مستخدم:Bassam/الملعب/السابع

من ويكي شيعة

معاوية بن يزيد

تقلّد معاوية بن يزيد أزمّة الحكم وهو شاب، فجمع المسؤولين وقادة الجيش وسائر الطبقات من أهل الشام، وخطب فيهم خطابا أعلن فيه عن استقالته من رئاسة الدولة، فقد قال فيه بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم:

يا أيها الناس، ما أنا بالراغب في الإئتمار عليكم، لعظيم ما أكرهه منكم، وإني لأعلم أنكم تكرهوننا أيضاً لأنا بلينا بكم وبليتم بنا، إلا أن جدي معاوية، قد نازع في هذا الأمر من كان أولى به منه، ومن غيره لقرابته من رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، وعظم فضله وسابقته، أعظم المهاجرين قدرا، وأشجعهم قلبا، وأكثرهم علما وأولهم إيمانا، وأشرفهم منزلة، وأقدمهم صحبة، ابن عم رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، وصهره وأخاه.
زوّجه ابنته فاطمة، وجعله لها بعلا باختياره لها، وجعلها له زوجة باختيارها له، أبو سبطيه سيدي شباب أهل الجنة وأفضل هذه الأمة تربية الرسول وابني فاطمة البتول، من الشجرة الطيبة الطاهرة الزكية، فركب جدي معه ما تعلمون، وركبتم معه ما لا تجهلون، حتى انتظمت لجدي الأمور، فلما جاءه القدر المحتوم، واخترمته أيدي المنون، بقي مرتهنا بعمله، فريدا في قبره، ووجد ما قدّمت يداه، ورأى ما ارتكبه واعتداه.
ثم انتقلت الخلافة إلى يزيد أبي فتقلد أمركم لهوى كان أبوه فيه، ولقد كان أبي يزيد بسوءفعله وإسرافه على نفسه، غيرخليق بالخلافة على أمة محمد صلی الله عليه وآله وسلم، فركب هواه واستحسن خطاه، وأقدم على ما أقدم من جرأته على الله، وبغيه على من استحل حرمته، من أولاد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، فقلّت مدته وانقطع أثره، وضاجع عمله، وصار حليف حفرته رهين خطيئته، وبقيت أوزاره وتبعاته، وحصل على ما قدّم وندم حيث لا ينفعه الندم، وشغلنا الحزن له، عن الحزن عليه، فليت شعري ماذا قال وماذا قيل له هل عوقب بإساءته. وجوزي بعمله وذلك ظنى... واستعبر باكيا، وأطال بكاءه ونحيبه، ثم التفت إلى الجمهور قائلا:
وصرت أنا ثالث القوم والساخط علي أكثر من الراضي، وما كنت لأتحمل آثامكم ولا يراني الله جلّت قدرته متقلدا أوزاركم، وألقاه بتبعاتكم، فشأنكم أمركم فخذوه، ومن رضيتم به عليكم فولّوه، فلقد خلعت بيعتي من أعناقكم والسلام.[١]

عبد الملك بن مروان

بعد موت مروان تسلم الحكم ولده عبد الملك فجُددت له البيعة في دمشق ومصر.[٢]

كلمات في عبد الملك بن مروان

  1. يقول الرواة: إنه كان قبل أن يلي الخلافة يُظهر النسك والعبادة ، ولمّا بُشّر بالملك كان بيده المصحف الكريم، فأطبقه، وقال: هذا آخر العهد بك، أو قال: هذا فراق بيني وبينك،[٣]
  2. قال عنه المنصور الدوانيقي: لقد كان عبد الملك طاغية جبارا لا يُبالي ما صنع.[٤]
  3. روي أن أم الدرداء قالت لعبد الملك: بلغني أنك شربت الطلي - يعني الخمر - بعد العبادة والنسك؟ فقال لها: إي والله، والدماء شربتها.[٥]
  4. روى المؤرخون انه كان بخيلا وقد عانت الأمة في أيام حكمه الجوع والفقر والحرمان، حتى سمي (رشح الحجارة). [٦]

أعمال عبد الملك

1 - قال اليعقوبي: لقد سلّط عبد الملك بن مروان على العالم الإسلامي ولاة، أشاعوا الجور والظلم، فقد استعمل على يثرب هشام بن إسماعيل المخزومي، فأساء السيرة، وجار في الأحكام، وتحامل على آل النبي صلی الله عليه وآله وسلم.[٧]

