حروب النبي (ص)

مقالة مقبولة
خلل في الوصلات
دون صندوق معلومات
دون صورة
عدم مراعاة طريقة كتابة المراجع
استنساخ من مصدر جيد
ذات مصادر ناقصة
منحازة
مقدمة ناقصة
من ويكي شيعة

حروب النبي هي المعارك التي وقعت خلال عشر سنين وتحديداً بعد هجرته إلى المدينة المنورة، حيث استلم الرسول (ص) قيادة المجتمع الإسلامي، وشكل الدولة الإسلامية. وتنقسم هذه الحروب إلى قسمين: الأولى هي الغزوات والثانية هي السرايا.

الغزوة

تُسمى الحروب التي شارك فيها النبي (ص)، والتي كانت بقيادته، "غزوة". واختلف المؤرخون في عدد الغزوات، ولكنهم ذكروا 26 إلى 28 غزوة. وتشكل هذه الأعداد ربع الحروب الإسلامية في زمن الرسول الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم.[١]

السرية

الحروب التي لم يشارك فيها الرسول تسمى "السرية"، وهي مجموعة أرسلها الرسول بقيادة أحد أصحابه، وتسمية السرية سواء أوقعت معركة أم لم تقع. وإذا كان المُرسل شخصاً واحداً فقط فيُطلق عليه "بعث".[٢]

سيرة النبي (ص) العملية في حروبه

إن سيرة النبي (ص) العملية في حروبه هي تطبيق عملي للإيديولوجية[٣] الإسلامية في أروع تجلياتها، سواء في وسائلها، أو في مقاصدها.[٤] وهي تمثل التجسيد الحي للتشريع الإسلامي في إطاره العملي، حيث نجد أن الجانب التطبيقي والتنفيذي منسجم تمام الانسجام مع الخط التشريعي العام بل إن استقراء حروب النبي صلی الله عليه وآله وسلم، ابتداءً من بدر، وحتى تبوك يبين لنا أن تلك الحروب لم تكن لغرض قتل الكفار، أو فرض الدِّين قسرا، بل كانت كلّها حروب دفاعيّة في واقعها.

ودراسة الواقع التاريخي لتلك الحروب والغزوات يأبى المصير إلى القول بأن الهدف من ورائها كان حمل الناس على الدخول في الإسلام قسراً، وإنما كان الهدف من تلك الحروب والغزوات الدفاع عن حرية العقيدة الإسلامية من جهة، وعن الكيان الدولي للإسلام من جهة أخرى.

أنواع حروب النبي (ص)

ويمكن تصنيفها إلى حروب دفاعية وحروب وقائية[٥].

حروب دفاعية

يدافع فيها الإسلام عن النفس والعقيدة ضد هجمات الكفار والمشركين، أو عن الالتزامات والعهود التي نقضها الكفار مع المسلمين.

وهذا ما نلاحظه في أغلب المعارك التي وقعت في صدر الإسلام، وتحديداً في فترة ما بعد هجرة النبي صلی الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وحتى وفاته. وأمثلتها:

1- غزوات النبي صلی الله عليه وآله وسلم وامتازت كلها بوضوح الطابع الدفاعي؛ لأنها لا تخلو أن تكون لأحد الأمور التالية:

بعضها حصل لنقض العهد، كما حصل مع نبذ اليهود عهدهم مع رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم في أن لا يحاربوا، ولا يعينوا أحداً على حرب المسلمين. أمَّا يهود بني قينقاع في المدينة فلتآمرهم ضد الدولة الإسلامية مع بني غطفان والأعراب، فأجلاهم النبي صلی الله عليه وآله وسلم. وأمَّا بنو قريظة فقد نقضوا العهد مع المسلمين بتآمرهم في غزوة الخندق مع الأحزاب ضد الدولة الإسلامية، وأمَّا غزوة بني النضير فكانت رداً على محاولتهم قتل النبي صلی الله عليه وآله وسلم، وغرضها إجلاؤهم، وليس سفك دمائهم.[٦]

وأمَّا كفار قريش فقد نقضوا صلح الحديبية باعتدائهم على بني خزاعة حلفاء المسلمين في الصلح، فكان ذلك سبباً لفتح مكة، ولاسترداد حقوق مسلمي مكة التي أهدرت باستلاب أموالهم، وإخراجهم منها ظلماً وعدواناً.

2-حروب النبي صلی الله عليه وآله وسلم الكبرى ويظهر فيها تمام الوضوح الطابع الدفاعي؛ لأنها كانت لرد عدوان المشركين، كحرب أحد والأحزاب (الخندق).

