لكل [[مسلم]]، ولا يعذر فيها الجاهل بأي حال، أمَّا إنكار [[الأحكام|الأحكام الفرعية]] الضرورية فضلاً عن الجهل بها، فلا يضر بإسلام المسلم إلا مع العلم بأنها من [[الدين الإسلامي|الدين]].
وبناء على ما سبق حكم [[الفقهاء]] بأن التدين [[اصول الدين|بالأصول الدينية]] الأساسية [[التوحيد|كالتوحيد]] [[النبوة|والنبوة]] [[المعاد|والمعاد]] أمر لا بد منه لكل [[مسلم]]، ولا يعذر فيها الجاهل بأي حال، أمَّا إنكار [[الأحكام|الأحكام الفرعية]] الضرورية فضلاً عن الجهل بها، فلا يضر بإسلام المسلم إلا مع العلم بأنها من [[الدين الإسلامي|الدين]].
مستخدم مجهول