انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «واقعة سقيفة بني ساعدة»

ط
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Nabavi
طلا ملخص تعديل
imported>Nabavi
طلا ملخص تعديل
سطر ٢٨: سطر ٢٨:


==فترة تجهيز النبي==
==فترة تجهيز النبي==
تذكر المصادر التاريخية أحداثاً ذات أهمية للأمة المسلمة في الفترة التي تقع ما بين [[وفاة النبي (ص)|وفاة النبي]] ومواراته الثرى.
تذكر المصادر التاريخية أحداثاً ذات أهمية للأمة في الفترة التي تقع ما بين [[وفاة النبي (ص)|وفاة النبي]] ومواراته الثرى.


يقول المسعودي: في اليوم الّذي توفى فيه [[رسول الله]]{{صل}} وهو يوم الإثنين لإثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول [[سنة 11 من الهجرة]]، وقد كانت الأنصار نصبت للبيعة سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري ثم الخزرجي فكانت بينه وبين من حضر من [[المهاجرين]] في السقيفة منازعة طويلة وخطوب عظيمة، و[[علي ابن أبي طالب|علي]] و[[العباس بن عبد المطلب|العباس]] وغيرهم من المهاجرين مشتغلين بتجهيز النبي{{صل}}، وكان ذلك أول خلاف حدث في [[الإسلام]] بعد النبي{{صل}}.<ref>المسعودي، التنبيه والإشراف، ص 247.</ref>
يقول المسعودي: في اليوم الّذي توفي فيه [[رسول الله]]{{صل}} وهو [[12 ربيع الأول|يوم الإثنين لإثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول]] [[سنة 11 من الهجرة]]، وقد كانت الأنصار نصبت للبيعة سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري ثم الخزرجي فكانت بينه وبين من حضر من [[المهاجرين]] في السقيفة منازعة طويلة وخطوب عظيمة، و[[علي ابن أبي طالب|علي]] و[[العباس بن عبد المطلب|العباس]] وغيرهم [من الصحابة] مشتغلين بتجهيز النبي{{صل}}، وكان ذلك أول خلاف حدث في [[الإسلام]] بعد النبي{{صل}}.<ref>المسعودي، التنبيه والإشراف، ص 247.</ref>


في الوقت الذي كان البعض يتناقشون في السقيفة لملئ الفراغ الحاصل من فقدان النبي، كان [[علي بن أبي طالب]] مهتماً بتجهيز الرسول، ولا يرى أمراً يستدعي التأخير، وهذا ما يفهم من خلال الروايات،
في الوقت الذي كان البعض يتناقشون في السقيفة لملئ الفراغ الناتج عن فقدان النبي، كان [[علي بن أبي طالب]] مهتماً بتجهيز الرسول، ولا يرى ما يستدعي التأخير، وهذا ما يفهم من خلال الروايات:


فيقول علي: أفكنت أدع رسول الله{{صل}} في بيته لم أدفنه، وأخرج أنازع الناس سلطانه؟ فقالت [[فاطمة الزهراء (س)|فاطمة]]: ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم<ref>ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 30.</ref>فبما أن الإعتقاد السائد على أنه لا رغبة [[بني هاشم|لبني هاشم]] بما يمثلهم علي{{ع}} في التصدي لأمر الخلافة كان يطغى على المجتمع المدني حينذاك بحسب القرائن، بعد احتجاج علي على الوقعة، قال بعض من الأنصار لعلي: لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتها [[أبي بكر بن أبي قحافة|لأبي بكر]] ما اختلف عليك اثنان، فأجاب: أكنت أترك رسول الله ميتاً في بيته لا اُجهّزه، وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه؟<ref>تاري، حقائق السقيفة، ص 124.</ref>
منها: "أفكنت أدع رسول الله{{صل}} في بيته لم أدفنه، وأخرج أنازع الناس سلطانه؟"
فقالت [[فاطمة الزهراء (س)|فاطمة]]: ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم<ref>ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 30.</ref>
فبما أن الإعتقاد السائد على أنه لا رغبة لـ[[بني هاشم]] بمن يمثلهم علي{{ع}} في التصدي لأمر الخلافة كان يطغى على المجتمع [[المدينة|المدني]] حينذاك بحسب القرائن، فبعد احتجاج علي (ع) على ما جرى، قال له بعض من الأنصار: لو كان هذا الكلام سمعَته منك الأنصار يا علي قبل بيعتها لـ[[أبي بكر]]، ما اختلف عليك اثنان،
فأجاب: أكنت أترك رسول الله ميتاً في بيته لا اُجهّزه، وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه؟<ref>تاري، حقائق السقيفة، ص 124.</ref>


