مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حوزة خراسان العلمية»
ط
←العصر الصفوي
imported>Madani ط (←القرن العاشر) |
imported>Madani ط (←العصر الصفوي) |
||
سطر ٦٥: | سطر ٦٥: | ||
== العصر الصفوي == | == العصر الصفوي == | ||
شهد العصر الصفوي ترسيخ وثبات التشيع الإمامي الذي كانت بذرته قد نمت قبل ظهور الدولة الصفوية وتطورت حركته المعرفية تدريجياً في مناطق مختلفة من تلك الديار الإيرانية. وقد حظيت مدينة مشهد المقدسة إبّان العصر الصفوي بمكانة مرموقة على المستويين السياسي والعلمي، وكان للاعتراف الرسمي بالتشيع مذهباً رسمياً في إيران من جهة، والمواجهة العلمية والمعرفية مع الخصمين اللدودين للدول الصفوية المتمثلين بالحكومة الأزبكية في الشرق والعثمانية في الغرب من جهة أخرى، الدور الكبير في اهتمام الحكّام الصفويين بمسألة التعليم والمعرفة والإرشاد والتبليغ الديني في خراسان عامّة ومدينة مشهد المقدسة خاصّة. | شهد [[العصر الصفوي]] ترسيخ وثبات [[التشيّع|التشيع الإمامي]] الذي كانت بذرته قد نمت قبل ظهور [[الدولة الصفوية]] وتطورت حركته المعرفية تدريجياً في مناطق مختلفة من تلك الديار الإيرانية. وقد حظيت مدينة مشهد المقدسة إبّان العصر الصفوي بمكانة مرموقة على المستويين السياسي والعلمي، وكان للاعتراف الرسمي بالتشيع مذهباً رسمياً في إيران من جهة، والمواجهة العلمية والمعرفية مع الخصمين اللدودين للدول الصفوية المتمثلين بالحكومة الأزبكية في الشرق والعثمانية في الغرب من جهة أخرى، الدور الكبير في اهتمام الحكّام الصفويين بمسألة التعليم والمعرفة والإرشاد والتبليغ الديني في خراسان عامّة ومدينة مشهد المقدسة خاصّة. | ||
=== هجرة علماء جبل عامل === | === هجرة علماء جبل عامل === | ||
من العوامل الرئيسية التي ساعدت في تطوّر الحركة المعرفية التي انبثقت قبل العهد الصفوي بقرون عديدة، وساعدت في ضخ الدماء الجديدة في تلك الحاضرة العلمية هو هجرة طائفة من علماء جبل عامل والتي أعقبتها هجرات أخرى لعلماء الشيعة العامليين إلى تلك الديار المباركة. | من العوامل الرئيسية التي ساعدت في تطوّر الحركة المعرفية التي انبثقت قبل العهد الصفوي بقرون عديدة، وساعدت في ضخ الدماء الجديدة في تلك الحاضرة العلمية هو هجرة طائفة من علماء [[جبل عامل]] والتي أعقبتها هجرات أخرى لعلماء الشيعة العامليين إلى تلك الديار المباركة. | ||
==== العلماء الذين هاجروا إلى مشهد ==== | ==== العلماء الذين هاجروا إلى مشهد ==== | ||
* من أبرز الوجوه التي شدّت الرحال متوجّهة صوب خراسان الشيخ حسين بن عبد الصمد | * من أبرز الوجوه التي شدّت الرحال متوجّهة صوب خراسان [[حسين بن عبد الصمد الحارثي|الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي]]، والد [[الشيخ البهائي]]، وقد تصدّى لمشيخة الإسلام في المدينة مضافاً إلى تدوينه لبعض مؤلفاته العلمية هناك، <ref> راجع: اسكندرمنشي، تاريخ عالم آراي عباسي، ج 1، ص 156 </ref>وأبرز وأهم منه [[الحر العاملي|الشيخ الحرّ العاملي]] الذي هاجر إلى مشهد بعد أن أتمّ تكامله العلمي ورقيّه المعرفي ونال حظاً وافراً ومنزلة رفعية من العلم والمعرفة، وما أن وطأت قدماه تلك الأرض المباركة حتى شرع ولسنين متمادية بتدريس الفقه والحديث متزامناً مع التصنيف والكتابة؛ وبعد وفاته تصدّى أخوه لمشيخة الإسلام في مشهد وبقي فيها منشغلاً بالتدريس والتأليف. وقد ترجم الشيخ الحرّ العاملي للكثير من العلماء الشيعة العامليين الذين هاجروا من جبل عامل إلى مشهد في كتابه الموسوم ب- "[[أمل الآمل]]". <ref>الحر العاملي، أمل الآمل، القسم الأول، ص 30، 42، 79، 175 </ref> | ||
