انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الضرورات الدينية»

لا يوجد ملخص تحرير
imported>Alsaffi
لا ملخص تعديل
imported>Alsaffi
لا ملخص تعديل
سطر ١٥: سطر ١٥:
فمثلاً الشيخ [[الطوسي]] (قده) يرى أن ضروري الدين: (لا يختلف العقلاء فيه، بل يتفقون عليه، ولذلك لا يختلفون في أن الواحد لا يكون أكثر من اثنين وأن الشبر لا يطابق الذراع».<ref>الطوسي، محمد بن الحسن، الاقتصاد الهادي إلی طریق الرشاد، ص10</ref> أي هو الأمر الذي لا اختلاف فيه، كما أنه لا يحتاج في حصوله إلى كسب ونظر وفكر .
فمثلاً الشيخ [[الطوسي]] (قده) يرى أن ضروري الدين: (لا يختلف العقلاء فيه، بل يتفقون عليه، ولذلك لا يختلفون في أن الواحد لا يكون أكثر من اثنين وأن الشبر لا يطابق الذراع».<ref>الطوسي، محمد بن الحسن، الاقتصاد الهادي إلی طریق الرشاد، ص10</ref> أي هو الأمر الذي لا اختلاف فيه، كما أنه لا يحتاج في حصوله إلى كسب ونظر وفكر .
   
   
وأمَّا [[المقدس الأردبيلي]] (قده) فقد ذهب في كتابه مجمع الفائدة والبرهان من أنّ: (المراد بالضروري الذی یکفَّر منکره الذي ثبت عنده یقیناً کونه من الدین ولو کان بالبرهان، ولم یکن مجمعاً علیه»<ref>المقدس الأردبیلي، أحمد، مجمع الفائدة والبرهان فی شرح إرشاد الأذهان، ج 3، ص199.</ref> فملاك الضروري لديه هو الأمر الثابت يقيناً من الدين ولو بالبرهان.
وأمَّا [[المقدس الأردبيلي]] (قده) فقد ذهب في كتابه [[مجمع الفائدة والبرهان]] من أنّ: (المراد بالضروري الذی یکفَّر منکره الذي ثبت عنده یقیناً کونه من الدین ولو کان بالبرهان، ولم یکن مجمعاً علیه»<ref>المقدس الأردبیلي، أحمد، مجمع الفائدة والبرهان فی شرح إرشاد الأذهان، ج 3، ص199.</ref> فملاك الضروري لديه هو الأمر الثابت يقيناً من الدين ولو بالبرهان.


كما عُرفت الضّرورة الشرعیّة بأنها: «المعتقد الذي لا یبذل المصّدق بها التفکیر فیها کوجوب الصَّلوة عند المسلم. فالمقصود بعبارة الفقهاء (معلوم من الدین بالضّرورة) یراد بها أنَّ المسلم یعلم بها بداهةً لکونه مسلم، ولا یتوقَّف عندها یطلب الدلیل علیها».<ref>فتح اللّه، أحمد، معجم ألفاظ الفقه الجعفري.</ref>
كما عُرفت الضّرورة الشرعیّة بأنها: «المعتقد الذي لا یبذل المصّدق بها التفکیر فیها کوجوب الصَّلوة عند المسلم. فالمقصود بعبارة [[المجتهد|الفقهاء]] (معلوم من الدین بالضّرورة) یراد بها أنَّ المسلم یعلم بها بداهةً لکونه مسلم، ولا یتوقَّف عندها یطلب الدلیل علیها».<ref>فتح اللّه، أحمد، معجم ألفاظ الفقه الجعفري.</ref>


فیما ذهب [[الأستر آبادي (توضيح)|المحقق الاستربادي]] (قده) في كتابه الفوائد المدنية إلى أن معنى ضروري الدين: (ما يكون دليله واضحاً عند علماء الإسلام بحيث لا يصلح لاختلافهم فيه بعد تصوره».<ref>الاسترابادي، الفوائد المدنية، ص128.</ref> أي أن الضروي لديه يحتاج إلى الدليل إلا أن هذا الدليل يجب أن يكون واضحا جدا عند خصوص علماء الإسلام بحيث لا يصلح الاختلاف فيه بينهم بعد تصوره.
فیما ذهب [[الأستر آبادي (توضيح)|المحقق الاستربادي]] (قده) في كتابه [[الفوائد المدنية]] إلى أن معنى ضروري الدين: (ما يكون دليله واضحاً عند علماء الإسلام بحيث لا يصلح لاختلافهم فيه بعد تصوره».<ref>الاسترابادي، الفوائد المدنية، ص128.</ref> أي أن الضروي لديه يحتاج إلى الدليل إلا أن هذا الدليل يجب أن يكون واضحا جدا عند خصوص علماء الإسلام بحيث لا يصلح الاختلاف فيه بينهم بعد تصوره.