2- ذكرت الأخبار ان المواطنين قد عجوا بالشكوى إلى عبد الملك لتفشي الفقر بين مختلف طبقات المجتمع، فلم يجدوا أي استجابة منه، بل وجدوا اللوم والتقريع، وقد شكا النمري إليه ما حلّ بقومه، فقد قال في قصيدة له:

[٨]
أما الفقـــير الذي كابت حلوبتهوفق العيال فلم يترك لــــــه سَبَدُ
واختل ذو المال والمثرون قـد بقيتعلى القلاقل من أموالهـــــم عُقدُ
فإن رفعــت بهم رأســـا نعشتهموإن لقوا مثلها من قـابل فسدوا


3 -لقد ولى عبد الملك بن مروان الحجاج الثقفي على المسلمين وقد منحه صلاحيات واسعة النطاق، فجعله يتصرف في أمور الدولة حسب رغباته.[٩]

علاقة عبد الملك بالإمام زين العابدين

1- علاقة عبد الملك بالإمام زين العابدين عليه السلام في بداية حكمه: نقلت لنا التواريخ ان عبد الملك بن مروان أظهر ليّنا في تعامله مع الإمام عليه السلام فلم يتعرض له بسوء في بدايات حكمه، فعندما أشار عليه الحجاج الثقفي بقتل الإمام السجاد عليه السلام ليصفو له الملك، فكتب له كتاب يقول فيه: فانظر دماء بني عبد المطلب فاحقنها واجتنبها، فاني رأيت آل أبي سفيان بن حرب (لما قتلوا الحسين) لمّا ولغوا فيها (نزع الله ملكهم) لم يلبثوا إلاّ قليلا. والسلام.[١٠]

2 - لقاء عبد الملك بالإمام عليه السلام عند البيت الحرام: كان عبد الملك يطوف بالبيت الحرام، والإمام زين العابدين عليه السلام يطوف أيضا، فسأل عنه عبد الملك فقيل له: هذا علي بن الحسين، فاستدعاه، فقال له: يا علي بن الحسين إني لست قاتل أبيك فما يمنعك من المسير إليَّ؟ فأجابه: إنَّ قاتل أبي أفسدَ بما فعله دُنياه عليه، وأفسد أبي عليه آخرته، فإن أحببت أن تكون هو فكن، فقال عبد الملك: كلا ولكن سِر إلينا لتنال من دنيانا، فامتنع الإمام عليه السلام من إجابته.[١١]

3 - طلب عبد الملك من الإمام السجاد عليه السلام سيف رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم: روي ان عبد الملك بن مروان بعث للإمام السجاد عليه السلام يستوهبه سيف رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم فامتنع الإمام من إجابته، فكتب إليه عبد الملك يتهدده ويتوعده بقطع رزقه من بيت المال، فأجابه الإمام عليه السلام: أما بعد، فإنَّ الله ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون، والرزق من حيث لا يحتسبون، وقال جل ذكره ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ[١٢] فانظر أينا أولى بهذه الآية، والسلام.[١٣]

4 - إنكار عبد الملك على الإمام السجاد عليه السلام زواجه من جارية له بعد عتقها: كتب عبد الملك للإمام: أما بعد ... فقد بلغني تزويجك مولاتك، وقد علمت أنه كان في أكفائك من قريش من تمجّد به في الصهر وتستنجبه في الولد، فلا لنفسك نظرت، ولا على ولدك أبقيت، والسلام.

فاجابه الإمام عليه السلام: أما بعد ... فقد بلغني كتابك تعنفني بتزويجي مولا‌تي، وتزعم انه قد كان في نساء قريش من أمجد به في الصهر، واستنجبه في الولد، وانه ليس فوق رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم مرتقى في مجد، ولا‌ مستزاد في كرم، وإنما كانت ملك يميني، خرجت مني بأمر أراد الله تعالى التمست به ثوابه، ثم ارتجعتها على سنته، ومن كان زكيا في دين الله فليس يخل به شيء من أمره، وقد رفع الله تعالى بالإ‌سلا‌م الخسيسة وأتم به النقيصة، وأذهب اللؤم فلا‌ لؤم على امرىء مسلم إنما اللؤم لؤم الجاهلية، والسلا‌م .[١٤]

5 - أمر عبد الملك بإعتقال الإمام زيد العابدين عليه السلام وحمله من المدينة إلى دمشق: قال الزهري: شهدت علي بن الحسين (عليه السلام يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام، فأثقله حديداً ووكل به حفاظاً في عدّة وجمع، فاستأذنهم في التسليم والتوديع له، فأذنوا فدخلت عليه، وهو في قبّة والقيود في رجليه والغل في يديه فبكيت، وقلت: وددت أني مكانك وأنت سالم.