* ومن العلماء المعروفين الذين عاشوا في أجواء المدرسة المشهدية دراسة وتدريساً | * ومن العلماء المعروفين الذين عاشوا في أجواء المدرسة المشهدية دراسة وتدريساً [[الميرداماد]]، الذي تلقى علومه العقلية والنقلية والرياضيات في هذه الحاضرة حتى بلغ مرتبة الأستاذية فيها قبل الإنتقال إلى مدينة [[قزوين]]. | ||
* القاضي نور الله | * [[القاضي نور الله التستري]]، الذي هو الآخر تلقّى علومه الأولية في مشهد المقدسة ما بين 979 و992 هـ ق، متلمّذاً على العالم الكبير [[المولى عبد الواحد بن علي التستري]]. <ref> راجع: علاء الملك بن نور اللّه الشوشتري، ص 25 </ref>وقد أثنى القاضي نور الله التستري على أستاذه مشيراً إلى المحاور والموضوعات الكلامية التي كانت تتداول بين الأستاذ وبين تلامذته وبعض العلماء في ذلك العصر. <ref>راجع: علاء الملك بن نور اللّه الشوشتري، ص 61- 62 </ref> ومن تلامذة '''المولى عبد الواحد السيّد محسن بن شريف الحسيني''' صاحب المصنفات الكثيرة في العلوم العقلية والنقلية والمقتول في '''الفتنة الأوزبكية''' في مشهد. <ref>راجع: علاء الملك بن نور اللّه الشوشتري، ص 37 </ref> | ||
* الشيخ لطف الله | * الشيخ [[لطف الله الميسي]]، هاجر وهو في ريعان الشباب من [[جبل عامل]] في [[لبنان]] إلى مشهد المقدسة متلمّذاً على أساتذة كبار كا'''لشيخ عبد الله بن محمود التستري''' المقتول سنة 997 هـ ق عند اجتياح الأزابكة لمدينة مشهد، وبعد شهادة أستاذه توجّه صوب مدينة [[أصفهان]] ليواصل المسيرة العلمية هناك. <ref>اسكندرمنشي،تاريخ عالم آراي عباسي، ج 1، ص 157 </ref> | ||
* ومنهم المتكّلم الكبير في عصر الشاه طهماسب الصفوي الشيخ حسين الأردكاني | * ومنهم المتكّلم الكبير في عصر [[الشاه طهماسب الصفوي]] الشيخ [[حسين الأردكاني اليزدي]]، الذي يعد من مبرّزي تلامذة [[الشيخ البهائي]] في مشهد، وقد تصدّى للتدريس هناك وله تعليقة على كتاب خلاصة الحساب لشيخه البهائي وكتاب ت[[تجريد الاعتقاد (كتاب)|جريد الاعتقاد]] الطوسي. <ref>راجع: الأفندي الأصفهاني، رياض العلماء وحياض الفضلاء، ج 3، ص 191- 196 </ref> | ||
* ومن مشاهر نهايات العصر الصفوي الآقا إبراهيم المشهدي المتوفي سنة 1148 هـ ق، الذي عرف بتضلعه بالعلوم الفلسفية والكلامية مضافاً إلى الفقه، وقد ترك كثيراً من المصنفات في هذا المجال.<ref>القزويني، تتميم أمل الآمل، ص 55 </ref> | * ومن مشاهر نهايات العصر الصفوي [[الآقا إبراهيم المشهدي]] المتوفي سنة 1148 هـ ق، الذي عرف بتضلعه بالعلوم الفلسفية والكلامية مضافاً إلى الفقه، وقد ترك كثيراً من المصنفات في هذا المجال.<ref>القزويني، تتميم أمل الآمل، ص 55 </ref> | ||
=== تأسيس المدارس العلمية === | === تأسيس المدارس العلمية === | ||