3- جميع السرايا والتجريدات بعد معركة بدر كانت دفاعية، وحتى ما كان قبلها،[٧] كما حصل مع سرية عبد الله بن جحش (قبل بدر بشهرين)، حيث كان هدفها استطلاعي، فلم تؤمر بقتال، ولم يؤذن لها فيه.[٨]

حروب وقائية

وهذه الحروب وإن كانت حروب ابتدائية في مباغتة المتربصين بالإسلام وأهله، إلاّ أنها في حقيقتها لم تكنْ حروب ابتدائية بالمعنى الكامل للكلمة؛ لأنها لم تكن تمثل هجوماً ابتدائياً وعدوانياً على أناس آمنين ومسالمين، بل كانت بمثابة ضربات وقائية لمن يتربصون بالمسلمين الدوائر، استهدفت إضعاف القوة الطاغية للشرك والكفر، أو هي امتداد لحالة حرب كانت بين المسلمين والمشركين، ولا إشكال في كون هذا المعنى مما يصدق عليه لفظ الدفاع؛ بل هو نوع من أنواعه.

وهي وإن كانت جهاداً ابتدائياً بالاصطلاح الفقهي، إلا أنها حروب دفاعيّة بالاصطلاح القانوني[٩]. وأمثلتها:

أولا- حرب بني المصطلق مع المشركين، وحرب خيبر مع اليهود والذين كانوا قد هيّجوا قبائل العرب على حرب النبي صلی الله عليه وآله وسلم وأسّسوا حرب الأحزاب، وكانت وظيفتهم في حوالي المدينة وظيفة الطابور الخامس، ومثل معركة حنين مع المشركين، والتي هي امتداد لفتح مكّة، وردعاً للجيش الذي عبأته قبيلة "هوازن" لقتال المسلمين.

وأما حرب مؤتة فكان الغرض منها الدفاع عن الحدود الشمالية، وللوقاية من حرب آتية لا محالة ضد المسلمين من قبل الرّوم البيزنطيين، أو هي رد فعل على قتل الدعاة والمبلغين والسفراء الذين أرسلهم النبيصلی الله عليه وآله وسلم من قبيل قتل سفير النبي (ص) الحارث بن عمير الأزدي إلى ملك بُصرى يدعوه فيه إلى الإسلام، فلما نزل مؤتة عَرّضَ له شرحبيل بن عمرو الغساني والي الرّوم في مؤتة فأمر به أن يؤخذ فيُقتل، فاُخذ وَقُتل.[١٠]

وكذلك غزوة تبوك، والتي كانت للوقاية من عدوان محتمل على الحدود الشمالية لبلاد المسلمين، فكانت أول غزوة للإسلام تجاوزت بلاد العرب إلى مشارف الشام ولم يكن فيها قتال ولكن وُضعت الجزية على أيْلَةَ وبُصرى، ثم عاد النبي صلی الله عليه وآله وسلم بعد مصالحته متنصّرة العرب على الجزية،[١١]لانتفاء وقوع العدوان. وأمّا بعث سرية أُسامة فقد كان بلغه (ص) تجهيز الرّوم وتصميمه على الهجوم من حدود الشام.

ثانياً- يبقى هنالك كلام في واقعة بدر، حيث قد يقال: إنها لم تكن معركة دفاعية، أو حتى وقائية، ولكنها في حقيقتها مبادرة للمسلمين في مقاتلة المشركين.

وأُجيب عن ذلك:

1- إنها ناشئة عن دوافع دفاعية قائمة على أساس ظلم مشركي مكّة للمسلمين، والشاهد على ذلك أنّ غزوة بدر لم يقم بها النبي صلی الله عليه وآله وسلم إلاّ بعد أن قامت قريش بالاعتداء على المسلمين، وعلى أموالهم في مكّة المكرّمة، وحريتهم فيها، بل كانت قريش تعتدي على المسلمين حتّى في المدينة المنوّرة من خلال غارات ليليّة ، فكان هدف النبي صلی الله عليه وآله وسلم وقف العدوان القرشي، والاقتصاص من قريش[١٢].

2- أنها تعبير عن استمرار لمعركة كان قد بدأها المشركون على النبي صلی الله عليه وآله وسلم وأتباعه، أو هي تمثل أسلوب معاملة بالمثل، باعتبار أن من إرهاصات بدر ومقدماتها أن "كرز بن جابر الفهري" أغار على آبار أهل المدينة وأغنامهم، ونهبها.

3- لم يكن غرض وغاية المسلمين من التعرض لقافلة قريش التجارية هو السلب والنهب والقتل، بدليل أنهم لم يفعلوا ذلك مع الكفار الذين يجاورون المدينة، أو يسكنوها من اليهود، أو المشركين، حيث إنهم لم يتعرضوا لهم، وإنَّما عاهدوهم على حسن الجوار، والمعاملة بالحسنى.

وبذلك يُستنتج من كل ما سبق أن أنَّه لا وجود للحروب العدوانية في الإسلام.

