انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «ليلة المبيت»

لا يوجد ملخص تحرير
imported>Ali110110
imported>Ali110110
لا ملخص تعديل
سطر ٢١: سطر ٢١:
فأقبلوا عليه (ع) يضربونه، ثم أخرجوه من البيت، وحبسوه في [[المسجد الحرام]] ساعة من الليل، وضربوه حتى كادوا يقتلونه.<ref>المجلسي، ج 19، ص 92.</ref> ثم توجّهوا نحو المدينة يطلبون النبي (ص).<ref>المفيد، ص ۳۰.</ref>
فأقبلوا عليه (ع) يضربونه، ثم أخرجوه من البيت، وحبسوه في [[المسجد الحرام]] ساعة من الليل، وضربوه حتى كادوا يقتلونه.<ref>المجلسي، ج 19، ص 92.</ref> ثم توجّهوا نحو المدينة يطلبون النبي (ص).<ref>المفيد، ص ۳۰.</ref>


وعندما كان [[الإمام علي]] (ع) في فراش [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|رسول الله]] (ص)، هبط [[جبرئيل]] فجلس عند رأسه، و [[ميكائيل]] عند رجليه، و جعل جبرئيل يقول:«بخ بخ، مَن مثلك يا ابن [[أبو طالب |أبي طالب]]! والله عزّ وجلّ يباهي بك الملائكة».<ref>الصدوق، 469 ؛ الفخر الرازي، ج 5، ص 174 ؛ الحاكم الحسكاني، ج 1، ص 123.</ref>
وعندما كان [[الإمام علي]] (ع) في فراش [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|رسول الله]] (ص)، هبط [[جبرئيل]] فجلس عند رأسه، و[[ميكائيل]] عند رجليه، وجعل جبرئيل يقول:«بخ بخ، مَن مثلك يا ابن [[أبو طالب |أبي طالب]]! والله عزّ وجلّ يباهي بك الملائكة».<ref>الصدوق، 469 ؛ الفخر الرازي، ج 5، ص 174 ؛ الحاكم الحسكاني، ج 1، ص 123.</ref>


==نزول آية في شأن الإمام علي (ع)==
==نزول آية في شأن الإمام علي (ع)==


يذكر علماء [[الشيعة]] و [[السنة]] أن الآية: «'''وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفُ بِالْعِبَاد'''»<ref>البقرة / 2 / 207.</ref> نزلت في شأن [[الإمام علي]]  في حادثة ليلة المبيت.<ref>الطباطبائي، ج 2، ص 135 ؛ الحاكم النيشابوري، ج 3، ص 5 ؛ ابوعبد الله الشيباني، ج 2، ص 484؛ العياشي، ج 1، ص 101، ح 292؛ الزركشي، ج 1، ص 206.</ref>
يذكر علماء [[الشيعة]] و[[السنة]] أن الآية: «'''وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفُ بِالْعِبَاد'''»<ref>البقرة / 2 / 207.</ref> نزلت في شأن [[الإمام علي]]  في حادثة ليلة المبيت.<ref>الطباطبائي، ج 2، ص 135 ؛ الحاكم النيشابوري، ج 3، ص 5 ؛ ابوعبد الله الشيباني، ج 2، ص 484؛ العياشي، ج 1، ص 101، ح 292؛ الزركشي، ج 1، ص 206.</ref>


== سير الهجرة في جدول زمني ==
== سير الهجرة في جدول زمني ==
سطر ٥٦: سطر ٥٦:
|}
|}
</center>
</center>
== الهجرة و بداية التأريخ الهجري ==
== الهجرة وبداية التأريخ الهجري ==
[[ملف:خريطة التوضيح.png|تصغير|خريطة تبين مسار الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلي المدينة المنورة و هجرة المسلمين إلي الحبشة]]
[[ملف:خريطة التوضيح.png|تصغير|خريطة تبين مسار الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلي المدينة المنورة وهجرة المسلمين إلي الحبشة]]
انطلق [[التاريخ الهجري|التأريخ الهجري]] أو ([[التاريخ الهجري|التقويم الهجري]]) عند المسلمين من [[عام الهجرة]] النبوية من [[مكة]] المكرمة إلى [[يثرب]] التي أصبحت بعد ذلك تسمى ب[[المدينة المنورة]]. والهجرة تعد من معالم التاريخ الإسلامي لدى المسلمين؛ لأنها تعد هجرة من الشرك والكفر إلى التوحيد و الإسلام و هي مهيئة أرضية تكوين الدولة الإسلامية و الحضارة الكبري الإسلامية بين شعوب العالم كله.
انطلق [[التاريخ الهجري|التأريخ الهجري]] أو ([[التاريخ الهجري|التقويم الهجري]]) عند المسلمين من [[عام الهجرة]] النبوية من [[مكة]] المكرمة إلى [[يثرب]] التي أصبحت بعد ذلك تسمى ب[[المدينة المنورة]]. والهجرة تعد من معالم التاريخ الإسلامي لدى المسلمين؛ لأنها تعد هجرة من الشرك والكفر إلى التوحيد والإسلام وهي مهيئة أرضية تكوين الدولة الإسلامية والحضارة الكبري الإسلامية بين شعوب العالم كله.