==مجريات السقيفة==
==مجريات السقيفة==
على ما يبدو أن غالبية الروايات التي نقلت الواقعة تصل إلى [[عبد الله بن العباس]]. وجميع الروايات الأخرى قد أخذت من رواية ابن عباس أو تأثرت منها. فقد ذكرها ابن هشام، الطبري، عبد الرزاق بن همّام، البخاري وابن حنبل مع اختلاف يسير في سلسلة الرواة.<ref>مدلونغ، ويلفرد، (The Succession to Muhammad)، ص 47.</ref>   
يبدو أن غالبية الروايات التي نقلت الواقعة تصل إلى [[عبد الله بن العباس]]. وجميع الروايات الأخرى قد أخذت من رواية ابن عباس أو تأثرت منها. فقد ذكرها ابن هشام، الطبري، عبد الرزاق بن همّام، البخاري وابن حنبل مع اختلاف يسير في سلسلة الرواة.<ref>مدلونغ، ويلفرد، (The Succession to Muhammad)، ص 47.</ref>   


الأحداث التي وقعت في سقيفة بني ساعدة تنقسم إلى مرحلتين، قبل إلتحاق الشيخين، وبعد إلتحاقهما ويصطحبهما [[أبو عبيدة بن الجراح|أبو عبيدة بن الجراح]].
يمكن تقسييم الأحداث التي وقعت في سقيفة بني ساعدة إلى مرحلتين، قبل إلتحاق [[الشيخين]]، وبعد إلتحاقهما بالأنصار و[[أبو عبيدة بن الجراح]] يصطحبهما.


'''الأنصار في السقيفة؛'''
'''الأنصار في السقيفة؛'''


ما جرى في السقيفة كما يذكره الطبري: "حينما قبض [[النبي]]{{صل}} كانت الأنصار اجتمعت في سقيفة بني ساعدة ليولّون [[سعد بن عبادة]]، الأمر بعد النبي{{صل}} وأخرجوه وهو مريض، فشخص آخر يتكلم بكلامه ويسمع الناس. بعد ما ذكر للأنصار من فضائل لم يتسم بها قبيلة من [[العرب]] وأنه ما آمن به قومه إلا قليلاً وفي غاية الضعف والعزلة وأن فضلهم الله وخصّهم بالنعمة والكرامة وما إلى ذلك حتى استقامت العرب لأمر الله طوعاً وكرهاً إلى أن ينتهي ويدعوهم بالإستئثار بالحكم، فيأيده القوم ويوصفه بـ[[صالح المؤمنين]] لتولي الأمر ثم يترادى الكلام بينهم".
ما جرى في السقيفة على رواية الطبري: "حينما قبض [[النبي]]{{صل}} كانت الأنصار اجتمعت في سقيفة بني ساعدة ليولّون [[سعد بن عبادة]]، الأمر بعد النبي{{صل}} وأخرجوه وهو مريض، فشخص آخر يتكلم بكلامه ويسمع الناس. بعد ما ذكر للأنصار من فضائل لم يتّسم بها قبيلة من [[العرب]] وأنه ما آمن به قومه إلا قليلاً وفي غاية الضعف والعزلة وأن فضلهم الله وخصّهم بالنعمة والكرامة وما إلى ذلك حتى استقامت العرب لأمر الله طوعاً وكرهاً، إلى أن ينتهي ويدعوهم بالإستئثار بالحكم، فيؤيده القوم ويصفه بـ[[صالح المؤمنين]] لتولي الأمر ثم يترادى الكلام بينهم".
جاء على رواية أبي مخنف - من أعاظم محدِّثي تاريخ العهد الإسلامي وأدقّهم - الذي ذكره الطبري في تاريخه:<ref>الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 455-456.</ref>
جاء على رواية [[أبي مخنف]]، الذي ذكره الطبري في تاريخه:<ref>الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 455-456.</ref>


