انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «غزوة بدر»

أُضيف ٨١ بايت ،  ٢٨ مارس ٢٠٢٣
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Ali110110
imported>Ahmadnazem
لا ملخص تعديل
سطر ٢٢: سطر ٢٢:
'''غزوة بدر'''، أو '''غزوة بدر الكبرى'''، هي أولى معارك [[المسلم|المسلمين]] ضد [[المشرك|مشركي]] [[قريش]] بعد [[الهجرة إلى المدينة]] وبقيادة [[رسول الله|رسول الاسلام]] (ص)، وكانت الوقعة في [[17 رمضان|17 من شهر رمضان]] [[السنة 2 للهجرة|للسنة الثانية للهجرة]] في [[منطقة بدر]]. وقد انتصر المسلمون في هذه الوقعة على خصومهم، بقتلهم وأسرهم عدداً من كبار جيش العدو. ولقد عزز هذا النصر من مكانة المسلمين في [[المدينة المنورة]].  
'''غزوة بدر'''، أو '''غزوة بدر الكبرى'''، هي أولى معارك [[المسلم|المسلمين]] ضد [[المشرك|مشركي]] [[قريش]] بعد [[الهجرة إلى المدينة]] وبقيادة [[رسول الله|رسول الاسلام]] (ص)، وكانت الوقعة في [[17 رمضان|17 من شهر رمضان]] [[السنة 2 للهجرة|للسنة الثانية للهجرة]] في [[منطقة بدر]]. وقد انتصر المسلمون في هذه الوقعة على خصومهم، بقتلهم وأسرهم عدداً من كبار جيش العدو. ولقد عزز هذا النصر من مكانة المسلمين في [[المدينة المنورة]].  


ويذكر المؤرخون من أهم أسباب انتصار المسلمين هو البطولات والتضحيات التي قدمها المسلمون على رأسهم [[الإمام علي (ع)]] و[[حمزة بن عبد المطلب|حمزة سيد الشهداء]]. تعد هذه [[الغزوة]] إحدى الغزوات اللاتي ذُكرت في [[القرآن الكريم]] والتي اعتبرها نموذجا للإمدادات الإلهية.
ويذكر المؤرخون من أهم أسباب انتصار المسلمين هو البطولات والتضحيات التي قدمها المسلمون على رأسهم [[الإمام علي (ع)]] و<nowiki/>[[حمزة بن عبد المطلب|حمزة سيد الشهداء]]. تعد هذه [[الغزوة]] إحدى الغزوات اللاتي ذُكرت في [[القرآن الكريم]] والتي اعتبرها نموذجا للإمدادات الإلهية.


