مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «معركة صفين»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Ahmadnazem لا ملخص تعديل |
imported>Ahmadnazem لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
{{ وضح|معركة صفين || صفين (توضيح)}} | {{ وضح|معركة صفين || صفين (توضيح)}} | ||
{{الإمام علي عليه السلام ـ عمودي}} | {{الإمام علي عليه السلام ـ عمودي}} | ||
'''معركة صفين'''؛ هي المعركة التي دارت رحاها بين [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام }} وجيشه من جهة، وبين [[معاوية]] وجيشه الذي عرف بـ [[القاسطون|القاسطين]] من جهة أخرى، وذلك في شهر [[صفر]] من السنة [[37 هـ|37 للهجرة]] في منطقة [[صفين]] قرب مدينة [[الرقة]] [[سوريا|السورية]]، ووصفت أنها من أعنف و أشرس المعارك في التاريخ الإسلامي، حتى زاد عدد القتلى فيها على عشرات الآلاف، وانتهت بعملية [[التحكيم]] في شهر [[رمضان]] سنة [[38 هـ|38 للهجرة]]. | '''معركة صفين'''؛ هي المعركة التي دارت رحاها بين [[أمير المؤمنين علي]] {{عليه السلام }} وجيشه من جهة، وبين [[معاوية]] وجيشه الذي عرف بـ [[القاسطون|القاسطين]] من جهة أخرى، وذلك في شهر [[صفر]] من السنة [[37 هـ|37 للهجرة]] في منطقة [[صفين]] قرب مدينة [[الرقة]] [[سوريا|السورية]]، ووصفت أنها من أعنف و أشرس المعارك في التاريخ الإسلامي، حتى زاد عدد القتلى فيها على عشرات الآلاف، وانتهت بعملية [[التحكيم]] في شهر [[رمضان]] سنة [[38 هـ|38 للهجرة]]. | ||
==أسباب حدوث المعركة== | ==أسباب حدوث المعركة== | ||
سطر ٧: | سطر ٧: | ||
[[ملف:معركة صفين.jpg|تصغير]] | [[ملف:معركة صفين.jpg|تصغير]] | ||
بدأت ملامح المعركة تلوح في الأفق بعد مقتل [[عثمان بن عفان]] ومبايعة [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} [[الخلافة|للخلافة]]؛ حيث قرر الإمام {{عليه السلام}} عزل [[معاوية]] وتنصيب [[عبد الله بن عباس]] على ولاية [[الشام]]، وكتب في ذلك إلى معاوية قائلاً: | بدأت ملامح المعركة تلوح في الأفق بعد مقتل [[عثمان بن عفان]] ومبايعة [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} [[الخلافة|للخلافة]]؛ حيث قرر الإمام {{عليه السلام}} عزل [[معاوية]] وتنصيب [[عبد الله بن عباس]] على ولاية [[الشام]]، وكتب في ذلك إلى معاوية قائلاً: | ||
{{اقتباس2| | {{اقتباس2|إن الناس قد قتلوا [[عثمان بن عفان|عثمان]] عن غير مشورة منّي وبايعوا لي عن مشورة منهم واجتماع فبايع وفد إليّ في أشراف أهل الشام.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج3، ص12.</ref>}} | ||
فرفض معاوية قرار أمير المؤمنين علي عليه السلام وطالب بتسليم قتلة عثمان لكي يقيم الحد عليهم. | فرفض معاوية قرار أمير المؤمنين علي عليه السلام وطالب بتسليم قتلة عثمان لكي يقيم الحد عليهم. | ||