قام الصفويون ولغرض تعضيد حركة المذهب الشيعي وتربية جيل من العلماء والمبلغين الشيعة مضافاً إلى ترميم المدارس القديمة ببناء وتشييد مدارس جديدة في مدينة مشهد المقدسة. فقد ارتفع الخط البياني لبناء المدارس وتواصلت حركة التشييد بوتيرة متصاعدة وبشكل مستمر في النصف الثاني من القرن الحادي عشر، وذلك في زمن حكومة السلطان عباس الثاني وتواصلت الحركة– بنحو ما- إلى أخريات العهد الصفوي. فقد شيّدت مدرسة خيرات خان سنة 1057 هـ ق. <ref>راجع: اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 548 </ref> فيما شهد العام 1059 هـ ق تشييد مدرسة الميرزا جعفر <ref>اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 535- 538 </ref> تلتها مدرسة الفاضل خان أو الفاضلية سنة 1075 هـ ق. <ref>اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 538- 539 </ref> فيما أسست مدرسة عباس قلي خان في السنة التي توفي فيها السلطان عباس سنة 1077 هـ ق. <ref>اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 547- 548 </ref> | قام الصفويون ولغرض تعضيد حركة المذهب الشيعي وتربية جيل من العلماء والمبلغين الشيعة مضافاً إلى ترميم المدارس القديمة ببناء وتشييد مدارس جديدة في مدينة مشهد المقدسة. فقد ارتفع الخط البياني لبناء المدارس وتواصلت حركة التشييد بوتيرة متصاعدة وبشكل مستمر في النصف الثاني من القرن الحادي عشر، وذلك في زمن حكومة [[السلطان عباس الثاني]] وتواصلت الحركة– بنحو ما- إلى أخريات العهد الصفوي. فقد شيّدت '''مدرسة خيرات خان''' سنة 1057 هـ ق. <ref>راجع: اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 548 </ref> فيما شهد العام 1059 هـ ق تشييد '''مدرسة الميرزا جعفر''' <ref>اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 535- 538 </ref> تلتها '''مدرسة الفاضل خان''' أو الفاضلية سنة 1075 هـ ق. <ref>اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 538- 539 </ref> فيما أسست '''مدرسة عباس قلي خان''' في السنة التي توفي فيها السلطان عباس سنة 1077 هـ ق. <ref>اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 547- 548 </ref> | ||
وبعد تصدّى السلطان شاه سليمان تواصلت حركة البناء المدرسي ففي سنة 1083هـ ق تمّ تشييد مدرسة المولي محمد باقر المعروفة بسميعية، بجهود المولي محمد سميع وتشجيع من المولي محمد باقر الخراساني السبزواري صاحب كتاب كفاية الأحكام. <ref>اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 540 </ref> فيما شهد العام 1086 هـ ق تشييد مدرسة نواب أو الصالحية. <ref>اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 540- 541 </ref>فكانت حصيلة النتاج المدرسي منذ بدايات العصر الصفوي وحتى سنة 1100 هـ ق أن المدينة شهدت تأسيس عشر مدارس رئيسية في تلك الحاضرة. <ref> راجع: أمير شيباني، سيماي وقف خراسان في لقاء مع عبد الرضا امير شيباني، ص 27 </ref> وكان لهذه المدارس والموقفات الواسعة التي تركها رجال الدولة الصفوية الأثر الكبير في ازدهار الحركة العلمية في المدرسة المشهدية وتحويلها إلى إحدى مراكز العلم والمعرفة في إيران آنذاك. | وبعد تصدّى السلطان [[شاه سليمان]] تواصلت حركة البناء المدرسي ففي سنة 1083هـ ق تمّ تشييد '''مدرسة المولي محمد باقر''' المعروفة