===من الذي جعل الهجرة مبدأً للتاريخ؟===
===من الذي جعل الهجرة مبدأً للتاريخ؟===
إن الإمعان في مراسلات النبيّ (ص) ومكاتباته التي هي مدرجة في الأغلب في كتب [[التاريخ]] و[[السيرة]] و[[الحديث]] و[[السنة]]، و كذا غير ذلك من الأدلة يثبت أن النبيّ  - صلّى اللّه عليه و آله و سلم - هو نفسه أول من اعتمد تلك الحادثة الكبرى كمبدأ للتاريخ، و كان يؤرّخ رسائله و كتبه إِلى امراء العرب و زعماء القبائل و غيرهم من الشخصيات البارزة بالتاريخ الهجري. على عكس مما هو المشهور بين المؤرخين من أن عمر بن الخطاب جعل هجرة النبيّ (ص) مبدأً للتاريخ باقتراح وتأييد من أمير المؤمنين علي (ع) وأمر بأن تؤرخ الدواوين، والرسائل والعهود وما شابه ذلك في ذلك التاريخ.
إن الإمعان في مراسلات النبيّ (ص) ومكاتباته التي هي مدرجة في الأغلب في كتب [[التاريخ]] و[[السيرة]] و[[الحديث]] و[[السنة]]، وكذا غير ذلك من الأدلة يثبت أن النبيّ  - صلّى اللّه عليه وآله وسلم - هو نفسه أول من اعتمد تلك الحادثة الكبرى كمبدأ للتاريخ، وكان يؤرّخ رسائله وكتبه إِلى امراء العرب وزعماء القبائل وغيرهم من الشخصيات البارزة بالتاريخ الهجري. على عكس مما هو المشهور بين المؤرخين من أن عمر بن الخطاب جعل هجرة النبيّ (ص) مبدأً للتاريخ باقتراح وتأييد من أمير المؤمنين علي (ع) وأمر بأن تؤرخ الدواوين، والرسائل والعهود وما شابه ذلك في ذلك التاريخ.


وهنا نموذج من تلك الرسائل النبوية المؤرخة بهذا التاريخ و نحتمل أن تكون هناك أدلة اُخرى غير ما سنذكره هنا- أيضاً- لم نقف عليها.
وهنا نموذج من تلك الرسائل النبوية المؤرخة بهذا التاريخ ونحتمل أن تكون هناك أدلة اُخرى غير ما سنذكره هنا- أيضاً- لم نقف عليها.


نموذج من رسائل النبيّ المؤرخة:
نموذج من رسائل النبيّ المؤرخة:
طلب سلمان من النبيّ (ص) ان يكتب له و لأخيه (ماه بنداذ) و لأهله وصية مفيدة ينتفع بها، فاستدعى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّاً و أملى عليه اُموراً، و كتبها علي (ع) ثم جاء في آخر تلك الوصية:
طلب سلمان من النبيّ (ص) ان يكتب له ولأخيه (ماه بنداذ) ولأهله وصية مفيدة ينتفع بها، فاستدعى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّاً وأملى عليه اُموراً، وكتبها علي (ع) ثم جاء في آخر تلك الوصية:


"و كتب علي بن أبي طالب بأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في رجب سنة تسع من الهجرة".<ref>اخبار اصفهان تأليف ابي نعيم: ج 1 ص 52 و53. </ref>
"و كتب علي بن أبي طالب بأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في رجب سنة تسع من الهجرة".<ref>اخبار اصفهان تأليف ابي نعيم: ج 1 ص 52 و53. </ref>


