معركة قرقيسيا

من ويكي شيعة
(بالتحويل من حرب قرقيسيا)
خارطة تقريبية لموقع قرقيسيا

قرقيسيا، أو قرقيسياء، هو اسم معركة ذُكرت في الروايات المتعلقة بآخر الزمان وخروج السفياني.

وتشير الروايات إلى كثرة الحروب والفتن والفوضى في آخر الزمان وقُبيل ظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، ومعركة قرقيسيا هي إحدى معارك السفياني، ففي طريقه إلى العراق مع جيش عظيم، يصل إلى منطقة تسمى قرقيسيا في شمال سوريا، وتندلع نيران حرب مخوفة وعظيمة بين جيشه وجيش آخر (وقيل تشترك في المعركة عدة جيوش).

معركة قرقيسيا في الأحاديث والروايات

لقد تطرقت بعض الروايات الشيعية والسنية لحرب قرقيسيا وبالتأكيد تحتاج هذه الروايات لدقة وبحث وتحقيق أكثر، للوصول إلى النتائج المطلوبة.

روايات الشيعة

هناك رواية تُنسب إلى الرسول الأكرم (ص) حيث ورد فيها:

  • تكون فتنة بعدها فتنة: «الأولى في الآخرة كثمرة السوط يتبعها ذباب السيف .. ثم يكون بعد ذلك فتنة تستحل فيها المحارم كلها. ثم تأتي الخلافة خير أهل الأرض وهو قاعد في بيته».[١] وبحسب الظاهر أن المراد من البيت هو بيت الله تعالى ـ على الأرجح ـ بمكة المكرمة وخير أهل الأرض ـ بحسب المؤرخين والروايات الواردة ـ هو المهدي المنتظر (ع) الذي يظهر أثناء فتنة السفياني التي تستحل فيها المحارم كلها.[٢]
  • ويروى عن الإمام الباقر (ع) أنّه سأل ميسر: «يا ميسر كم بينكم وبين قرقيسيا؟ فأجاب هي قريب على شاطئ الفرات»، فقال عليه السلام: «أما إنه سيكون بها وقعة لم يكن مثلها منذ خلق الله تبارك وتعالى السماوات والأرض ولا يكون مثلها ما دامت السماوات والأرض مأدبة للطير، تشبع منها سباع الأرض وطيور السماء، يهلك فيها قيس ولا يدعى لها داعية». [٣] وفي هذا الحديث إشارة واضحة لعظمة المعركة وكثرة الضحايا والقتلى فيها.
  • وعن الباقر (عليه السلام) أيضا: «إن لولد العباس والمرواني لوقعة بقرقيسياء، يشيب فيها الغلام الحزور، يرفع الله عنهم النصر، ويوحي إلى طير السماء وسباع الأرض اشبعي من لحوم الجبارين، ثم يخرج السفياني».[٤]
  • وأيضا يروى عن الإمام الباقر (ع) رواية تربط ما بين حرب قرقيسيا وخروج السفياني، حيث قال عليه السلام: «... ويمر جيشه [السفياني] بقرقيسياء، فيقتتلون بها فيقتل بها من الجبارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفا».[٥]
  • كما وينقل عن الإمام جعفر الصادق (ع) قوله: «إن لله مأدبة بقرقيسياء يطلع مطلع من السماء فينادي: يا طير السماء، ويا سباع الأرض، هلموا إلى الشبع من لحوم الجبارين».[٦]

كتب أهل السنة

ذكرت بعض كتب أهل السنة أحاديث وروايات تختص بحرب قرقيسيا، ومنها ما ذكره ابن حماد في كتاب الفتن، فيقول:

  • «... ظهر السفياني بجيشه عليهم فيقتل الترك والروم بقرقيسيا حتى تشبع سباع الأرض من لحومهم».[٧]
  • ويذكر صاحب كتاب الفتن في مكان آخر رواية تقترب مما ذكرناها أعلاه ولكن عن الإمام علي (ع) فيقول: «يظهر السفياني على الشام ثم يكون بينهم وقعة بقرقيسياء حتى يشبع طير السماء وسباع الأرض من جيفهم». [٨]

أسباب وأرضية حرب قرقيسيا

الظاهر من الروايات هو أن اندلاع نيران هذه الحرب تحدث بسبب صراع للحصول على كنز بالقرب من الفرات، وربما ما ذكر بكلمة الكنز، لا يحمل المعنى اللغوي في طياته، بل يحتاج إلى تأويل وفيه جانب من الجوانب البلاغية، فينقل ابن حماد عن الرسول الأكرم (ص) حول الكنز قائلا: «تحسر الفرات عن جبل من ذهب وفضة فيقتل عليه من كل تسعة سبعة فإن أدركتموه فلا تقربوه». [٩]

وكذلك في كتاب الفتن عن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم: «أن الفرات ستحسر عن كنز فإن أدركته فلا تأخذ منه شيئاً».[١٠]