بسميعية، بجهود المولي محمد سميع وتشجيع من المولي [[محمد باقر الخراساني السبزواري]] صاحب كتاب [[كفاية الأحكام (كتاب)|كفاية الأحكام]]. <ref>اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 540 </ref> فيما شهد العام 1086 هـ ق تشييد [[مدرسة نواب]] أو الصالحية. <ref>اعتماد السلطنة، مطلع الشمس، ج 2، ص 540- 541 </ref>فكانت حصيلة النتاج المدرسي منذ بدايات العصر الصفوي وحتى سنة 1100 هـ ق أن المدينة شهدت تأسيس عشر مدارس رئيسية في تلك الحاضرة. <ref> راجع: أمير شيباني، سيماي وقف خراسان في لقاء مع عبد الرضا امير شيباني، ص 27 </ref> وكان لهذه المدارس والموقفات الواسعة التي تركها رجال الدولة الصفوية الأثر الكبير في ازدهار الحركة العلمية في المدرسة المشهدية وتحويلها إلى إحدى مراكز العلم والمعرفة في إيران آنذاك. | ||
=== النظام التعليمي === | === النظام التعليمي === | ||
لم تسعفنا المصادر التي وصلت إلينا عن تفاصيل الحركة العلمية وطريقة التدريس والتعليم هناك، إلا أن مراجعة متون بعض الإجازات القيّمة التي دبجها يراع كبار العلماء يتحفنا بمعلومات رائعة في هذا المجال. فقد جاء في إجازة الحرّ العاملي المتوفي سنة 1104 هـ ق للسيّد علاء الملك ابن الميرزا أبو طالب العلوي الموسوي نزيل مدينة مشهد في منتصف ربيع الثاني سنة 1086 هـ ق، الاشارة إلى أهم الكتب الحديثية الشيعية | لم تسعفنا المصادر التي وصلت إلينا عن تفاصيل الحركة العلمية وطريقة التدريس والتعليم هناك، إلا أن مراجعة متون بعض الإجازات القيّمة التي دبجها يراع كبار العلماء يتحفنا بمعلومات رائعة في هذا المجال. فقد جاء في إجازة [[الحرّ العاملي]] المتوفي سنة 1104 هـ ق للسيّد علاء الملك ابن الميرزا أبو طالب العلوي الموسوي نزيل مدينة مشهد في منتصف ربيع الثاني سنة 1086 هـ ق، الاشارة إلى أهم الكتب الحديثية الشيعية ك[[الكتب الأربعة]]، الأمر الذي يكشف عن اعتمادها متوناً دراسية وبحثية في تلك البرهة الزمنية. | ||
وقد أجاز الشيخ الحرّ العاملي في تلك الإجازة للسيّد علاء الملك رواية كتبه منها: تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل | وقد أجاز الشيخ الحرّ العاملي في تلك الإجازة للسيّد علاء الملك رواية كتبه منها: [[وسائل الشيعة (كتاب)|تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة]]، ورسالته في الرجعة الموسومة بالإيقاظ من الهجعة، مما يدل على أنّ بعض مصنفات الشيخ الحرّ قد شقت طريقها بين المتون المعتمدة في البحث والدراسة العلمية عقيب صدورها مباشرة. <ref>آقا بزرك الطهراني، الذّريعة إلى تصانيف الشّيعة ج 11، ص 24</ref> وجاء في الإجازة الثانية التي كتبها الحرّ العاملي لل'''مولي محمد صادق المشهدي''' في التاسع عشر من شعبان سنة 1092 هـ ق. <ref>راجع: الحرّ العاملي، الرجال، مقدمة فاضلي، ص 11- 15 </ref> أنّه كتبها له بعد اختبار للشخص المُجاز ومعرفة مستواه العلمي ومدى تبحره في فهم النكات الدقيقة في الحديث، مما يعكس بدوره المستوي العلمي في تلك الحاضرة العلمية وان الطالب يتعرّض لاختبارات في شتّي الفروع العلمية بما يشبه الاختبارات التي تجريها المدارس الحديثة لمعرفة ميزان ذكاء الطالب ومدى استعداده وفهمه للمادة. | ||
