سكرات الموت

مقالة مقبولة
استنساخ من مصدر جيد
خلل في أسلوب التعبير
عدم الشمولية
من ويكي شيعة

سكرات الموت، هي الأحوال المدهشة والصعوبات الكثيرة العارضة على الإنسان عند الموت، والمتون الروائية تحكي عن تلك الشدّة والصعوبة. سكرات الموت للمؤمنين أسهل من الكافرين، وكما جاء في الروايات أنّ الإحسان إلى الوالدين وصلة الرحم وعدم التعلق بالدنيا والشهوات، والإنفاق، وقراءة سورة يس، والصافات، تقلل من صعوبتها ومشقتها.

مفهومها

السكرات جمع سكرة، ومعناها الحالة التي تشبه حالة الثمل على أثر اشتداد حالة الإنسان، فيضطرب منها، فيرى سكراً وليس بسكر.[١]

ولسكرات الموت عدة معانٍ حسب ما جاء في كتب التفسير، منها:

  • شدته الذاهبة بالعقل.[٢]
  • ما يُذهل العقول والفطن.[٣]
  • انكشاف الحقيقة.[٤]

وقيل أيضاً أنّ سكرات الموت تحمل ثلاثة معاني:

  • الأول، شدة النزع،[٥] والنزع عبارة عن مؤلمٍ نزل بنفس الروح، فاستغرق جميع أجزائه حتى لم يبق جزء من أجزاء الروح المنتشرة في أعماق البدن إلا وقد حلّ به الألم.[٦]
  • الثاني، مشاهدة صورة ملك الموت، ودخول الروع والخوف منه على القلب.[٧]
  • الثالث، مشاهدة العُصاة مواضعهم من النار، فإنهم في حال سكرات الموت قد تخاذلت قواهم، واستسلمت لخروج أرواحهم، ولن تخرج ما لم يسمعوا نغمة ملك الموت بأحد البشريين، إمّا أبشِر يا عدوّ الله بالنار، أو أبشِر يا وليّ الله بالجنة.[٨]

في الآيات والروايات

ذكر القرآن الكريم سكرات الموت في سورة ق بقوله تعالى: ﴿وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ،[٩] وبناءاً على كلام المفسرين: أنّ سكرات الموت في المؤمنين أسهل من الكافرين، كما جاء في الروايات والأحاديث أنّ ملك الموت ليقف من المؤمن عند موته موقف العبد الذليل من المولى، فيقوم وأصحابه لا يدنون منه حتى يبدأه بالتسليم ويبشره بالجنة.[١٠]

وبما أنّ قبض روح الإنسان تدريجيٌ، فهو مصحوب بالشدة والمشقة، فعبّروا عن سكرات الموت بغَمَرة الموت التي تأخذه عند نزع روحه، فيصير بمنزلة السكران.[١١]

وطبقاً للمصادر الروائية أنّ النبيصلی الله عليه وآله وسلم في اللحظات الأخيرة من عمره كان يقول: لا إله الا الله أنّ للموت سكرات.[١٢]

كيفيتها

إنّ للموت سكرات يصعب أن توصف أو تعقل، كما قال الإمام عليعليه السلام في وصفه لأهوال الموت «إنّ للموت لغمرات هي أفظع من أن تستغرق بصفة، أو تعتدل على عقول أهل الدين».[١٣]

وعلى هذا الأساس، فإنّ معرفة حقيقة هذه الحالات، يصعب وصفها؛ لأنّ مشاهدة هذه الأحوال والظروف يكون بعد الموت، والانقطاع عن الدنيا وتعلقاتها، والوقوف والمثول أمام نتائج الأعمال، وهو مصير الإنسان النهائي.[١٤]

سبل وطرق تقليلها

أنّ ما يقلل من سكرات الموت هو: عدم التعلق بالدنيا وشهواتها، وإنفاق المال، واجتناب الذنوب، كما قال الإمام الصادقعليه السلام: «من أحب أن يخفف الله عزّ وجلّ عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولاً، وبوالديه باراً، فإذا كان كذلك هوّن الله عزّ وجلّ عليه سكرات الموت، ولم يصبه في حياته فقر أبداً».[١٥]