بعد أن يحمد الله ويثني عليه - وقبل وصول الشيخين - سعد بن عبادة يخاطب القوم: "يا معشر الأنصار لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب، أن محمداً{{صل}} لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم  إلى عبادة الرحمن وخلع الأنداد والأوثان فما آمن به من قومه إلا رجال قليل وكان ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسول الله ولا أن يعزّوا دينه ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما عموا به حتى إذا أراد بكم الفضيلة ساق اليكم الكرامة وخصكم بالنعمة فرزقكم الله الإيمان به...".
فيوعز سعد إليهم أن يأخذوا بزمام المبادرة غير مكترثين بآراء الناس بهذه العبارة: "استبدوا بهذا الأمر دون الناس".<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.</ref>
 
إلى أن يقول: "حتى أثخن الله عز وجل لرسوله بكم الأرض ودانت بأسيافكم له العرب وتوفاه الله وهو عنكم راض وبكم قرير عين"، فيوعز إليهم أن يأخذوا بزمام المبادرة غير مكترثين بآراء الناس بهذه العبارة: "استبدوا بهذا الأمر دون الناس".<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.</ref>
فيجيبوه بأجمعهم: "وفقت في الرأى وأصبت في القول ولن نعدو ما رأيت نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع ولصالح المؤمنين رضى ثم إنهم ترادّوا الكلام بينهم" في ما إذا أبت مهاجرة قريش فأجاب البعض: "نحن المهاجرون وصحابة رسول الله الأولون ونحن عشيرته وأولياؤه فعلام تنازعوننا هذا الأمر بعده"؟
فيجيبوه بأجمعهم: "وفقت في الرأى وأصبت في القول ولن نعدو ما رأيت نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع ولصالح المؤمنين رضى ثم إنهم ترادّوا الكلام بينهم" في ما إذا أبت مهاجرة قريش فأجاب البعض: "نحن المهاجرون وصحابة رسول الله الأولون ونحن عشيرته وأولياؤه فعلام تنازعوننا هذا الأمر بعده"؟
فاقترحت طائفة منهم أن يقولوا لهم: "منّا أمير ومنكم أمير ولن نرضى بدون هذا الأمر أبداً" فقال سعد بن عبادة حين سمعها هذا أول الوهن.
فاقترحت طائفة منهم أن يقولوا لهم: "منّا أمير ومنكم أمير ولن نرضى بدون هذا الأمر أبداً" فقال سعد بن عبادة حين سمعها هذا أول الوهن.
هكذا تداول حشد الأنصار الأمر فيما بينهم قبل أن يلتحق بهم أعلام المهاجرين. ثم يأتي الشيخان مع أبي عبيدة بن الجراح.<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455 - 459.</ref>
هكذا تداول حشد الأنصار الأمر فيما بينهم قبل أن يلتحق بهم أعلام المهاجرين.<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455 - 459.</ref>


'''التحاق المهاجرين بالإجتماع؛'''
'''التحاق المهاجرين بالإجتماع؛'''