تذكر المصادر التاريخية غزوتين أُخرَيَين تحت مسمى "بدر"، إحداهما [[بدر الأولى]] والثانية [[بدر الموعد]]، ولكن غزوة بدر المشهورة هي '''بدر الكبرى'''.
تذكر المصادر التاريخية غزوتين أُخرَيَين تحت مسمى "بدر"، إحداهما [[بدر الأولى]] والثانية [[بدر الموعد]]، ولكن غزوة بدر المشهورة هي '''بدر الكبرى'''.
سطر ٤٦: سطر ٤٦:
لقد تعرض [[المسلم|المسلمون]] في مرحلة ما قبل [[الهجرة النبوية]] لأشكال مختلفة من الظلم والتعسف والتعذيب والتشريد من قبل [[المشرك|المشركين]]، <ref>النجار، القول المبين في سيرة سيد المرسلين، ص 170.</ref> كما ومُنعوا من أداء واجب [[الحج]]،<ref>مكارم شيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 5، ص 417.</ref> ورغم ذلك لم يُسمَح لهم بمقابلة مشركي [[قريش]] والحرب معهم، ودائما ما كان [[الله]] تعالى يدعوا المسلمين [[الصبر|للصبر]]، فكان المسلمون يلتزمون الهدوء والسلام، ويدعون إلى [[الله]] بالحسنى، ولكن بعد الهجرة أنزل الله تعالى [[الآية|آيات]] عدّ فيها ما تعرض له المسلمون من ظلم وأذن لهم بالقتال.<ref>يماني، بدر الكبرى .. المدينة والغزوة، ص 25.</ref> ومنها ما نزل في [[سورة الحج]]: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ"<ref>الحج: 39.</ref>
لقد تعرض [[المسلم|المسلمون]] في مرحلة ما قبل [[الهجرة النبوية]] لأشكال مختلفة من الظلم والتعسف والتعذيب والتشريد من قبل [[المشرك|المشركين]]، <ref>النجار، القول المبين في سيرة سيد المرسلين، ص 170.</ref> كما ومُنعوا من أداء واجب [[الحج]]،<ref>مكارم شيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 5، ص 417.</ref> ورغم ذلك لم يُسمَح لهم بمقابلة مشركي [[قريش]] والحرب معهم، ودائما ما كان [[الله]] تعالى يدعوا المسلمين [[الصبر|للصبر]]، فكان المسلمون يلتزمون الهدوء والسلام، ويدعون إلى [[الله]] بالحسنى، ولكن بعد الهجرة أنزل الله تعالى [[الآية|آيات]] عدّ فيها ما تعرض له المسلمون من ظلم وأذن لهم بالقتال.<ref>يماني، بدر الكبرى .. المدينة والغزوة، ص 25.</ref> ومنها ما نزل في [[سورة الحج]]: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ"<ref>الحج: 39.</ref>


كان للمسلمين قبل '''بدر الكبرى''' عدة [[السرية|سريات]] و[[الغزوة|غزوات]]، وكان الهدف منها قصم ظهر [[قريش]] والسيطرة على قوافلها، فكان المسلمون يخرجون أحيانا لاعتراض عير قريش، ويُذكر أن ما عدا [[سرية نخلة]] لم تصل أي من السرايا والغزوات إلى المبتغى المطلوب. ففي هذه السرية التي كانت بقيادة [[عبد الله بن جحش]] والتي وقعت قبل شهر ونصف من بدر وفي [[شهر رجب]]، قُتل عمرو بن الحضرمي أحد المشركين وأسر شخصان آخران إضافة إلى أخذ ممتلكات القافلة التجارية كغنيمة حربية.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 252 - 254.</ref> واعتبرت قريش هذه الخسارة عاراً عليها بين سائر القبائل العربية، الأمر الذي دعاها للمطالبة بثأر عمرو، وكان لهذه الوقعة الأثر البارز في غزوة بدر.  
كان للمسلمين قبل '''بدر الكبرى''' عدة [[السرية|سريات]] و<nowiki/>[[الغزوة|غزوات]]، وكان الهدف منها قصم ظهر [[قريش]] والسيطرة على قوافلها، فكان المسلمون يخرجون أحيانا لاعتراض عير قريش، ويُذكر أن ما عدا [[سرية نخلة]] لم تصل أي من السرايا والغزوات إلى المبتغى المطلوب. ففي هذه السرية التي كانت بقيادة [[عبد الله بن جحش]] والتي وقعت قبل شهر ونصف من بدر وفي [[شهر رجب]]، قُتل عمرو بن الحضرمي أحد المشركين وأسر شخصان آخران إضافة إلى أخذ ممتلكات القافلة التجارية كغنيمة حربية.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 252 - 254.</ref> واعتبرت قريش هذه الخسارة عاراً عليها بين سائر القبائل العربية، الأمر الذي دعاها للمطالبة بثأر عمرو، وكان لهذه الوقعة الأثر البارز في غزوة بدر.  