ومن سُبل تقليل وتهوين سكرات الموت قراءة سورة يس، كما ورد ذلك عن النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم حيث قال: ،من قرأ سورة يس وهو في سكرات الموت أو قرئت عنده جاء رضوان خازن الجنّة بشربة من شراب الجنّة، فسقاه إياها.[١٦]

ومن طرق تقليلها أيضاً الدعاء وطلب النجاة، ومنه الدعاء الذي دعا به موسى عليه السلام حين دخل على فرعون، فإنه يهون سكرات الموت[١٧]، فإنّ الأنبياء وأولياء الله الذين يواجهون حالة النزع والموت باطمئنان كامل ينالهم من شدائد هذه الحالة نصيب، ويصابون ببعض العقبات في حالة الانتقال، كما قد ورد في حالات انتقال روح النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم إلى بارئها عند اللحظات الأخيرة من عمره، أنّه كان يدخل يده في إناء فيه ماء ويضعها على وجهه ويقول: لا إله إلا الله، ثمّ يقول: إنّ للموت سكرات.[١٨]

ومن الأمور التي تهون سكرات الموت كِسْوَة المؤمن، فإنها تهونها عليه وتوسع في قبره.[١٩]

الهوامش

  1. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 17، ص 20.
  2. الزمخشري، تفسير الكشّاف، ج 4، ص 1542.
  3. الفخر الرازي، التفسير الكبير، ج 27-28، ص 141.
  4. المغنية، تفسير الكاشف، ج 7، ص 133.
  5. الغزالي، إحياء علوم الدين، ج 15، ص 129.
  6. الفيض الكاشاني، المحجة البيضاء، ج 4، ص 457.
  7. الغزالي، إحياء علوم الدين، ج 15، ص 129.
  8. الغزالي، إحياء علوم الدين، ج 15، ص 129.
  9. سورة ق: 19.
  10. الريشهري، ميزان الحكمة، ج 8، ص 216.
  11. الطوسي، تفسير التبيان، ج 10، ص 600.
  12. الألوسي، روح المعاني، ج 25-26، ص 464.
  13. محمد الريشهري، ميزان الحكمة، ج 11، ص 126.
  14. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 17، ص 20.
  15. القمي، سفينة البحار، ج 5، ص 88.
  16. الفاضل الهندي، كشف اللثام، ج 2، ص 198.
  17. القمي، سفينة البحار، ج 5، ص 88.
  18. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 17، ص 20.
  19. القمي، سفينة البحار، ج 5، ص 88.

المصادر والمراجع

  • الألوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، بيروت-لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، د. ط. ت.
  • الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت- لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 4. 1434 هـ.
  • الریشهري، محمد، ميزان الحكمة، بيروت- لبنان، الناشر: دار الحديث، ط 6، 1433 هـ.
  • الزمخشري، محمود بن عمر، الكشّاف، بيروت- لبنان، الناشر: دار صادر، ط 1، 1431 هـ.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم-إيران، الناشر: دار المجتبى، ط 1، 1430 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، قم-إيران، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1430 هـ.
  • الغزالي، محمد بن محمد، إحياء علوم الدين، بيروت ـ لبنان، الناشر: دار المعرفة، د. ط. ت.
  • الفاضل الهندي، بهاء الدين محمد، كشف اللثام والإبهام عن قواعد الأحكام، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة. د. ط. ت.
  • الفیض الکاشاني، محمد محسن، المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، قم-ايران، الناشر: مؤسسة إحياء الكتب الإسلامية، ط 2، 1431 هـ.
  • القمي، عباس بن محمد، سفينة البحار ومدينة الحِكم والآثار، قم- إيران، الناشر: دار الأسوة، ط 6، 1414 هـ.
  • مغنية، محمد جواد، تفسير الكاشف، بيروت-لبنان، الناشر: دار الأنوار، ط 4، د.ت.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، قم ـ إيران، الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام، ط 1، 1426 ق.