وبعد أن انتهت [[معركة الجمل]] عاد أمير المؤمنين {{عليه السلام}} إلى [[الكوفة]] وبذل قصارى جهده لاقناع [[معاوية]] في الدخول فيما دخل المسلمون فيه.<ref>ابن أعثم، الفتوح، ج2، ص375.</ref> كما قام أيضاً بنزع [[جرير بن عبد الله البجلي|جريراً بن عبد الله البجلي]] عن همدان فجاء حتى نزل الكوفة، فبعثه أمير المؤمنين إلى معاوية رسولاً ليبلغه: | وبعد أن انتهت [[معركة الجمل]] عاد أمير المؤمنين {{عليه السلام}} إلى [[الكوفة]] وبذل قصارى جهده لاقناع [[معاوية]] في الدخول فيما دخل المسلمون فيه.<ref>ابن أعثم، الفتوح، ج2، ص375.</ref> كما قام أيضاً بنزع [[جرير بن عبد الله البجلي|جريراً بن عبد الله البجلي]] عن همدان فجاء حتى نزل الكوفة، فبعثه أمير المؤمنين إلى معاوية رسولاً ليبلغه: | ||
::«أما بعد، فإنّ بيعتي ب[[المدينة]] لزمتك وأنت بالشام... فادخل فيما دخل فيه المسلمون، فإنّ أحبّ الأمور إليّ فيك العافية، إلا أن تتعرض للبلاء، فإن تعرضت له قاتلتك، واستعنت بالله عليك. وقد أكثرت في قتله عثمان، فادخل فيما دخل فيه الناس، ثم حاكم القوم إليّ أحملك وإياهم على كتاب الله، فأما تلك التي تريدها فخدعه الصبي عن اللبن. ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك، لتجدني أبرأ [[قريش]] من دم عثمان».<ref>ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج3، ص89.</ref> ولم يرد معاوية على كتابه {{عليه السلام}}.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج2، ص211.</ref> | |||
فأجاب معاوية جرير بالانتظار حتى يأخذ رأي أهل الشام في ذلك.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: ج32 ، ص368- 369.</ref> فأمر معاوية للصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس صعد المنبر وقال بعد كلام طويل حرّض من خلاله أهل الشام على الالتزام بالقصاص من قتلة عثمان، فقاموا بأجمعهم وأجابوا إلى الطلب بدم عثمان وبايعوه على ذلك، وأوثقوا له على أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم حتى يدركوا ثأره أو يفني الله أرواحهم.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: ج32، ص369.</ref> | فأجاب معاوية جرير بالانتظار حتى يأخذ رأي أهل الشام في ذلك.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: ج32 ، ص368- 369.</ref> فأمر معاوية للصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس صعد المنبر وقال بعد كلام طويل حرّض من خلاله أهل الشام على الالتزام بالقصاص من قتلة عثمان، فقاموا بأجمعهم وأجابوا إلى الطلب بدم عثمان وبايعوه على ذلك، وأوثقوا له على أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم حتى يدركوا ثأره أو يفني الله أرواحهم.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: ج32، ص369.</ref> | ||
سطر ٢٦: | سطر ٢٧: | ||
قام [[معاوية]] بتأليب مستشاريه وأهل الشام على [[أمير المؤمنين]] [[علي بن أبي طالب]] عليه السلام، وأنّه هو الذي قام بقتل [[عثمان بن عفان]]. وانتشر الخبر في [[الشام]] مثل النار في الهشيم، فحرّض الناس على قتال أمير المؤمنين علي عليه السلام وأخذ منهم البيعة على ذلك. فذهب معاوية إلى جرير بن عبد الله وأخبره بالعودة إلى [[الكوفة]] وإخبار أمير المؤمنين بالحرب. وكتب لأمير المؤمنين: | قام [[معاوية]] بتأليب مستشاريه وأهل الشام على [[أمير المؤمنين]] [[علي بن أبي طالب]] عليه السلام، وأنّه هو الذي قام بقتل [[عثمان بن عفان]]. وانتشر الخبر في [[الشام]] مثل النار في الهشيم، فحرّض الناس على قتال أمير المؤمنين علي عليه السلام وأخذ منهم البيعة على ذلك. فذهب معاوية إلى جرير بن عبد الله وأخبره بالعودة إلى [[الكوفة]] وإخبار أمير المؤمنين بالحرب. وكتب لأمير المؤمنين: | ||