ومن القوافل التي لم يتمكن المسلمون أن يسيطروا عليها كانت تلك القافلة التي تقصد [[غزة]] بزعامة [[أبي سفيان]]<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 28.</ref>، فلاحقها الرسول ولما وصل مكانا يسمى "ذا العشيرة" (على مسافة 5 منازل من [[المدينة]]) وجد بأن العير قد فاتته. فاضطر إلى العودة.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، صص 248 - 249.</ref>
ومن القوافل التي لم يتمكن المسلمون أن يسيطروا عليها كانت تلك القافلة التي تقصد [[غزة]] بزعامة [[أبي سفيان]]<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 28.</ref>، فلاحقها الرسول ولما وصل مكانا يسمى "ذا العشيرة" (على مسافة 5 منازل من [[المدينة]]) وجد بأن العير قد فاتته. فاضطر إلى العودة.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، صص 248 - 249.</ref>
سطر ٥٣: سطر ٥٣:


==إجراءات الجيشين قبل المعركة==
==إجراءات الجيشين قبل المعركة==
قبل بداية المعركة كانت هناك بعض الاجراءات التي قام بها الجيشان ابتداء من خروجهما من [[مكة]] و[[المدينة]] ومرورا باستقرارهما في [[بدر]].
قبل بداية المعركة كانت هناك بعض الاجراءات التي قام بها الجيشان ابتداء من خروجهما من [[مكة]] و<nowiki/>[[المدينة]] ومرورا باستقرارهما في [[بدر]].
===خروج المسلمين من المدينة===
===خروج المسلمين من المدينة===
مع رجوع قافلة [[أبي سفيان]] من [[غزة]] إلى [[مكة المكرمة]]، أمر [[الله]] تعالى [[الرسول (ص)|الرسول]] بالخروج من [[المدينة]] وبشره بالانتصار: "وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ"<ref>الأنفال: 7.</ref> وبعد إعلان الرسول لأمر الله بالخروج، خرج مع مجموعة من أصحابه من المدينة المنورة، في 12 أو 13 من [[شهر رمضان]].<ref>ابن هشام،  السيرة النبوية، ج 2، ص 363 - 364.</ref> وفي إحدى المنازل ضرب الرسول عسكره وعرض المقاتلة، وردّ بعض [[الصحابة|الأصحاب]] إلى [[المدينة]] بسبب صغر سنهم.<ref>المقريزي، إمتاع الأسماع، ج 1، ص 81 - 82.</ref>
مع رجوع قافلة [[أبي سفيان]] من [[غزة]] إلى [[مكة المكرمة]]، أمر [[الله]] تعالى [[الرسول (ص)|الرسول]] بالخروج من [[المدينة]] وبشره بالانتصار: "وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ"<ref>الأنفال: 7.</ref> وبعد إعلان الرسول لأمر الله بالخروج، خرج مع مجموعة من أصحابه من المدينة المنورة، في 12 أو 13 من [[شهر رمضان]].<ref>ابن هشام،  السيرة النبوية، ج 2، ص 363 - 364.</ref> وفي إحدى المنازل ضرب الرسول عسكره وعرض المقاتلة، وردّ بعض [[الصحابة|الأصحاب]] إلى [[المدينة]] بسبب صغر سنهم.<ref>المقريزي، إمتاع الأسماع، ج 1، ص 81 - 82.</ref>


