المأتم

من ويكي شيعة
(بالتحويل من مجالس عزاء)

المأتم هو المجلس الذي يجتمع فيه الناس لإقامة الحزن والبكاء على فقيدهم، وعند أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام المأتم هو المجلس الذي يقام فيه العزاء لإحياء ذكرى أهل البيت عليهم السلام خصوصاً في ما يرتبط بمصائب واقعة الطف.

التعريف

المَأْتَمُ في اللغة: مجتمع من الناس في حزن أو فرح، وغلب استعماله في حزن الوفاة، وجمع مأتم: مآتم[١] والمآتم في الاصطلاح: هي المجالس التي تقيم فيها الشيعة ومحبي أهل البيت عليهم السلام العزاء، فيجتمعون، ويقرؤون المراثي، ويلطمون فيها الصدور عادةً.

منشأه

ما تقيمه المجتمعات الشيعية في الوقت الراهن من إقامة المآتم بأنواعها تعود إلى ثقافتهم وسيرة الأئمة عليهم السلام، وهي التي حثّت وشجّعت عليها الروايات والأحاديث الواردة خاصة في ما يتعلق بقضية الإمام الحسين عليه السلام و البكاء عليه، فمنها:

  • ما ورد في زيارة الناحية المقدسة للإمام المهدي : فلئن أخَّرتني الدهور، وعاقني عن نصرك المقدور، ولم أكن لمن حاربك محارباً، ولمن نصب لك العداوة مناصباً، فلأندبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكينَّ عليك بدل الدّموع دماً حسرةً عليك وتأسُّفاً على ما دهاك وتلهفاً حتى أموت بلوعة المصاب وغصّة الاكتئاب...[٢]
  • وما روي عن الإمام الحسين عليه السلام أنه أوصى ابنه الإمام زين العابدين عليه السلام قائلاً له: يا ولدي! بلِّغ شيعتي عني السلام، وقل لهم: إنّ أبي مات غريباً فاندبوه، ومضى شهيداً فأبكوه.[٣]
وقتيلٌ بالطفِّ غودر منهمبين غوغاءِ أُمَّة وَطَغَامِ

بكى أبو جعفر عليه السلام، ثم قال: يا كميت! لو كان عندنا مال لأعطيناك، ولكن لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لحسَّان بن ثابت: لا زلت مؤيَّداً بـروح القدس ما ذببت عنا أهل البيت.[٤]

  • وما يرويه أبو الفرج عن علي بن إسماعيل التميمي عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام إذ استأذن آذنه للسيّد فأمره بإيصاله، وأقعد حرمه خلف ستر، ودخل فسلَّم وجلس، فاستنشده فأنشد قوله:
أُمررْ على جدثِ الحسينِوقل لأعظُمِه الزكيّـــــــــةْ
يا أعظُماً لا زلتِ مـــــــــــــــــنوَطفاءَ ساكبةٍ رويّـــــــــةْ
فـــــــــــــــــــــــــــإذا مررتَ بقبرِهِفأَطِلْ به وَقْفَ المطيَّةْ
وابكِ المطهَّــــــــــــــــر للمطهَّروالمطهَّرةِ النقيَّـــــــــــــــــــةْ
كبُكــــــــــــــــــــــــــاءِ معولة أتتيوماً لواحدِهَا المنيَّـــــةْ

قال: فرأيت دموع جعفر بن محمد تتحدَّر على خديه، وارتفع الصراخ والبكاء من داره، حتى أمره بالإمساك فأمسك.[٥]

أماكن إقامتها

لم يُر علي بن الحسين ضاحكاً قط منذ أن قتل أبوه، وما امتشطت من آل الرسول

امرأة ولا اختضبت منذ قتل الحسين بن علي إلاَّ بعد ما جيء برأس عبيدالله بن زياد.



اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 292.