== المعجزة الإلهية في غار ثور ==
== المعجزة الإلهية في غار ثور ==


ان ما هو مسلّم به هو أن رسول اللّه (ص) أمضى هو و[[الخليفة|أبو بكر]] ليلة الهجرة و ليلتين اخريين بعدها في غار [[ثور]] الذي يقع في جنوب مكة في النقطة المحاذية للمدينة المنورة. <ref>حيث ان الطريق المؤدي إلى المدينة تقع في شمال مكة، فاختبأ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) في منطقة مقابلة أي في أسفل مكة، ليعمي بذلك على قريش فلا يتبعوا أثره.</ref>[[ملف:غار ثور.jpeg|إطار|400px|غار ثور مكان اختفاء النبي (ص) عن رؤية المشركين عند الهجرة ]]
ان ما هو مسلّم به هو أن رسول اللّه (ص) أمضى هو و[[الخليفة|أبو بكر]] ليلة الهجرة وليلتين اخريين بعدها في غار [[ثور]] الذي يقع في جنوب مكة في النقطة المحاذية للمدينة المنورة. <ref>حيث ان الطريق المؤدي إلى المدينة تقع في شمال مكة، فاختبأ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) في منطقة مقابلة أي في أسفل مكة، ليعمي بذلك على قريش فلا يتبعوا أثره.</ref>[[ملف:غار ثور.jpeg|إطار|400px|غار ثور مكان اختفاء النبي (ص) عن رؤية المشركين عند الهجرة ]]
و كان الذي يقفو لهم الأثر يدعى أبا مكرز فوقف بهم على باب حجرة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فقال هذه قدم محمّد، فما زال بهم حتى أوقفهم على باب الغار فانقطع عنه الأثر فقال: ما جاوز محمد و من معه هذا المكان، إِما أن يكونا صعدا إِلى السماء، أو دخلا تحت الأرض، فان بباب هذا الغار- كما ترون عليه- نسجَ العنكبوت والقبجة حاضنة على بيضها بباب الغار، <ref>الطبقات الكبرى: ج 1 ص 229 تاريخ الخميس ج 1 ص 327 و 328 وغيرها، ولقد ذكر عامة المؤرخين هذه الكرامة هنا، ولا ينبغي تأويل مثل هذا الكرامات.</ref> فلم يدخلوا الغار.
و كان الذي يقفو لهم الأثر يدعى أبا مكرز فوقف بهم على باب حجرة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال هذه قدم محمّد، فما زال بهم حتى أوقفهم على باب الغار فانقطع عنه الأثر فقال: ما جاوز محمد ومن معه هذا المكان، إِما أن يكونا صعدا إِلى السماء، أو دخلا تحت الأرض، فان بباب هذا الغار- كما ترون عليه- نسجَ العنكبوت والقبجة حاضنة على بيضها بباب الغار، <ref>الطبقات الكبرى: ج 1 ص 229 تاريخ الخميس ج 1 ص 327 و328 وغيرها، ولقد ذكر عامة المؤرخين هذه الكرامة هنا، ولا ينبغي تأويل مثل هذا الكرامات.</ref> فلم يدخلوا الغار.


لقد استمرت هذه المحاولات بحثاً عن النبيّ (ص) ثلاثة أيام بلياليها ولكن دون جدوى، فلما يئس القوم بعد ثلاثة ايام من السعي تركوا التفتيش و كفوا عن الملاحقة.
لقد استمرت هذه المحاولات بحثاً عن النبيّ (ص) ثلاثة أيام بلياليها ولكن دون جدوى، فلما يئس القوم بعد ثلاثة ايام من السعي تركوا التفتيش وكفوا عن الملاحقة.
غير أنه ليس من الواضح كيف تمت هذه المصاحبة و المرافقة و لماذا، فان هذه المسألة من القضايا التاريخية الغامضة.
غير أنه ليس من الواضح كيف تمت هذه المصاحبة والمرافقة ولماذا، فان هذه المسألة من القضايا التاريخية الغامضة.
فان البعض يعتقد بان هذه المصاحبة كانت بالصدفة، فقد رأى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أبا بكر في الطريق، فاصطحبه معه الى غار ثور.
فان البعض يعتقد بان هذه المصاحبة كانت بالصدفة، فقد رأى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أبا بكر في الطريق، فاصطحبه معه الى غار ثور.
وروى فريق آخر أن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه و آله - ذهب في نفس الليلة إلى بيت أبي بكر، ثم خرجا معاً في منتصف الليل إِلى غار ثور. <ref> تاريخ الطبري: ج 2 ص 100.</ref>
وروى فريق آخر أن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله - ذهب في نفس الليلة إلى بيت أبي بكر، ثم خرجا معاً في منتصف الليل إِلى غار ثور. <ref> تاريخ الطبري: ج 2 ص 100.</ref>
و قال فريق ثالث: أن أبا بكر جاء هو بنفسه يريد النبيّ وكان صلّى اللّه عليه وآله قد خرج من قبل فأرشدهُ "عليّ" إِلى مخبأ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله).
و قال فريق ثالث: أن أبا بكر جاء هو بنفسه يريد النبيّ وكان صلّى اللّه عليه وآله قد خرج من قبل فأرشدهُ "عليّ" إِلى مخبأ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله).