===إجراءات أبي سفيان وقريش ===
===إجراءات أبي سفيان وقريش ===
لقد اطلع [[أبي سفيان]]  حين عودته من [[الشام]] على نوايا المسلمين لصد طريق قافلته، لذا استأجر '''ضمضم بن عمرو الغفاري''' وأرسله من '''تبوك''' إلى [[مكة]] وطلب من أهلها النجدة لانقاذ أموالهم، وحيث أن أكثر أهالي مكة كانوا مساهمين في القافلة التجارية، جهزوا جيشا من جميع القبائل وبمشاركة جميع أشراف مكة ـ سوى [[أبي لهب]] الذي خاف أن يظفر به [[الرسول الأعظم|الرسول]]  فأرسل '''العاص بن هشام''' ليسد مسده ـ في ألف مقاتل وبقيادة [[عمرو بن هشام المخزومي]] (أبي جهل)، ووجهوا الجيش نحو [[منطقة بدر]]، ومن الجدير بالذكر أن بعض أشراف [[قريش]] ومن الذين قُتلوا في المعركة ك[[عتبة بن ربيعة]] و[[أمية بن خلف]]، لم يوافقوا على الحرب بل أجبروا عليها بضغوط من أبي جهل.<ref> الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج ‏2، ص 443 - 444.</ref> كما وإن [[بني عدي]] و[[بني زهرة]] عادوا ولم يحاربوا في بدر.<ref>الشبراوي، شرح الصدر بغزوة بدر، ص  107.</ref>
لقد اطلع [[أبي سفيان]]  حين عودته من [[الشام]] على نوايا المسلمين لصد طريق قافلته، لذا استأجر '''ضمضم بن عمرو الغفاري''' وأرسله من '''تبوك''' إلى [[مكة]] وطلب من أهلها النجدة لانقاذ أموالهم، وحيث أن أكثر أهالي مكة كانوا مساهمين في القافلة التجارية، جهزوا جيشا من جميع القبائل وبمشاركة جميع أشراف مكة ـ سوى [[أبي لهب]] الذي خاف أن يظفر به [[الرسول الأعظم|الرسول]]  فأرسل '''العاص بن هشام''' ليسد مسده ـ في ألف مقاتل وبقيادة [[عمرو بن هشام المخزومي]] (أبي جهل)، ووجهوا الجيش نحو [[منطقة بدر]]، ومن الجدير بالذكر أن بعض أشراف [[قريش]] ومن الذين قُتلوا في المعركة ك[[عتبة بن ربيعة]] و<nowiki/>[[أمية بن خلف]]، لم يوافقوا على الحرب بل أجبروا عليها بضغوط من أبي جهل.<ref> الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج ‏2، ص 443 - 444.</ref> كما وإن [[بني عدي]] و<nowiki/>[[بني زهرة]] عادوا ولم يحاربوا في بدر.<ref>الشبراوي، شرح الصدر بغزوة بدر، ص  107.</ref>


===استقرار المسلمين في بدر===
===استقرار المسلمين في بدر===
[[ملف:العدوه النیا.jpg|تصغير|يمين|العدوة الدنيا .. محل استقرار جيش المسلمين]]
[[ملف:العدوه النیا.jpg|تصغير|يمين|العدوة الدنيا .. محل استقرار جيش المسلمين]]
بعد العبور من منازل عدة في [[15 رمضان|الخامس عشر من رمضان]] وصل [[الرسول (ص)|الرسول]] إلى منطقة "'''روحا'''"، وصلّى بالقرب من بئرها ولعن كل من [[أبي جهل]] و[[زمعة بن الأسود]].<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 46.</ref>
بعد العبور من منازل عدة في [[15 رمضان|الخامس عشر من رمضان]] وصل [[الرسول (ص)|الرسول]] إلى منطقة "'''روحا'''"، وصلّى بالقرب من بئرها ولعن كل من [[أبي جهل]] و<nowiki/>[[زمعة بن الأسود]].<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 46.</ref>