فقال: يا زهري أتظن ان هذا مما ترى عليّ وفي عنقي يكربني؟ أما لو شئت ما كان، فإنه وإن بلغ بك وبأمثالك ليُذكّرني عذاب الله، ثم أخرج يديه من الغل ورجليه من القيد، ثم قال: يا زهري لأجزت معهم على ذا منزلتين من المدينة.

قال: فما لبثنا إلا أربع ليالٍ حتى قدم الموكّلون يطلبونه بالمدينة فما وجدوه، فكنت فيمن سألهم عنه، فقال لي بعضهم: إنا لنراه متبوعاً، إنه لنازل ونحن حوله لا ننام نرصده إذ أصبحنا، فما وجدنا بين محمله إلا الحديد.

قال الزهري: فقدمت بعد ذلك على عبد الملك فسألني عن علي بن الحسين، فأخبره فقال لي: إنه قد جاء في يوم فقد الأعوان فدخل عليَّ، فقال: ما أنا وأنت؟ فقلت: أقم عندي، فقال: لا أحبُّ، ثم خرج فوالله لقد امتلأ ثوبي منه خيفة.

قال الزهري: فقلت: يا أمير المؤمنين ليس علي بن الحسين حيث تظن أنه مشغول بنفسه، فقال: حبذا شغل مثله فنعم ما شغل به.[١٥]

موت عبد الملك بن مروان: مرض عبد الملك مرضا شديدا، فعهد بالملك من بعده إلى ولده الوليد، وأوصاه بالحجاج بن يوسف الثقفي خيرا، فقال له: وانظر الحجاج فأكرمه، فإنه هو الذي وطأ لكم المنابر، وهو سيفك يا وليد، ويدك على من ناواك، فلا تسمعن فيه قول أحد وأنت إليه أحوج منه إليك، وإدعُ الناس إذا متُّ إلى البيعة، فمن قال برأسه هكذا، فقل: بسيفك هكذا.[١٦]

كانت وفاة عبد الملك بن مروان في يوم الأربعاء في النصف من شوال سنة 86 هـ.[١٧]

سُئل الحسن البصري عن عبد الملك بن مروان بعد موته، فقال: ما أقول في رجل كان الحجاج سيئة من سيئاته.[١٨]

مميزات عصر الإمام السجاد

الحياة الإقتصادية

روي انه في عصر الإمام زين العابدين عليه السلام كانت الحياة الإقتصادية متدهورة بسبب إهمال الزراعة فشاعت مجاعات عامة بين عموم المسلمين، بينما عاش الحُكّام الأمويون حياة الترف والدعة، [١٩]ومن المعالم التي تكشف هذه الحقيقة، ومنها:

  • ترف الأمويين في وسائل العيش

قال أبو الفرج الأصفهاني: لقد انغمس الأمويون بالنعم والترف، فكان فتيانهم يرفلون في القوهي[٢٠] والعرش كأنهم الدنانير الهرقليّة،[٢١] لقد كان عمر بن عبد العزيز يلبس الثوب بأربعمائة دينار ويقول: ما أخشنه.[٢٢]

وكان مروان بن أبان بن عثمان يلبس سبعة أقمص كأنها درج بعضها أقصر من بعض وفوقها رداء عدني بألفي درهم.[٢٣]

  • هبات الأمويين للشعراء الذين يمدحونهم

لقد أجزلوا العطاء على شاعرهم الأحوص، فقد أعطوه مرة مائة ألف درهم.[٢٤] وأعطوه مرة أخرى عشرة ألاف دينار.[٢٥]

  • هبات الأمويين للمغنين

لقد أعطى الوليد بن يزيد معبدا المغنّي اثني عشر ألف دينار.[٢٦]

ووفد على يزيد بن عبد الملك معبد ومالك بن أبي السمح وابن عائشة فأمر لكل واحد منهم بألف دينار. وطلب الوليد المغني يونس الكاتب، فذهب إليه وغنّاه، فاعجب بغنائه، وأجازه بثلاثة ألاف دينار.[٢٧]

  • حياة اللهو

1 - الغناء: قال أبو الفرج الأصفهاني: إنَّ الغناء في المدينة لا ينكره عالمهم، ولا يدفعه عابدهم.[٢٨]

روى حسين بن دحمان الأشقر، قال: كنت بالمدينة فخلا لي الطريق وسط النهار فجعلت أغني:

ما بال أهلك يا ربابخزرا كأنهم غضاب

قال: فإذا خوخة قد فتحت، وإذا وجه قد بدا تتبعه لحية حمراء، فقال : يا فاسق أسأت التأدية، ومنعت القائلة وأذعت الفاحشة، ثم اندفع يغني فظننت أن طويسا قد نُشِرَ بعينه، فقلت له: أصلحك الله من أين لك هذا الغناء؟ فقال: نشأت وأنا غلام حدث أتبع المغنين وآخذ عنهم، فقالت لي أمي: إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يلتفت إلى غنائه، فدع الغناء، وأطلب الفقه، فإنه لا يضر معه قبح الوجه، فتركت المغنين واتبعت الفقهاء. فقلت له: فأعد جعلت فداك، فقال : لا، ولا كرامة، أتريد أن تقول : أخذته عن مالك بن أنس، وإذا هو مالك بن أنس، ولم أعلم.[٢٩]

2 - حفلات الغناء والرقص: روى أبو الفرج الأصفهاني: إن جميلة جلست يوما، ولبست برنسا طويلا، وألبست من كان معها برانس، ثم قامت ورقصت، وضربت بالعود، وعلى رأسها البرنس الطويل، وعلى عاتقها بردة يمانية، وعلى القوم أمثالها وقام ابن سريج يرقص، ومعبد، والغريدي، وابن عائشة، ومالك، وفي يد كل منهم عود يضرب به على ضرب جميلة، ورقصها، فغنت وغنى القوم على غنائها، ثم دعت بثياب مصبغة، ودعت للقوم بمثل ذلك فلبسوا، وتمشت ومشى القوم خلفها، وغنت وغنوا بغنائها بصوت واحد.[٣٠] وكانت عائشة بنت طلحة تقيم احتفالات مختلطة من الرجال والنساء، وتغني فيها عزة الميلاء.[٣١]

  • أخلاقيات الأمويين

ومن أمثلة أخلاقيات الأمويين التي ذكرها المؤرخون ان الوليد استقدم عطردا المغني، ولما سمع منه أحد أصواته شق عليه حلة كانت عليه، ورمى بنفسه في بركة خمر، فما زال بها حتى أخرج كالميت سكرا، ولما أفاق قال لعطرد: كأني بك قد دخلت المدينة، فقمت في مجالسها وقعدت، وقلت: دعاني أمير المؤمنين، فدخلت عليه فاقترح علي فغنيته وأطربته، وشق ثيابه، وفعل، والله لئن تحركت شفتاك بشيء مما جرى فبلغني لأضربن عنقك، ثم أعطاه ألف دينار فأخذها وانصرف إلى المدينة.[٣٢]

  1. الدميري، حياة الحيوان الكبرى، ج1، ص61 - 63.
  2. ابن كثير، البداية والنهاية، ج8، ص260.
  3. ابن كثير، البداية والنهاية، ج8، ص260.
  4. المقريزي، النزاع والتخاصم، ص8.
  5. ابن كثير، البداية والنهاية، ج9، ص80.
  6. القضاعي، تاريخ القضاعي، ص72.
  7. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص340.
  8. ابن سلام، طبقات الشعراء، ص441.
  9. القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج16، ص312.
  10. الأربلي، كشف الغمة، ج2، ص112.
  11. الحر العاملي، إثباة الهداة، ج5، ص229.
  12. الحج: 38.
  13. الأمين، أعيان الشيعة، ج4، ص980.
  14. الأمين، أعيان الشيعة، ج4ص479.
  15. الأصفهاني، حلية الأولياء، ج3، ص135.
  16. السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص220.
  17. ابن كثير، البداية والنهاية، ج9، ص68.
  18. المسعودي، مروج الذهب، ج3، ص96.
  19. القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج16، ص380.
  20. القوهي: الثوب من الخزّ الفاخر.
  21. الأصفهاني، الأغاني، ج1، ص310.
  22. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج5، ص246.
  23. الأصفهاني، الأغاني، ج17، ص89.
  24. الأصفهاني، الأغاني، ج9، ص172.
  25. الأصفهاني، الأغاني، ج9، ص8.
  26. الأصفهاني، الأغاني، ج1، ص55.
  27. الأصفهاني، الأغاني، ج4، ص541.
  28. الأصفهاني، الأغاني، ج8، ص224.
  29. الأصفهاني، الأغاني، ج4، ص222.
  30. الأصفهاني، الأغاني، ج8، ص227.
  31. الأصفهاني، الأغاني، ج10، ص57.
  32. الأصفهاني، الأغاني، ج2، ص226.