و على كل حال فان كثيراً من المؤرخين يُعدّون هذه المصاحبة من مفاخر الخليفة و مناقبه، و يذكرون هذه الفضيلة و يتحدثون عنها بكثير من الاسهاب والاطناب،
و على كل حال فان كثيراً من المؤرخين يُعدّون هذه المصاحبة من مفاخر الخليفة ومناقبه، ويذكرون هذه الفضيلة ويتحدثون عنها بكثير من الاسهاب والاطناب،


== علي و إتيان أسرة النبي إليه ==
== علي وإتيان أسرة النبي إليه ==
<div class="reflist4" style="height: 220px; overflow: auto; padding: 3px" >
<div class="reflist4" style="height: 220px; overflow: auto; padding: 3px" >


انتهت المراحلُ الاُولى لنجاة رسول اللّه (ص) وفق تخطيط صحيح و بنجاح، فقد لجأ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه و آله - في منتصف الليل الى غار ثور و اختبأ فيه، و بذلك أفشل محاولة المتآمرين عليه.
انتهت المراحلُ الاُولى لنجاة رسول اللّه (ص) وفق تخطيط صحيح وبنجاح، فقد لجأ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله - في منتصف الليل الى غار ثور واختبأ فيه، وبذلك أفشل محاولة المتآمرين عليه.


و لقد كان رسول اللّه (ص) طوال هذا الوقت مطمئناً لا يحسُّ في نفسه بأيّ قلق أو إِضطراب، حتى أنه طمأن رفيق سفره عندما وجده مضطرباً في تلك اللحظات الحساسة بقوله: (لا تحزَن إِنَّ اللّه مَعَنا). <ref>التوبة: 40.</ref>
و لقد كان رسول اللّه (ص) طوال هذا الوقت مطمئناً لا يحسُّ في نفسه بأيّ قلق أو إِضطراب، حتى أنه طمأن رفيق سفره عندما وجده مضطرباً في تلك اللحظات الحساسة بقوله: (لا تحزَن إِنَّ اللّه مَعَنا). <ref>التوبة: 40.</ref>


و بقي هناك ثلاث ليال محروساً بعين اللّه تعالى و مشمولاً بعنايته و لطفه، و كان يتردّد عليه (صلّى اللّه عليه و آله) في هذه الاثناء [[علي بن ابي طالب|علي]] (ع) و [[هند بن ابي هالة]] (ابن خديجة) على رواية [[الشيخ الطوسي]] في [[أمالي]]ه، و [[عبد اللّه بن أبي بكر]] و ''عامر بن فهيرة'' راعي اغنام أبي بكر (بناء على رواية كثير من المؤرّخين).
و بقي هناك ثلاث ليال محروساً بعين اللّه تعالى ومشمولاً بعنايته ولطفه، وكان يتردّد عليه (صلّى اللّه عليه وآله) في هذه الاثناء [[علي بن ابي طالب|علي]] (ع) و[[هند بن ابي هالة]] (ابن خديجة) على رواية [[الشيخ الطوسي]] في [[أمالي]]ه، و[[عبد اللّه بن أبي بكر]] و''عامر بن فهيرة'' راعي اغنام أبي بكر (بناء على رواية كثير من المؤرّخين).


يقول [[ابن الاثير]]: كان عبد اللّه بن أبي بكر يتسمّع لهما بمكة نهاره ثم يأتيهما ليلاً، و كان يرعى غنمه نهاره على مقربة من الغار، و كان اذا غدا من عندهما عفى على أثر الغنم. <ref>الكامل في التاريخ: ج 2 ص 73 مع تصرف.</ref>
يقول [[ابن الاثير]]: كان عبد اللّه بن أبي بكر يتسمّع لهما بمكة نهاره ثم يأتيهما ليلاً، وكان يرعى غنمه نهاره على مقربة من الغار، وكان اذا غدا من عندهما عفى على أثر الغنم. <ref>الكامل في التاريخ: ج 2 ص 73 مع تصرف.</ref>