=== النظام المالي === | === النظام المالي === | ||
لم نعثر على وثائق تاريخية موسعة حول طبيعة التأمين المالي لرواتب الطلاب والمدرسين في الحوزة المشهدية في العصر الصفوي سوى نتف متفرقة هنا وهناك، فقد ورد في وثيقة تاريخية يرجع تاريخها إلى شهر ربيع الأوّل من سنة 1024 هـ ق أن الميرزا جعفر الرضوي تصدّى للتدريس سنة 1007 هـ ق وذلك بعد خضوع مدينة مشهد لحكم الشاه عباس الصفوي، منتسبا بصورة رسمية إلى صفوف مدرّسي العتبة الرضوية، <ref>راجع: منجم يزدي، تاريخ عباسي، يا روزنامه ملا جلال ص 171 </ref> بمرتب قدره 10 تومانات من فئة التومان التبريزي الرائج في مشهد آنذاك لكل عام تدريسي. | لم نعثر على وثائق تاريخية موسعة حول طبيعة التأمين المالي لرواتب الطلاب والمدرسين في الحوزة المشهدية في العصر الصفوي سوى نتف متفرقة هنا وهناك، فقد ورد في وثيقة تاريخية يرجع تاريخها إلى شهر ربيع الأوّل من سنة 1024 هـ ق أن '''الميرزا جعفر الرضوي''' تصدّى للتدريس سنة 1007 هـ ق وذلك بعد خضوع مدينة مشهد لحكم الشاه عباس الصفوي، منتسبا بصورة رسمية إلى صفوف مدرّسي العتبة الرضوية، <ref>راجع: منجم يزدي، تاريخ عباسي، يا روزنامه ملا جلال ص 171 </ref> بمرتب قدره 10 تومانات من فئة التومان التبريزي الرائج في مشهد آنذاك لكل عام تدريسي. | ||
ويظهر من هذه الوثيقة التاريخية أن المرتبات الشهرية أو السنوية للاستاذ مرهونة بعدد الطلاب والمستوى العلمي للأستاذ. <ref>حسن آبادي، سادات رضوي در مشهد از آغاز تا پايان قاجاريه، ص 176، 416 </ref> وجاء في مرسوم صدر من الشاه سليمان عام 1078 هـ ق مَنحُ الميرزا محمد إبراهيم مدرّس العتبة الرضوية المقدسة مبلغاً قدره 90 تومان تبريزياً مقابل خدماته التدريسية. <ref>منتخب اسناد: فرمان ها و رقم هاي آستان قدس رضوي، ص 25 </ref> وهناك وثيقة أخرى صادرة في شهر جمادي الأولي سنة 1084 ق تشير إلى منح أحد المدرسين سلّة غذائة من الحبوب تعادل 28 قنطارا و25 منّا مقابل خدماته التدريسية. <ref>حسن آبادي، سادات رضوي در مشهد از آغاز تا پايان قاجاريه، ص 176- 177 </ref> | ويظهر من هذه الوثيقة التاريخية أن المرتبات الشهرية أو السنوية للاستاذ مرهونة بعدد الطلاب والمستوى العلمي للأستاذ. <ref>حسن آبادي، سادات رضوي در مشهد از آغاز تا پايان قاجاريه، ص 176، 416 </ref> وجاء في مرسوم صدر من الشاه سليمان عام 1078 هـ ق مَنحُ '''الميرزا محمد إبراهيم''' مدرّس العتبة الرضوية المقدسة مبلغاً قدره 90 تومان تبريزياً مقابل خدماته التدريسية. <ref>منتخب اسناد: فرمان ها و رقم هاي آستان قدس رضوي، ص 25 </ref> وهناك وثيقة أخرى صادرة في شهر جمادي الأولي سنة 1084 ق تشير إلى منح أحد المدرسين سلّة غذائة من الحبوب تعادل 28 قنطارا و25 منّا مقابل خدماته التدريسية. <ref>حسن آبادي، سادات رضوي در مشهد از آغاز تا پايان قاجاريه، ص 176- 177 </ref> | ||
=== الازدهار العلمي === | === الازدهار العلمي === | ||