إحصائيات

تميَّزت حروب الرسول صلی الله عليه وآله وسلم بأنها حروب غير دموية، بمعنى أنها لم يكن فيها ما يُعرف الآن بجرائم الإبادة الجماعية. ولغة الأرقام لا تكذب!

إذ إن جميع حروب وغزوات رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، والتي ذكرتها كتب السيرة، بلغت 25 أو 27 غزوة[١٣]، و38 سرية[١٤]، أي أكثر من 63 معركة.

وعلى الرغم من كثرتها ذكرت المصادر التاريخية أعداداً قليلة نسبيا للقتلى في حروب الرسول صلی الله عليه وآله وسلم، طيلة عشر سنوات ومن كلا الطرفين، فبحسب الطبري 1405 شخصاً، وبحسب بحار الأنوار 15557 شخصاً، وبحسب ابن سعد في الطبقات 1274 شخصاً، وبحسب اليعقوبي 940 شخصاً، وبحسب ابن هشام 1344 شخصاً.[١٥]؛ وذلك لأن الغزوات التي يمكن أن تعتبر حروباً فعلية في تاريخ الإسلام سبعة فقط، وهي: (بدر، غزوة أحد، الأحزاب، خيبر، غزوة مؤتة، فتح مكة، حنين).

الهوامش

  1. ابن هشام، سیرة النبي، ج4، ص280 و281. المسعودي، مروج الذهب، ج2، ص287 و288
  2. الحلبي، السیرة الحلبیة، ج ‏3، ص 213
  3. الإيديولوجية: هي الأفكار التي تحدد ما ينبغي أن يكون ويجب أن يتحقق، أو هي (نظرة تُقوِّم الموجود وتحاول تطويره إلى الأفضل).
  4. التسخيري، الشيخ محمَّد علي: الدولة الإسلامية، دراسات في وظائفها السياسية والاقتصادية، ص132.
  5. فضل الله، محمَّد حسين: الإسلام ومنطق القوة، ص206.
  6. ابن الأثير، علي عبد الواحد الشيباني: الكامل في التاريخ، ج2، ص173.
  7. الزحيلي، وهبه، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، ص104.
  8. العقاد، د. عباس: عبقرية محمَّد، ص44.
  9. السند، محمد، بحوث معاصرة في الساحة الدولية، ص134.
  10. الطبرسي، إعلام الورى، ج1، ص212.
  11. يُنظر: ابن هشام: السيرة النبوية، ج5، ص206.
  12. السند، محمد، بحوث معاصرة في الساحة الدولية، ص127.
  13. ابن القيم الجوزية، زاد المعاد، ج1، ص125، ابن حزم، جوامع السيرة، ج1، ص16.
  14. ابن كثير: السيرة النبوية، ج4، ص432.
  15. نصیري، محمد؛ تاريخ نبي الإسلام (بالفارسية: تاریخ پیامبر اسلام)، قم، نشر معارف، ص76

المصادر والمراجع

  • الحلبي أبو الفرج، السيرة الحلبية، دار الكتب العلمية، بيروت‏، 1427‏.
  • المسعودي، علي بن الحسین، مروج الذهب، مطبعة السعادة، 1367.
  • نصیري، محمد؛ تاريخ نبي الإسلام (بالفارسية: تاریخ پیامبر اسلام)، قم، نشر معارف، ط19، 1383.
  • ابن هشام، عبد الملك، السیرة النبویة، دار المعرفة، بیروت، ط1، د.ت.
  • التسخيري، الشيخ محمَّد علي، الدولة الإسلامية، دراسات في وظائفها السياسية والاقتصادية، ط1، معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي، طهران.
  • ابن الأثير، علي عبد الواحد الشيباني، الكامل في التاريخ، دار صادر، بيروت، 1385هـ.
  • الزحيلي، د. وهبه، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، ط3، دار الفكر، دمشق، 1981م.
  • العقاد، د. عباس، عبقرية محمَّد، منشورات المكتبة العصرية، بيروت، [د . ت].
  • ابن هشام، عبد الملك الحميري: السيرة النبوية، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، 1411هـ.
  • الطبرسي، فضل بن الحسن، اعلام الوری بأعلام الهدی، مؤسسة آل البیت لإحیاء التراث، ط الأولی، قم، 1417ق.
  • فضل الله، محمَّد حسين: الإسلام ومنطق القوة، ط3، الدار الإسلامية، بيروت، 1406هـ/ 1986م.
  • السند، محمد، بحوث معاصرة في الساحة الدولية، مركز الأبحاث العقائدية، مطبعة ستارة، قم المقدسة، 1428هـ.
  • ابن كثير: السيرة النبوية
  • ابن القيم الجوزية، زاد المعاد،
  • ابن حزم، جوامع السيرة،