يقول الشيخ الطوسي في أماليه: عندما دخل علي (ع) و هند على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في الغار (بعد ليلة الهجرة) أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) عليّاً أن يبتاع بعيرين له و لصاحبه، فقال أبو بكر: قد كنتُ أعددت لي و لك يا نبي اللّه راحلتين نرتحلهما إلى يثرب.
يقول الشيخ الطوسي في أماليه: عندما دخل علي (ع) وهند على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في الغار (بعد ليلة الهجرة) أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّاً أن يبتاع بعيرين له ولصاحبه، فقال أبو بكر: قد كنتُ أعددت لي ولك يا نبي اللّه راحلتين نرتحلهما إلى يثرب.


فقال رسول اللّه (ص) إِني لا آخذهما و لا أحدهما إِلا بالثمن. ثم أمر - صلّى اللّه عليه و آله - عليّاً (عليه السلام) فدفع إِليه ثمن البعيرين. <ref> أمالي الشيخ: ج 2 ص 82.</ref>
فقال رسول اللّه (ص) إِني لا آخذهما ولا أحدهما إِلا بالثمن. ثم أمر - صلّى اللّه عليه وآله - عليّاً (عليه السلام) فدفع إِليه ثمن البعيرين. <ref> أمالي الشيخ: ج 2 ص 82.</ref>


و كان من جملة وصايا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لعليّ (عليه السلام) في الغار في تلك الليلة أن يؤدي أمانته على أعين الناس ظاهراً و ذلك بأن يقيم صارخاً بالأبطح غدوة و عشياً: ألا من كان له قِبل محمّد أمانة او وديعة فليأت فلنؤدِّ اليه أمانته.<ref>الكامل: ج 2 ص 73، السيرة الحلبية: ج 2 ص 53.</ref>
و كان من جملة وصايا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ (عليه السلام) في الغار في تلك الليلة أن يؤدي أمانته على أعين الناس ظاهراً وذلك بأن يقيم صارخاً بالأبطح غدوة وعشياً: ألا من كان له قِبل محمّد أمانة او وديعة فليأت فلنؤدِّ اليه أمانته.<ref>الكامل: ج 2 ص 73، السيرة الحلبية: ج 2 ص 53.</ref>


ثم أَوصاه (صلّى اللّه عليه و آله) ب[[الفواطم]] (والفواطم هن: [[فاطمة الزهراء]] بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) الحبيبة لديه و الأثيرة عنده، و [[فاطمة بنت أسد]] [[فاطمة بنت أسد|اُمّ عليّ]] عليه السلام و [[فاطمة بنت الزبير]] و من يريد الهجرة معه من [[بني هاشم]])، و أمره بترتيب أمر ترحيلهم معه الى [[المدينة المنورة|يثرب]] و تهيئة ما يحتاجون اليه من زاد و راحلة.
ثم أَوصاه (صلّى اللّه عليه وآله) ب[[الفواطم]] (والفواطم هن: [[فاطمة الزهراء]] بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الحبيبة لديه والأثيرة عنده، و[[فاطمة بنت أسد]] [[فاطمة بنت أسد|اُمّ عليّ]] عليه السلام و[[فاطمة بنت الزبير]] ومن يريد الهجرة معه من [[بني هاشم]])، وأمره بترتيب أمر ترحيلهم معه الى [[المدينة المنورة|يثرب]] وتهيئة ما يحتاجون اليه من زاد وراحلة.


و هنا قال - صلّى اللّه عليه و آله - عبارته التي تذرّع بها [[ابن تيمية]] في دليله الأول: "انهم لن يصلوا من الآن اليك يا عليّ بأمرٍ تكرهه حتى تقدم عليَّ".
و هنا قال - صلّى اللّه عليه وآله - عبارته التي تذرّع بها [[ابن تيمية]] في دليله الأول: "انهم لن يصلوا من الآن اليك يا عليّ بأمرٍ تكرهه حتى تقدم عليَّ".
فالملاحظ للقارئ هو أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إنما قال هذه العبارة عندما أمره بأداء أمانته، و ذلك بعد انقضاء قضية ليلة المبيت. أي انه أمر علياً بذلك، و قال له تلك العبارة و هو يتهيّأ للخروج من غار ثور.
فالملاحظ للقارئ هو أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إنما قال هذه العبارة عندما أمره بأداء أمانته، وذلك بعد انقضاء قضية ليلة المبيت. أي انه أمر علياً بذلك، وقال له تلك العبارة وهو يتهيّأ للخروج من غار ثور.