::أما بعد فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت برئ من دم عثمان كنت ك[[أبي بكر]] وعمر وعثمان ولكنك أغريت بعثمان وخذلت عنه [[الأنصار]] فأطاعك الجاهل وقوي بك الضعيف وقد أبي أهل الشام إلا قتالك حتى تدفع إليهم قتلة عثمان، فإن فعلت كانت شورى بين [[المسلمين]]. ولعمري ما حجتك عليّ كحجتك على [[طلحة]] و[[الزبير]] لأنهما بايعاك ولم أبايعك، ولا حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل [[البصرة]] لأنهم أطاعوك ولم يطعك أهل الشام. فأما شرفك في [[الإسلام]] وقرابتك من [[النبي (ص)]] وموضعك من [[قريش]] فلست أدفعه.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: ج32، ص394.</ref> | |||
==أمير المؤمنين (ع) يستنفر الناس== | ==أمير المؤمنين (ع) يستنفر الناس== | ||
لما رجع جرير إلى [[علي بن أبي طالب عليه السلام|علي]] عليه السلام حاملاً إليه كتاب معاوية بالحرب، ولما رأى أمير المؤمنين {{عليه السلام}} أن التحركات السياسية لم تمنع [[معاوية]] عن غيّه، وأن الرجل لا تنفع معه إلا لغة القوة من جهة، وإصرار كبار [[الكوفة|الكوفيين]] على مواجهة معاوية من جهة أخرى، دعا من كان معه من [[المهاجرين]] و[[الأنصار]] وجمعهم وأخذ برأيهم في قتال عدوهم وعدو الإسلام، فصوبوا رأيه وناصروه على ذلك.<ref>ابن مزاحم، وقعة صفين: ج2، ص92.</ref> وكذلك كتب أمير المؤمنين إلى عماله في بلاد المسلمين يستنفرهم [[الجهاد|للجهاد]] ضد العصاة الذين عطلوا الحدود وأماتوا الحق وأظهروا الفساد في الأرض.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: ج32، ص400.</ref> كذلك صعد أمير المؤمنين وولداه [[الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب|الحسن]] و[[الحسين بن علي بن أبي طالب|الحسين]] عليهم السلام على المنبر وخطبوا بالمسلمين ودعوهم إلى الجهاد في سبيل الله ونصرة الدين الحق ضد [[الفئة الباغية]].<ref>المجلسي، بحار الأنوار: ج32، ص404 – 405.</ref> فقال أمير المؤمنين عليه السلام للناس: | لما رجع جرير إلى [[علي بن أبي طالب عليه السلام|علي]] عليه السلام حاملاً إليه كتاب معاوية بالحرب، ولما رأى أمير المؤمنين {{عليه السلام}} أن التحركات السياسية لم تمنع [[معاوية]] عن غيّه، وأن الرجل لا تنفع معه إلا لغة القوة من جهة، وإصرار كبار [[الكوفة|الكوفيين]] على مواجهة معاوية من جهة أخرى، دعا من كان معه من [[المهاجرين]] و[[الأنصار]] وجمعهم وأخذ برأيهم في قتال عدوهم وعدو الإسلام، فصوبوا رأيه وناصروه على ذلك.<ref>ابن مزاحم، وقعة صفين: ج2، ص92.</ref> وكذلك كتب أمير المؤمنين إلى عماله في بلاد المسلمين يستنفرهم [[الجهاد|للجهاد]] ضد العصاة الذين عطلوا الحدود وأماتوا الحق وأظهروا الفساد في الأرض.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: ج32، ص400.</ref> كذلك صعد أمير المؤمنين وولداه [[الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب|الحسن]] و[[الحسين بن علي بن أبي طالب|الحسين]] عليهم السلام على المنبر وخطبوا بالمسلمين ودعوهم إلى الجهاد في سبيل الله ونصرة الدين الحق ضد [[الفئة الباغية]].<ref>المجلسي، بحار الأنوار: ج32، ص404 – 405.</ref> فقال أمير المؤمنين عليه السلام للناس: | ||
