نص:الخطبة الشعبانية

من ويكي شيعة
للخطبة الشعبانية روايتان

رواية الكليني عن الصادق (ع) أن النبي (ص) قال بعد الحمد والثناء:

أيها الناس إنه قد أظلكم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر وهو شهر رمضان فرض الله صيامه وجعل قيام ليلة فيه بتطوع صلاة كتطوع صلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور وجعل لمن تطوع فيه بخصلة من خصال الخير والبرّ كأجر من أدّى فريضة من فرائض الله ومن أدّى فيه فريضة من فرائض الله كان كمن أدّى سبعين فريضة من فرائض الله فيما سواه من الشهور

وهو شهر الصبر وإنّ الصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة وهو شهر يزيد الله في رزق المؤمن فيه ومن فطّر فيه مؤمناً صائماً كان له بذلك عند الله عتق رقبة و مغفرة لذنوبه فيما مضى; قيل : يا رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم ليس كلنا يقدر على أن يفطر صائماً.

فقال صلی الله عليه وآله وسلم: إن الله كريم يعطي هذا الثواب لمن لم يقدر إلا على مذقة من لبن يفطر بها صائماً أو شربة من ماء عذب أو تمرات لا يقدر على أكثر من ذلك ومن خفف فيه عن مملوكه خفف الله عنه حسابه

وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره الإجابة والعتق من النار ولا غنى بكم عن أربع خصال خصلتين ترضون الله بهما وخصلتين لا غنى بكم عنهما فأما اللتان ترضون الله بهما فشهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم وأما اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الله فيه حوائجكم والجنة وتسألون العافية وتعوذون به من النار.[١]

رواية الصدوق عن الرضا (ع) عن آبائه يقول خطبنا النبي (ص)، فقال:

أَيهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيكمْ شَهْرُ اللَّهِ بِالْبَرَكةِ والرَّحْمَةِ والْمَغْفِرَةِ. شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ وأَيامُهُ أَفْضَلُ الْأَيامِ ولَيالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيالِي وسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ. هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيافَةِ اللَّهِ وجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كرَامَةِ اللَّهِ أَنْفَاسُكمْ فِيهِ تَسْبِيحٌ ونَوْمُكمْ فِيهِ عِبَادَةٌ وعَمَلُكمْ فِيهِ مَقْبُولٌ ودُعَاؤُكمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ. فَاسْأَلُوا اللَّهَ رَبَّكمْ بِنِياتٍ صَادِقَةٍ وقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ أَنْ يوَفِّقَكمْ لِصِيامِهِ وتِلاوَةِ كتَابِهِ فَإِنَّ الشَّقِي مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ. وَ اذْكرُوا بِجُوعِكمْ وَعَطَشِكمْ فِيهِ جُوعَ يوْمِ الْقِيامَةِ وعَطَشَهُ وتَصَدَّقُوا عَلَى فُقَرَائِكمْ ومَسَاكينِكمْ ووَقِّرُوا كبَارَكمْ وارْحَمُوا صِغَارَكمْ وصِلُوا أَرْحَامَكمْ وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكمْ وغُضُّوا عَمَّا لا يحِلُّ النَّظَرُ إِلَيهِ أَبْصَارَكمْ وعَمَّا لا يحِلُّ الِاسْتِمَاعُ إِلَيهِ أَسْمَاعَكمْ وتَحَنَّنُوا عَلَى أَيتَامِ النَّاسِ يتَحَنَّنْ عَلَى أَيتَامِكمْ وتُوبُوا إِلَى اللَّهِ مِنْ ذُنُوبِكمْ وارْفَعُوا إِلَيهِ أَيدِيكمْ بِالدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتِ صَلاتِكمْ‏ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ السَّاعَاتِ ينْظُرُ اللَّهُ فِيهَا بِالرَّحْمَةِ إِلَى عِبَادِهِ يجِيبُهُمْ إِذَا نَاجَوْهُ ويلَبِّيهِمْ إِذَا نَادَوْهُ ويعْطِيهِمْ إِذَا سَأَلُوهُ ويسْتَجِيبُ لَهُمْ إِذَا دَعَوْهُ.

أَيهَا النَّاسُ إِنَّ أَنْفُسَكمْ مَرْهُونَةٌ بِأَعْمَالِكمْ فَفُكوهَا بِاسْتِغْفَارِكمْ وظُهُورَكمْ ثَقِيلَةٌ مِنْ أَوْزَارِكمْ فَخَفِّفُوا عَنْهَا بِطُولِ سُجُودِكمْ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِعِزَّتِهِ أَنْ لا يعَذِّبَ الْمُصَلِّينَ والسَّاجِدِينَ وأَنْ لا يرَوِّعَهُمْ بِالنَّارِ يوْمَ يقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ، أَيهَا النَّاسُ مَنْ فَطَّرَ مِنْكمْ صَائِماً مُؤْمِناً فِي هَذَا الشَّهْرِ كانَ لَهُ بِذَلِك عِنْدَ اللَّهِ عِتْقُ نَسَمَةٍ ومَغْفِرَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ.