يقول [[الحلبي]] في سيرته: "وصى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في احدى الليالي و هو بالغار علياً رضي اللّه عنه بحفظ ذمته واداء امانته ظاهراً على اعين الناس". <ref>السيرة الحلبية: ج 2 ص 35.</ref> و ثم ينقل عن مؤلف كتاب ''الدر'' ما يقتضي انه اجتمع به عند خروجه من الغار.
يقول [[الحلبي]] في سيرته: "وصى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في احدى الليالي وهو بالغار علياً رضي اللّه عنه بحفظ ذمته واداء امانته ظاهراً على اعين الناس". <ref>السيرة الحلبية: ج 2 ص 35.</ref> وثم ينقل عن مؤلف كتاب ''الدر'' ما يقتضي انه اجتمع به عند خروجه من الغار.


و خلاصة القول: إنه مع رواية شيخ جليل من مشائخ الشيعة الإمامية كالشيخ الطوسي بالاسناد الصحيحة أن الأمر بردّ الودائع و الأمانات صدر من جانب النبيّ (ص) إِلى عليّ (ع) بعد ليلة المبيت لا يحقّ لنا أن نعارض هذا النقل الصحيح، و نعمد إِلى الهاء العامة بالتوافه، و أما رواية مؤرخي اهل السنة هذا المطلب بشكل آخر يوحي ظاهرهُ بأن جميع وصايا النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) لعليّ تمت في ليلة واحدة هي ليلة الهجرة (ليلة المبيت) فقابل للتفسير و التوجيه، لأنه لا يبعد أن عنايتهم كانت مركزة على رواية أصل الموضوع، و لم يكن لظرف صدور هذه الوصايا و الأوامر و وقت بيانها أهمية عندهم.
و خلاصة القول: إنه مع رواية شيخ جليل من مشائخ الشيعة الإمامية كالشيخ الطوسي بالاسناد الصحيحة أن الأمر بردّ الودائع والأمانات صدر من جانب النبيّ (ص) إِلى عليّ (ع) بعد ليلة المبيت لا يحقّ لنا أن نعارض هذا النقل الصحيح، ونعمد إِلى الهاء العامة بالتوافه، وأما رواية مؤرخي اهل السنة هذا المطلب بشكل آخر يوحي ظاهرهُ بأن جميع وصايا النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ تمت في ليلة واحدة هي ليلة الهجرة (ليلة المبيت) فقابل للتفسير والتوجيه، لأنه لا يبعد أن عنايتهم كانت مركزة على رواية أصل الموضوع، ولم يكن لظرف صدور هذه الوصايا والأوامر ووقت بيانها أهمية عندهم.


الخروج من الغار
الخروج من الغار
هيّأ علي عليه السلام بأمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثلاث رواحل و دليلاً اميناً يدعى أريقظ ليترحلوها إلى المدينة، و يدلّهم الدليل على طريقها و أرسل كل ذلك إلى الغار.
هيّأ علي عليه السلام بأمر النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ثلاث رواحل ودليلاً اميناً يدعى أريقظ ليترحلوها إلى المدينة، ويدلّهم الدليل على طريقها وأرسل كل ذلك إلى الغار.
و لما سمع النبيّ - صلّى اللّه عليه و آله - رغاء البعير او نداء الدليل نزل هو و صاحبه من الغار و ركبا البعيرين و توجها من أسفل مكة إِلى "يثرب" سالكين إِلى ذلك الخط الساحلي، و قد جاء ذكر المنازل التي مرّا بها في السيرة النبوية ل[[ابن هشام]] <ref>السيرة النبوية لابن هشام: ج 1 ص 491. </ref> وفي الهوامش المثبتة على التاريخ الكامل لابن الاثير. <ref> الكامل في التاريخ: ج 2 ص 75. </ref>
و لما سمع النبيّ - صلّى اللّه عليه وآله - رغاء البعير او نداء الدليل نزل هو وصاحبه من الغار وركبا البعيرين وتوجها من أسفل مكة إِلى "يثرب" سالكين إِلى ذلك الخط الساحلي، وقد جاء ذكر المنازل التي مرّا بها في السيرة النبوية ل[[ابن هشام]] <ref>السيرة النبوية لابن هشام: ج 1 ص 491. </ref> وفي الهوامش المثبتة على التاريخ الكامل لابن الاثير. <ref> الكامل في التاريخ: ج 2 ص 75. </ref>
</div>
</div>


مستخدم مجهول