من الشواهد والمؤشرات التي تشير إلى مدّى التطوّر العلمي والرقي المعرفي في هذا الصرح العلمي كثرة المؤلفات واتساع ظاهرة التصنيف والتدوين للكتب والمتون الدراسية وغير الدراسية وفي شتّى العلوم والفنون. ويكفي مؤيداً لذلك إلقاء نظرة عابرة على موسوعة الذريعة إلى تصانيف الشيعية للشيخ آقا بزرك الطهراني. <ref>كمثال للكتب التي ألفت في مدينة مشهد في هذا العصر راجع: آقا بزرك طهراني، الذريعة، ج 1، ص 373، 412، ج 2، ص 404، ج 3، ص 56، 59، ج 5، ص 110 </ref>والمؤشر الآخر الكتب والمصنفات التي كتبت أو ترجمت من قبل بعض أعلام المدرسة المشهدية باسم السلاطين الصفويين. <ref>كمثال لذلك راجع: آقا بزرك الطهراني، الذريعة،، ج 3، ص 435، ج 11، ص 31، ج 26، ص 197 </ref> | من الشواهد والمؤشرات التي تشير إلى مدّى التطوّر العلمي والرقي المعرفي في هذا الصرح العلمي كثرة المؤلفات واتساع ظاهرة التصنيف والتدوين للكتب والمتون الدراسية وغير الدراسية وفي شتّى العلوم والفنون. ويكفي مؤيداً لذلك إلقاء نظرة عابرة على موسوعة [[الذريعة إلى تصانيف الشيعية (كتاب)|الذريعة إلى تصانيف الشيعية]] للشيخ [[آقا بزرك الطهراني]]. <ref>كمثال للكتب التي ألفت في مدينة مشهد في هذا العصر راجع: آقا بزرك طهراني، الذريعة، ج 1، ص 373، 412، ج 2، ص 404، ج 3، ص 56، 59، ج 5، ص 110 </ref>والمؤشر الآخر الكتب والمصنفات التي كتبت أو ترجمت من قبل بعض أعلام المدرسة المشهدية باسم السلاطين الصفويين. <ref>كمثال لذلك راجع: آقا بزرك الطهراني، الذريعة،، ج 3، ص 435، ج 11، ص 31، ج 26، ص 197 </ref> | ||
=== التعاطي مع أهل السنّة === | === التعاطي مع أهل السنّة === | ||
حظيت مسألة التعاطي مع أهل السنّة في الوسط الإجتماعي والحكومي مضافاً إلى الوسط الحوزوي بأهمية كبرى خاصّة مع الأخذ بنظر الإعتبار طبيعة التعامل الذي قامت به الحكومات والمناطق السنية المحيطة بمدينة خراسان عامّة ومدينة مشهد خاصّة من النهب والغارة وانتهاك الحرمات، والذي سلط كتاب "الفوائد الطوسية" للحر العاملي الأضواء على جانب من تلك الحوادث والقضايا الفكرية ورواج الجدل العقائدي بين المدرستين الشيعية والسنية آنذاك. فقد اشتمل الكتاب على 102 فائدة كما جاء في مقدمته <ref>الحر العاملي، الفوائد الطوسية، ص 6 </ref>كتبها الشيخ ردّاً على الشبهات والاشكاليات المطروحة في الساحة الطوسية والمثارة في مطاوي الكتب والمصنفات تارة والمحافل العلمية والاجتماعية أحياناً أخرى، معتمداً في ردّها وتفنيدها على تخصصه وتبحرّه في علمي الحديث والفقه. | حظيت مسألة التعاطي مع أهل السنّة في الوسط الإجتماعي والحكومي مضافاً إلى الوسط الحوزوي بأهمية كبرى خاصّة مع الأخذ بنظر الإعتبار طبيعة التعامل الذي قامت به الحكومات والمناطق السنية المحيطة بمدينة خراسان عامّة ومدينة مشهد خاصّة من النهب والغارة وانتهاك الحرمات، والذي سلط كتاب "[[الفوائد الطوسية]]" للحر العاملي الأضواء على جانب من تلك الحوادث والقضايا الفكرية ورواج الجدل العقائدي بين المدرستين الشيعية والسنية آنذاك. فقد اشتمل الكتاب على 102 فائدة كما جاء في مقدمته <ref>الحر العاملي، الفوائد الطوسية، ص 6 </ref>كتبها الشيخ ردّاً على الشبهات والاشكاليات المطروحة في الساحة الطوسية والمثارة في مطاوي الكتب والمصنفات تارة والمحافل العلمية والاجتماعية أحياناً أخرى، معتمداً في ردّها وتفنيدها على تخصصه وتبحرّه في علمي الحديث والفقه. | ||
== مع بدايات الحكومة الأفشارية وحتي الثورة الدستورية == | == مع بدايات الحكومة الأفشارية وحتي الثورة الدستورية == |