وعرفه الشيخ [[محمَّد رضا المظفر]] في كتابه (أصول الفقه) بأنه: «ما عليه إجماع جميع الأمة بجميع طوائفها وأشخاصها في جميع العصور مثل وجوب الصلاة والزكاة ونحوهما».<ref>محمَّد رضا المظفر، أصول الفقه، ج2، 1410 هـ . ق، ص92.</ref> أي هو الأمر المعروف جداً عند جميع المسلمين، حيث لا يجهل أحد منهم أنه من أجزاء دينهم.  
وعرفه الشيخ [[محمد رضا المظفر|محمَّد رضا المظفر]] في كتابه ([[أصول الفقه]]) بأنه: «ما عليه إجماع جميع الأمة بجميع طوائفها وأشخاصها في جميع العصور مثل وجوب الصلاة والزكاة ونحوهما».<ref>محمَّد رضا المظفر، أصول الفقه، ج2، 1410 هـ . ق، ص92.</ref> أي هو الأمر المعروف جداً عند جميع المسلمين، حيث لا يجهل أحد منهم أنه من أجزاء دينهم.  


وهناك من يرى أن الضرورة الدينية: «هي أمر منسوب إلى الدين، وتكون حاجة الدين إليه ماسة وكبيرة جداً».<ref>الوائلي، علي، الضرورات الدينية والمذهبية والفقهية على ضوء مدرسة أهل البيت (ع)، ص57. </ref>
وهناك من يرى أن الضرورة الدينية: «هي أمر منسوب إلى الدين، وتكون حاجة الدين إليه ماسة وكبيرة جداً».<ref>الوائلي، علي، الضرورات الدينية والمذهبية والفقهية على ضوء مدرسة أهل البيت (ع)، ص57. </ref>


وهذا المعنى قريب إلى المعنى اللغوي للضروري أي ما لا يحصل الشيء إلا به، أو ما يحتاجه حاجة شديدة.<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج8، 45-46؛ والطريحي، مجمع البحرين، ص10-17.</ref> وهو أيضاً أكثر التصاقاً بروح الشريعة، وارتكازات المتشرعة والعقلاء، ويؤيد ذلك الروايات التي تعبر عن بعض الأمور بأنها دعائم الدين والإسلام، أو مما بني عليه الإسلام وما شابهها في ألسنة [[الروايات]].
وهذا المعنى قريب إلى المعنى اللغوي للضروري أي ما لا يحصل الشيء إلا به، أو ما يحتاجه حاجة شديدة.<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج8، 45-46؛ والطريحي، مجمع البحرين، ص10-17.</ref> وهو أيضاً أكثر التصاقاً بروح الشريعة، وارتكازات المتشرعة والعقلاء، ويؤيد ذلك الروايات التي تعبر عن بعض الأمور بأنها دعائم الدين [[الإسلام|والإسلام]]، أو مما بني عليه الإسلام وما شابهها في ألسنة [[الروايات]].


وبالتالي تكون الضرورات الدينية هي أركان الدين التي يتقوم بها [[أصول الدين|أصل الدين]]، كأصل وجود [[الله|الله تعالى]] و[[التوحيد|توحيده]] والتصديق برسالته، أو هي أجزاء الدين الأساسية [[الصلاة|كالصلاة]] [[الصوم|والصوم]] و[[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]]، وما شاكل.
وبالتالي تكون الضرورات الدينية هي أركان الدين التي يتقوم بها [[أصول الدين|أصل الدين]]، كأصل وجود [[الله|الله تعالى]] و[[التوحيد|توحيده]] والتصديق برسالته، أو هي أجزاء الدين الأساسية [[الصلاة|كالصلاة]] [[الصوم|والصوم]] و[[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]]، وما شاكل.
سطر ٥٦: سطر ٥٦:
في هذا المجال يمكن استقراء أربعة نظريات عند [[الفقهاء]] في حكم منكر الضرورة الدينية:
في هذا المجال يمكن استقراء أربعة نظريات عند [[الفقهاء]] في حكم منكر الضرورة الدينية:
   
   
الأولى- أن إنكار الضرورة الدينية سبب مستقل للكفر، مثل إنكار وجود [[الله]] ورسالة [[النبي]]   سبب تام في حصول [[الكفر]]؛ حتى إذا كان ناشئا من شبهة أو لم يستلزم تكذيب النبي.  
الأولى- أن إنكار الضرورة الدينية سبب مستقل للكفر، مثل إنكار وجود [[الله]] ورسالة [[النبي]] {{صل}}  سبب تام في حصول [[الكفر]]؛ حتى إذا كان ناشئا من شبهة أو لم يستلزم تكذيب النبي {{صل}}.  