وتحرك بعد ذلك باتجاه [[منطقة بدر|بدر]]، وبالقرب منها أخبر [[جبرائيل|جبرائيلُ]] النبيَ باقتراب جيش [[قريش]]، فأرسل النبي الأكرم رسلا فيهم [[الإمام علي (ع)]] إلى إحدى الآبار بالقرب منهم ليطلع على الأخبار، وقد اصطدموا ببعض سقاة قريش واسّروا شخصين منهم. وبعد التحقيق معهما تبين أن عدد جيش قريش من 900 إلى 1000 مقاتل، وقد قدموا إلى بدر بمعية أغلب أشرافهم، واستقروا خلف التلال الرملية في العدوة القسوى. فقال [[الرسول الأكرم]]: هذه [[مكة]] قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 269.</ref>
وتحرك بعد ذلك باتجاه [[منطقة بدر|بدر]]، وبالقرب منها أخبر [[جبرائيل|جبرائيلُ]] النبيَ باقتراب جيش [[قريش]]، فأرسل النبي الأكرم رسلا فيهم [[الإمام علي (ع)]] إلى إحدى الآبار بالقرب منهم ليطلع على الأخبار، وقد اصطدموا ببعض سقاة قريش واسّروا شخصين منهم. وبعد التحقيق معهما تبين أن عدد جيش قريش من 900 إلى 1000 مقاتل، وقد قدموا إلى بدر بمعية أغلب أشرافهم، واستقروا خلف التلال الرملية في العدوة القسوى. فقال [[الرسول الأكرم]]: هذه [[مكة]] قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 269.</ref>
سطر ٩٤: سطر ٩٤:
من أجل تحريك المشاعر، قبل بداية المعركة أمر [[أبو جهل]] عامر الحضرمي بأن يحلق راسه ويلطخه بالتراب مطالبا بدم أخيه. يُقال أن عامر كان أول من هجم على معسكر المسلمين ليفرّق صفوفهم، ولكن جيش [[الرسول (ص)|الرسول]] أثبتوا استقامتهم. ومن جهة أخرى كان أبو جهل يوبخ عتبة، وأجبره أن يبدأ بالمبارزة في حرب كان يحاول اطفاء نارها، وهكذا بارز هو وولده الوليد إضافة إلى شيبة وبدؤوا الحرب.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 66 - 67.</ref>
من أجل تحريك المشاعر، قبل بداية المعركة أمر [[أبو جهل]] عامر الحضرمي بأن يحلق راسه ويلطخه بالتراب مطالبا بدم أخيه. يُقال أن عامر كان أول من هجم على معسكر المسلمين ليفرّق صفوفهم، ولكن جيش [[الرسول (ص)|الرسول]] أثبتوا استقامتهم. ومن جهة أخرى كان أبو جهل يوبخ عتبة، وأجبره أن يبدأ بالمبارزة في حرب كان يحاول اطفاء نارها، وهكذا بارز هو وولده الوليد إضافة إلى شيبة وبدؤوا الحرب.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 66 - 67.</ref>


فأخرج لهم الرسول الأكرم، [[حمزة بن عبد المطلب|حمزة]] والإمام [[علي (ع)]] و[[عبيدة بن الحارث]] لساحة القتال، فقتل حمزة شيبة، وقتل علي (ع) الوليد، ولكن عبيدة لم يتمكن من هزيمة عتبة فكرّ حمزة وعلي (ع) عليه وقتلاه.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 22.</ref>
فأخرج لهم الرسول الأكرم، [[حمزة بن عبد المطلب|حمزة]] والإمام [[علي (ع)]] و<nowiki/>[[عبيدة بن الحارث]] لساحة القتال، فقتل حمزة شيبة، وقتل علي (ع) الوليد، ولكن عبيدة لم يتمكن من هزيمة عتبة فكرّ حمزة وعلي (ع) عليه وقتلاه.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 22.</ref>


===مصير المعركة===
===مصير المعركة===
سطر ١١٩: سطر ١١٩:
===صدى المعركة في المدينة===
===صدى المعركة في المدينة===


بقي [[رسول الله]] ثلاثة أيام في [[منطقة بدر|بدر]] ومن ثم أرسل [[زيد بن حارثة]] و[[عبد الله بن رواحة]] من أثيل إلى [[المدينة]] لكي يوصلا نبأ انتصار المسلمين إلى أهلها.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 114 - 115.</ref>
بقي [[رسول الله]] ثلاثة أيام في [[منطقة بدر|بدر]] ومن ثم أرسل [[زيد بن حارثة]] و<nowiki/>[[عبد الله بن رواحة]] من أثيل إلى [[المدينة]] لكي يوصلا نبأ انتصار المسلمين إلى أهلها.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 114 - 115.</ref>