جاء في الطبري نقلاً عن أبي مخنف: أتى [[عمر بن الخطاب|عمر]] الخبر (إشارة إلى إجتماع السقيفة) فأقبل إلى منزل النبي فأرسل إلى أبى بكر [[أبوبكر بن أبي قحافة|وأبوبكر]] في الدار- [[علي بن أبي طالب|وعلي بن أبي طالب]] دائب في جهاز رسول الله -<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 456.</ref> مما یدل على عدم حضورهما عند جثمان الرسول بعد وفاته وقبل دفنه.
جاء في الطبري نقلاً عن أبي مخنف: أتى [[عمر بن الخطاب|عمر]] الخبر (إشارة إلى إجتماع السقيفة) فأقبل إلى منزل النبي فأرسل إلى أبى بكر و[[أبوبكر بن أبي قحافة]] في الدار -[[علي بن أبي طالب|وعلي بن أبي طالب]] دائب في جهاز رسول الله-<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 456.</ref> مما یدل على عدم حضورهما عند جثمان الرسول بعد وفاته وقبل دفنه.
فيرسل عمر إلى أبي بكر يطلبه أن أخرج إليه، فيردّ أبو بكر بأنه مشتغل، فيرسل إليه ثانية بأنه قد حدث أمر لابدّ من حضوره، ثم يخرج إليه، فيقول: "أما علمت أن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولّوا هذا الأمر سعد بن عبادة وأحسنهم مقالة من يقول منا أمير ومن قريش أمير".
فيرسل عمر إلى أبي بكر يطلبه أن أخرج إليه، فيردّ أبو بكر بأنه مشتغل، فيرسل إليه ثانية بأنه قد حدث أمر لابدّ من حضوره، ثم يخرج إليه، فيقول: "أما علمت أن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولّوا هذا الأمر سعد بن عبادة وأحسنهم مقالة من يقول منا أمير ومن قريش أمير".
وهكذا يصف إبن إسحاق الحدث - بعد أن احتشدت الأنصار وجاء الخبر إلى الشيخين -: لما قبض رسول الله{{صل}} انحاز هذا الحي من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة... فأتى آتٍ إلى أبي بكر وعمر فقال: إن هذا الحي من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة وقد انحازوا إليه، فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا قبل أن يتفاقم أمرهم ورسول الله{{صل}} في بيته لم يفرغ من أمره قد أغلق دونه الباب أهله. فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء حتى ننظر ما هم عليه.
وهكذا يصف إبن إسحاق الحدث - بعد أن احتشدت الأنصار وجاء الخبر إلى الشيخين -: لما قبض رسول الله{{صل}} انحاز هذا الحي من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة... فأتى آتٍ إلى أبي بكر وعمر فقال: إن هذا الحي من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة وقد انحازوا إليه، فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا قبل أن يتفاقم أمرهم ورسول الله{{صل}} في بيته لم يفرغ من أمره قد أغلق دونه الباب أهله. فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء حتى ننظر ما هم عليه.


فيسرعون نحو السقيفة، فيلتقون بأبي عبيدة بن الجراح، يمشون إليهم ثلاثتهم ثم يلتقون بعاصم بن عدي وعويم بن ساعدة، فيخبروهم عن مجريات السقيفة والاجتماع وينصحوهم بالرجوع لعدم سير الأمور على ما يتمنونه، إلا أنهم لا يأخذون بالنصيحة، فيأتون والأنصار مجتمعين، فيقول عمر بن الخطاب: "أتيناهم - وقد كنت زويت أو زوّرت<ref>تاري، حقائق السقيفة، ص 40.</ref> كلاماً أردت أن أقوم به فيهم - فلما أن دفعت إليهم ذهبت لأبتدأ المنطق، فقال لي أبو بكر: رويداً حتى أتكلم ثم انطلق بعد بما أحببت، فنطق، فقال عمر: فما شيء كنت أردت أن أقوله إلاَّ وقد أتى به أو زاد عليه...إلخ"<ref>الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 456.</ref>
فيسرعون نحو السقيفة، فيلتقون بأبي عبيدة بن الجراح، يمشون إليهم ثلاثتهم ثم يلتقون بعاصم بن عدي وعويم بن ساعدة، فيخبروهم عن مجريات السقيفة والاجتماع وينصحوهم بالرجوع لعدم سير الأمور على ما يتمنونه، إلا أنهم لا يأخذون بالنصيحة، فيأتون والأنصار مجتمعين، فيقول عمر بن الخطاب: "أتيناهم - وقد كنت زويت أو زوّرت<ref>تاري، حقائق السقيفة، ص 40.</ref> كلاماً أردت أن أقوم به فيهم - فلما أن دفعت إليهم ذهبت لأبتدأ المنطق، فقال لي أبو بكر: رويداً حتى أتكلم ثم انطلق بعد بما أحببت، فنطق، فقال عمر: فما شيء كنت أردت أن أقوله إلاَّ وقد أتى به أو زاد عليه..."<ref>الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 456.</ref>


'''الصحابة تتنازع؛'''
'''الصحابة تتنازع؛'''
مستخدم مجهول