::«إن الله قد أكرمكم بدينه وخلقكم لعبادته فانصبوا أنفسكم في أداء حقه وتنجزوا موعوده واعلموا أن الله جعل أمراس [[الإسلام]] متينة وعراه وثيقة ثم جعل الطاعة حظ الأنفس برضا الرب وغنيمة الأكياس عند تفريط الفجرة وقد حملت أمر أسودها وأحمرها. ونحن سائرون إن شاء الله إلى من سَفِهَ نَفْسَهُ وتناول ما ليس له وما لا يدركه - معاوية وجنده الفئة الباغية الطاغية...». | |||
فأجاب علياً عليه السلام إلى المسير جلّ الناس من المهاجرين والأنصار وأهل الكوفة،<ref>المجلسي، بحار الأنوار: ج32، ص406.</ref> وخرج عليه السلام فعسكر بالنخيلة وتخلف عنه نفر من أهل الكوفة، وقدم عليه [[عبد الله بن عباس]] فيمن معه من أهل البصرة.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج3، ص163.</ref> | فأجاب علياً عليه السلام إلى المسير جلّ الناس من المهاجرين والأنصار وأهل الكوفة،<ref>المجلسي، بحار الأنوار: ج32، ص406.</ref> وخرج عليه السلام فعسكر بالنخيلة وتخلف عنه نفر من أهل الكوفة، وقدم عليه [[عبد الله بن عباس]] فيمن معه من أهل البصرة.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج3، ص163.</ref> | ||
سطر ٧٧: | سطر ٧٨: | ||
ما أن رفع الشاميون [[القرآن الكريم|المصاحف]] حتى سرت الفتنة في جيش [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}}، وانطلت عليهم الخدعة، فانقسوا إلى فريقين. فجاءه {{عليه السلام}} زهاء عشرين ألفاً، فنادوه {{عليه السلام}} باسمه لا بإمرة المؤمنين، يا علي أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت إليه - و إلا قتلناك كما قتلنا ابن عفان، فو [[الله]] لنفعلنها إن لم تجبهم. فقال لهم: | ما أن رفع الشاميون [[القرآن الكريم|المصاحف]] حتى سرت الفتنة في جيش [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}}، وانطلت عليهم الخدعة، فانقسوا إلى فريقين. فجاءه {{عليه السلام}} زهاء عشرين ألفاً، فنادوه {{عليه السلام}} باسمه لا بإمرة المؤمنين، يا علي أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت إليه - و إلا قتلناك كما قتلنا ابن عفان، فو [[الله]] لنفعلنها إن لم تجبهم. فقال لهم: | ||
::«ويحكم أنا أول من دعا إلى كتاب الله وأول من أجاب إليه، وليس يحل لي ولا يسعني في ديني أن أدعى إلى كتاب الله، فلا أقبله إنّي إنما أقاتلهم ليدينوا بحكم القرآن، فإنهم قد عصوا الله فيما أمرهم ونقضوا عهده، ونبذوا كتابه، ولكني قد أعلمتكم أنهم قد كادوكم، وأنهم ليسوا العمل بالقرآن يريدون». | |||
وبهذا انتهت المعركة إلى القبول ب[[التحكيم]].<ref>ابن مزاحم، وقعة صفين، ص490.</ref> في شهر [[رمضان]] من سنة ثمان وثلاثين [[الهجرة النبوية|للهجرة]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص188؛ ابن الخياط، تاريخ ابن الخياط، ص191.</ref> | وبهذا انتهت المعركة إلى القبول ب[[التحكيم]].<ref>ابن مزاحم، وقعة صفين، ص490.</ref> في شهر [[رمضان]] من سنة ثمان وثلاثين [[الهجرة النبوية|للهجرة]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص188؛ ابن الخياط، تاريخ ابن الخياط، ص191.</ref> | ||