قيل: يا رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، ليس كلنا يقدر على ذلك !!

فَقَالَ صلی الله عليه وآله وسلم:

اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ أَيهَا النَّاسُ مَنْ حَسَّنَ مِنْكمْ فِي هَذَا الشَّهْرِ خُلُقَهُ كانَ لَهُ جَوَازاً عَلَى الصِّرَاطِ يوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَمَنْ خَفَّفَ فِي هَذَا الشَّهْرِ عَمَّا مَلَكتْ يمِينُهُ خَفَّفَ اللَّهُ عَلَيهِ حِسَابَهُ وَمَنْ كفَّ فِيهِ شَرَّهُ كفَّ اللَّهُ عَنْهُ غَضَبَهُ يوْمَ يلْقَاهُ وَمَنْ أَكرَمَ فِيهِ يتِيماً أَكرَمَهُ اللَّهُ يوْمَ يلْقَاهُ وَمَنْ وَصَلَ فِيهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ يوْمَ يلْقَاهُ وَمَنْ قَطَعَ فِيهِ رَحِمَهُ قَطَعَ اللَّهُ عَنْهُ رَحْمَتَهُ يوْمَ يلْقَاهُ وَمَنْ تَطَوَّعَ فِيهِ بِصَلَاةٍ كتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرْضاً كانَ لَهُ ثَوَابُ مَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ وَمَنْ أَكثَرَ فِيهِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَي ثَقَّلَ اللَّهُ مِيزَانَهُ يوْمَ تَخِفُّ الْمَوَازِينُ وَمَنْ تَلَا فِيهِ آيةً مِنَ الْقُرْآنِ كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي غَيرِهِ مِنَ الشُّهُورِ.

أَيهَا النَّاسُ إِنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ فِي هَذَا الشَّهْرِ مُفَتَّحَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكمْ أَنْ لَا يغَلِّقَهَا عَنْكمْ وَأَبْوَابَ النِّيرَانِ مُغَلَّقَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكمْ أَنْ لَا يفَتِّحَهَا عَلَيكمْ وَالشَّياطِينَ مَغْلُولَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكمْ أَنْ لَا يسَلِّطَهَا عَلَيكمْ.

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه السلام فَقُمْتُ فَقُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِصلی الله عليه وآله وسلم مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ؟ فَقَالَ صلی الله عليه وآله وسلم:

يا أَبَا الْحَسَنِعليه السلام أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ.

ثُمَّ بَكى فَقُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِصلی الله عليه وآله وسلم مَا يبْكيك؟ فَقَالَ : يا عَلِي عليه السلام أَبْكي لِمَا يسْتَحِلُّ مِنْك فِي هَذَا الشَّهْرِ كأَنِّي بِك وَأَنْتَ تُصَلِّي لِرَبِّك وَقَدِ انْبَعَثَ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ شَقِيقُ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ فَضَرَبَك ضَرْبَةً عَلَى قَرْنِك فَخَضَبَ مِنْهَا لِحْيتَك.

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) فَقُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِصلی الله عليه وآله وسلم وَذَلِك فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِي؟

فَقَالَ صلی الله عليه وآله وسلم فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِك .

ثُمَّ قَالَ :

يا عَلِي عليه السلام ، مَنْ قَتَلَك فَقَدْ قَتَلَنِي وَمَنْ أَبْغَضَك فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَمَنْ سَبَّك فَقَدْ سَبَّنِي لِأَنَّك مِنِّي كنَفْسِي رُوحُك مِنْ رُوحِي وَطِينَتُك مِنْ طِينَتِي إِنَّ اللَّهَ تَبَارَك وَتَعَالَى خَلَقَنِي وَإِياك وَاصْطَفَانِي وَإِياك وَاخْتَارَنِي لِلنُّبُوَّةِ وَاخْتَارَك لِلْإِمَامَةِ وَمَنْ أَنْكرَ إِمَامَتَك فَقَدْ أَنْكرَ نُبُوَّتِي يا عَلِي أَنْتَ وَصِيي وَأَبُو وُلْدِي وَزَوْجُ ابْنَتِي وَخَلِيفَتِي عَلَى أُمَّتِي فِي حَياتِي وَبَعْدَ مَوْتِي أَمْرُك أَمْرِي وَنَهْيك نَهْيي أُقْسِمُ بِالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ وَجَعَلَنِي خَيرَ الْبَرِيةِ إِنَّك لَحُجَّةُ اللَّهِعَلَى خَلْقِهِ وَأَمِينُهُ عَلَى سِرِّهِ وَخَلِيفَتُهُ عَلَى عِبَادِهِ.[٢]

الهوامش

  1. الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق: علي أكبر الغفاري، طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثالثة، 1317 ش، ج 4، ص 66.
  2. الصدوق، محمد بن علي، الأمالي، تحقيق: مؤسسة البعثة، قم، مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة ، الطبعة الأولى، 1417 هـ، ص 153 -155.