لإقامة المآتم في المجتمعات الشيعية أماكن يقام فيها العزاء والبكاء، فمن أهمها:

  • الحسينيات: وهي أهم الأماكن التي تقام فيها المآتم للإمام الحسين عليه السلام فسميّت عند العرب بالحسينيات، وعند الهنود بـ «إمام بان» وعند الفرس والترك «بمأتم سراي» كما كانت تسمّى هاتيك المجالس «بالمآتم» أو «تعازي الحسين» وخصصت لها أوقات وصدقات جارية لا يستهان بها وبأرباحها الوفيرة... [٦]
  • المساجد: إنّ المساجد، وإن أشيدت لإقامة الصلاة وقراءة القرآن والدعاء والذكر و... لكنه أضيف إليها هذا النشاط، وهو إقامة المآتم بأنواعها إمّا في ذكرى استشهاد الأئمة أو الأموات المؤمنين. فيظهر دور هذه المساجد عند محبي أهل البيت عليهم السلام بصورة جليّة وواضحة في ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأنصاره وخاصة في شهري المحرم و صفر، فتتوشّح بالسواد، ويقام فيها العزاء.[٧]
  • البيوت الشخصية: من الأماكن التي اعتاد الشيعة لأقامة المآتم فيها هي إقامة هذه المجالس في البيوت، وهذه الظاهرة مشهودة في المجتمعات الشيعية، فما يمرّ أحد في الأحياء إلاّ ويرى في أزقتها وشوارعها البيوت التي تقام فيها العزاء بالأخص في شهري محرم و صفر، وإقامتها في شهري محرم وصفر تكون بصورة عشرات، على نحو المثال: العشرة الأولى من شهر محرم الحرام أو العشرة الثانية من شهر صفر ..... وهم بذلك يبتغون الأجر والثواب ومواساة أهل البيت عليهم السلام في مصيبتهم فضلاً عن كون هذه المآتم تعتبر تبركاً لبيوتهم ومنازلهم؛ وذلك بناءاً على الروايات المتقدمة ذكرها.[٨]
  • الأسواق: إقامة المآتم في الأسواق أيضاً لم تكن لتختفي عن شيعة أهل البيت عليهم السلام، فهي ظاهرة بدأت تنتشر في المجتمع الشيعي بشكل واسع، وذلك من قبل التجّار وأصحاب المحلات من أجل المشاركة وإقامة المآتم ومجالس العزاء، كما تقام هذه المجالس فضلاً عن شهري المحرم وصفر في المناسبات الأخرى كأيام الفاطمية.[٩]

الأهمية

إنّ هذه المآتم دعوة إلى الدين بأحسن صورة وألطف أُسلوب، بل هي أعلى صرخة للإسلام توقظ الغافل من سباته، وتنبّه الجاهل من سكراته، بما تشربه في قلوب المجتمعين، وتنفثه في آذان المستمعين، وتبثّه في العالم وتصوره قالباً لجميع بني آدم، من اعلام الرسالة، وآيات الإسلام، وأدلّة الدين، وحجج المسلمين، والسيرة النبوية، والخصائص العلوية، ومصائب أهل البيت عليهم السلام في سبيل الله، وصبرهم على الأذى في إعلاء كلمة الله.[١٠]

موضوع ذات صلة

الهوامش

  1. عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، باب: أ ت م.
  2. المجلسي، بحار الأنوار، ج 98، ص 320.
  3. القزويني، زينب الكبرى من المهد إلى اللحد، ص 217.
  4. المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 229.
  5. الأمين، أعيان الشيعة، ج 1، ص 586.
  6. موقع السيد الخامنئي - قضايا وآراء
  7. موقع السيد الخامنئي - قضايا وآراء
  8. الحيدري، تراجيديا كربلاء.
  9. وكالة أهل البيت(ع) للأنباء-أبنا.
  10. شرف الدين، المأتم الحسيني، ج 5، ص 19.

المصادر والمراجع

  • الأمين، محسن، أعيان الشيعة، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1406 هـ.
  • القزويني، محمد كاظم، زينب الكبرى من المهد إلى اللحد، تحقيق وتعليق: السيد مصطفى القزويني، بيروت، دار المرتضى، د.ت.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1404 هـ.
  • المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق: أسعد داغر، قم، دار الهجر، ط2، 1409 هـ.
  • اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، تاريخ اليعقوبي، بيروت، دار صادر، د ت.
  • شرف الدين، عبدالحسين، المأتم الحسيني، د.م، د.ن، د.ت.
  • عمر، أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصرة، القاهرة: عالم الكتب، 2008 م.
  • موقع السيد الخامنئي - قضايا وآراء
  • الحيدري، تراجيديا كربلاء.
  • وكالة أهل البيت (ع) للأنباء-أبنا.