هذا القول هو ظاهر كلام [[العلامة الحلي]]<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج1، ص68. </ref> ومختار [[صاحب الجواهر]].<ref>جواهر الكلام في شرائع الإسلام، ج6، ص46-48.</ref>  
هذا القول هو ظاهر كلام [[العلامة الحلي]]<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج1، ص68. </ref> ومختار [[صاحب الجواهر]].<ref>جواهر الكلام في شرائع الإسلام، ج6، ص46-48.</ref>  


الثانية- إن إنكار الضرورة الدينية إنما يقتضي الكفر [[الارتداد|والارتداد]] إذا كان مستلزماً لتكذيب [[النبي (ص)]] ورسالته، بأن يكون ذلك الإنكار كاشفاً عن الجحود والعناد ؛ ولذا إذا أنكر شحض عقيدة دينية أو حکماً شرعياً باعتقاد إنهما ليستا جزءً من الشريعة؛ فإنه لا يحكم [[ارتداد|بإرتداده]]؛ لأن ملاك الكفر والخروج من الإسلام هو الإنكار الصريح للرسالة أو الإلتفات إلى وجود الملازمة، لا مجرد وجود تلك الملازمة. ومن المعروفين بهذه النظرية [[السيد المرتضى]]، و[[الملا هادي السبزواري]]، والسيد [[بحر العلوم]]، وآية الله [[الخوئي]] و[[السيد الخميني]] .  
الثانية- إن إنكار الضرورة الدينية إنما يقتضي الكفر [[الارتداد|والارتداد]] إذا كان مستلزماً لتكذيب [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} ورسالته، بأن يكون ذلك الإنكار كاشفاً عن الجحود والعناد ؛ ولذا إذا أنكر شحض عقيدة دينية أو حکماً شرعياً باعتقاد إنهما ليستا جزءً من الشريعة؛ فإنه لا يحكم [[ارتداد|بإرتداده]]؛ لأن ملاك الكفر والخروج من الإسلام هو الإنكار الصريح للرسالة أو الإلتفات إلى وجود الملازمة، لا مجرد وجود تلك الملازمة. ومن المعروفين بهذه النظرية [[السيد المرتضى]]، و[[الملا هادي السبزواري]]، والسيد [[بحر العلوم]]، وآية الله [[الخوئي]] و[[السيد الخميني]] .  


وهذا القول هو مختار  أغلب الأعلام المتأخّرين، وجملة من الأعلام الذين سبقوهم كـ[[المقدس الأردبيلي]] [[سنة 993 للهجرة|(ت 993 هـ)]]، و[[الفاضل الهندي]] [[سنة 1137 للهجرة|(ت 1137 هـ)]]، و[[الخوانساري (توضيح)|المحقق الخوانساري]] (ت 1099 هـ)، و[[الميرزا القمي]] [[(ت 1231 هـ)]] وآخرون. وحتى بعض أولئك الذين قبلوا النظرية الأولى والقائلة بأن إنكار الضرورة  بنفسه سبب مستقل [[كفر|للكفر]] فإنهم استثنوا حالة وجود شبهة لدى المنكر.  
وهذا القول هو مختار  أغلب الأعلام المتأخّرين، وجملة من الأعلام الذين سبقوهم كـ[[المقدس الأردبيلي]] [[سنة 993 للهجرة|(ت 993 هـ)]]، و[[الفاضل الهندي]] [[سنة 1137 للهجرة|(ت 1137 هـ)]]، و[[الخوانساري (توضيح)|المحقق الخوانساري]] (ت 1099 هـ)، و[[الميرزا القمي]] [[(ت 1231 هـ)]] وآخرون. وحتى بعض أولئك الذين قبلوا النظرية الأولى والقائلة بأن إنكار الضرورة  بنفسه سبب مستقل [[كفر|للكفر]] فإنهم استثنوا حالة وجود شبهة لدى المنكر.  
مستخدم مجهول