كان لمعركة بدر صدى واسع بين [[المسلم|المسلمين]] واليهود و[[المنافق|المنافقين]] في المدينة<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، صص 300 - 302.</ref> فمكانة هذا الانتصار وعظيم شأنه سبّب عدم تصديق كلام زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة من قبل [[اليهود]] والمنافقين وحتى بعض المسلمين، واعتبروا كلامهما هذيانا.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 115.</ref> ولكن من لم يشك بصحة النبأ فخرج إلى روحا مستقبلا الرسول وكان من بينهم أشراف [[خزرج]]، وباركوا للمسلمين الانتصار في بدر، ومن لم يحضر [[الغزوة]] قدم اعتذاره للرسول.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 116 - 117.</ref> ورغم هذا الانتصار الذي أعلى من شأن المسلمين ما بين القبائل ولكن بقيت هذه الوقعة تحز في نفوس بعض المسلمين، حيث عندما كان يشرب بعضهم الخمر وصولا إلى حد السكر ـ وذلك قبل ان يُحرّم الخمر ـ كانوا ينشدون أشعارا ترثي قتلى المشركين من أهل  بدر  {{بحاجة لمصدر}} وقيل أن ممن رثى قتلى قريش كان [[أبو بكر]]،<ref>القمي، تفسير القمي، ص 180.</ref> ويقول الزمخشري أن [[عمر]] قعد ينوح على قتلى بدر بشِعر '''الأسود بن عبد يغوث'''، قائلا:
كان لمعركة بدر صدى واسع بين [[المسلم|المسلمين]] واليهود و[[المنافق|المنافقين]] في المدينة<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، صص 300 - 302.</ref> فمكانة هذا الانتصار وعظيم شأنه سبّب عدم تصديق كلام زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة من قبل [[اليهود]] والمنافقين وحتى بعض المسلمين، واعتبروا كلامهما هذيانا.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 115.</ref> ولكن من لم يشك بصحة النبأ فخرج إلى روحا مستقبلا الرسول وكان من بينهم أشراف [[خزرج]]، وباركوا للمسلمين الانتصار في بدر، ومن لم يحضر [[الغزوة]] قدم اعتذاره للرسول.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 116 - 117.</ref> ورغم هذا الانتصار الذي أعلى من شأن المسلمين ما بين القبائل ولكن بقيت هذه الوقعة تحز في نفوس بعض المسلمين، حيث عندما كان يشرب بعضهم الخمر وصولا إلى حد السكر ـ وذلك قبل ان يُحرّم الخمر ـ كانوا ينشدون أشعارا ترثي قتلى المشركين من أهل  بدر  {{بحاجة لمصدر}} وقيل أن ممن رثى قتلى قريش كان [[أبو بكر]]،<ref>القمي، تفسير القمي، ص 180.</ref> ويقول الزمخشري أن [[عمر]] قعد ينوح على قتلى بدر بشِعر '''الأسود بن عبد يغوث'''، قائلا:
سطر ١٣٨: سطر ١٣٨:
منع [[أبو سفيان]] المشركين من البكاء والنوح والرثاء على القتلى كما حذرهم من أي مظهر من مظاهر الفرح، وذلك لكي تبقي نار الغضب مشتعلة.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 121.</ref> ولكن بقيت مكة شهرا كاملا في الحزن والمأتم ولم يبقى بيت إلا وكان يرثى قتلاه. ونثرت النساء شعرها. ورثت قريش القتلى بأشعار عديدة نجد أغلبها في الكتب التاريخة والأدبية.<ref>الأصفهاني، الأغاني، ج 1، صص 23 - 24.</ref>
منع [[أبو سفيان]] المشركين من البكاء والنوح والرثاء على القتلى كما حذرهم من أي مظهر من مظاهر الفرح، وذلك لكي تبقي نار الغضب مشتعلة.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 121.</ref> ولكن بقيت مكة شهرا كاملا في الحزن والمأتم ولم يبقى بيت إلا وكان يرثى قتلاه. ونثرت النساء شعرها. ورثت قريش القتلى بأشعار عديدة نجد أغلبها في الكتب التاريخة والأدبية.<ref>الأصفهاني، الأغاني، ج 1، صص 23 - 24.</ref>


كان وقع هذه الخسارة ثقيل على [[قريش]]، حيث سببت في [[غزوة أحد]] في العام التالي،<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 44.</ref> إضافة إلى الحقد الذي بقي في قلب القريشين وبالتحديد في قلب [[الأمويين]]، وحتى بعد إسلامهم حاولوا عدة مرات أن يظهروا هذا الحقد، وأكثر من تأذى من الحقد القرشي كانوا [[أهل البيت]] و[[أمير المؤمنين]] (ع) بالتحديد،<ref>يعقوب، المواجهة مع رسول الله وآله، صص 35 و 211.</ref> وفي حوار دار بين [[عثمان بن عفان|عثمان]] وعلي (ع) تطرق عثمان لهذا الحقد والكراهية وخاطب [[الإمام علي]] (ع) قائلا: وَ اللَّهِ لَا تُحِبُّكُمْ قُرَيْشٌ أَبَداً بَعْدَ سَبْعِينَ رَجُلًا قَتَلْتُمُوهُمْ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ كَأَنَّهُمْ شُنُوفُ الذَّهَبِ.<ref>المفيد، الجمل، ص 186.</ref> وبحسب بعض الباحثين أن كل ما حدث في التاريخ الإسلامي ضد [[الشيعة الإثنا عشرية|شيعة أهل البيت]] له علاقة بما حدث في بدر<ref>يعقوب، المواجهة مع رسول الله وآله، ص 172.</ref> وظهر أوج هذا العداء في [[واقعة كربلاء]]، حيث صرح [[يزيد بن معاوية|يزيد]] بأن المعركة كانت للأخذ بثأر بدر، واستشهد بشعر لـ'''ابن الزبعري''':
كان وقع هذه الخسارة ثقيل على [[قريش]]، حيث سببت في [[غزوة أحد]] في العام التالي،<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 44.</ref> إضافة إلى الحقد الذي بقي في قلب القريشين وبالتحديد في قلب [[الأمويين]]، وحتى بعد إسلامهم حاولوا عدة مرات أن يظهروا هذا الحقد، وأكثر من تأذى من الحقد القرشي كانوا [[أهل البيت]] و<nowiki/>[[أمير المؤمنين]] (ع) بالتحديد،<ref>يعقوب، المواجهة مع رسول الله وآله، صص 35 و 211.</ref> وفي حوار دار بين [[عثمان بن عفان|عثمان]] وعلي (ع) تطرق عثمان لهذا الحقد والكراهية وخاطب [[الإمام علي]] (ع) قائلا: وَ اللَّهِ لَا تُحِبُّكُمْ قُرَيْشٌ أَبَداً بَعْدَ سَبْعِينَ رَجُلًا قَتَلْتُمُوهُمْ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ كَأَنَّهُمْ شُنُوفُ الذَّهَبِ.<ref>المفيد، الجمل، ص 186.</ref> وبحسب بعض الباحثين أن كل ما حدث في التاريخ الإسلامي ضد [[الشيعة الإثنا عشرية|شيعة أهل البيت]] له علاقة بما حدث في بدر<ref>يعقوب، المواجهة مع رسول الله وآله، ص 172.</ref> وظهر أوج هذا العداء في [[واقعة كربلاء]]، حيث صرح [[يزيد بن معاوية|يزيد]] بأن المعركة كانت للأخذ بثأر بدر، واستشهد بشعر لـ'''ابن الزبعري''':
{{بداية قصيدة}}
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|قد قتلنا القوم مـــــن ساداتهم|وعدلنا ميل '''بدر''' فاعتدل}}
{{بيت|قد قتلنا القوم مـــــن ساداتهم|وعدلنا ميل '''بدر''' فاعتدل}}
مستخدم مجهول