المتقي الهندي أيضا في برهانه له إشارات لجبل الذهب على الفرات فيروي عن الرسول الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل عليه الناس، ويقتل تسعة أعشارهم».[١١]

وذكر صاحب كتاب عصر الظهور في مبحث حركة السفياني: «فالهدف الأساسي للسفياني من غزوة العراق هو السيطرة على البلد ومقاومة زحف قوات الإيرانيين الممهدة للمهديعليه السلام من التوجه عبر العراق نحو سوريا والقدس، ولكن تتعرضه معركة قرقيسيا في الطريق إلى العراق اعتراضا بسبب حادث غريب وهو ظهور كنز في مجرى نهر الفرات أو عند مجراه، حيث تحاول عدة أطراف السيطرة عليه، وتنشب بينهم الحرب هناك فيقتل منهم أكثر من مئة ألف، ثم لا ينتصر طرف منهم نصرا حاسما، ولا يسيطر أحد منهم على الكنز، بل ينصرف الجميع عنه وينشغلون بأحداث أخرى».[١٢]

أطراف معركة قرقيسا

بحسب الروايات نجد أربعة مجاميع يتقاتلون في معركة قرقيسيا:

  • الأتراك: ستنزل قواتهم في منطقة بين النهرين.
  • الروم: ستنزل قواتهم في فلسطين.
  • السفياني: هو المسيطر على أرض الشام والأردن.
  • عبد الله: من المتحالفين مع الروم في المنطقة.
  • قيس: قائد أرض مصر آنذاك.
  • أبناء عباس: سيأتون من أرض العراق.[١٣]

وسنشير هنا إلى بعض الرويات في هذا الصدد:

فينقل الطوسي عن عمار بن ياسر «... ويخرج أهل الغرب إلى مصر، فإذا دخلوا فتلك أمارة السفياني، ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد عليهم السلام، وتنزل الترك الحيرة، وتنزل الروم فلسطين ويسبق عبد الله [عبد الله] حتى يلتقي جنودهما بقرقيسيا على النهر، ويكون قتال عظيم، ويسير صاحب المغرب فيقتل الرجال ويسبي النساء، ثم يرجع في قيس حتى ينزل الجزيرة السفياني فيسبق اليماني ويحوز السفياني ما جمعوا، ثم يسير إلى الكوفة». [١٤]

وينقل ابن حماد بأن السفياني «يظهر بجيشه عليهم فيقتل الترك والروم بقرقيسيا».[١٥] وفي حديث آخر «فعند ذلك تجتمع الترك والروم يقاتلون جميعا وترفع ثلاث رايات بالشام ثم يقاتلهم السفياني حتى يبلغ بهم قرقيسيا».[١٦] ويُذكر أيضا بأن السفياني دخوله مكة بعدما يقاتل الترك والروم بقرقيسياء».[١٧]

وفي رواية ينقلها عبد الله بن زرير ( وقيل عبد الله بن الزبير) عن الإمام علي (عليه السلام)، نقرأ عن وجود جيشين بقيادة شخصين اسمهما عبد الله، ويلتقيان في قرقيسيا: «يتبع عبد الله عبد الله حتى تلتقي جنودهما بقرقيسياء على النهر».[١٨]

زمان معركة قرقيسيا

بحسب الروايات التاريخية، تندع نيران معركة قرقيسيا في شهر شوال وبين حدثين عظيمين:

الهوامش

  1. السيوطي، الحاوي للفتاوي، ج 2 ص 78.
  2. سليمان، يوم الخلاص، ص 551.
  3. الكليني، الكافي، ج 8، ص 295.
  4. النعماني، الغيبة، ص 315.
  5. النعماني، الغيبة، ص 285.
  6. النعماني، الغيبة، ص 287.
  7. المروزي، الفتن، ص 170.
  8. المروزي، الفتن، ص 182.
  9. المروزي، الفتن، ص 207.
  10. المروزي، الفتن، ص 374.
  11. المتقي الهندي، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان، ص 111.
  12. الكوراني، عصر الظهور، ص 117.
  13. السادة، الفجر المقدس، ص 112.
  14. الطوسي، كتاب الغيبة، ص 279.
  15. المروزي، الفتن، ص 170.
  16. المروزي، الفتن، ص 128.
  17. المروزي، الفتن، ص 187.
  18. المروزي، الفتن، ص 178.

المصادر والمراجع

  • السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الحاوي للفتاوي، بيروت، دار الفكر، 1424 هـ/ 2004 م.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، الغيبة، بيروت، دار الفجر للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1423 هـ.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح: علي أكبر الغفاري ومحمد الآخوندي، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1407 هـ.
  • الكوراني، علي، عصر الظهور، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، 1408 هـ.
  • المتقي الهندي، علاء الدين علي، البرهان في علامات مهدي آخر الزمان، قم، مطبعة خيام، 1399 هـ.
  • المروزي، نعيم بن حماد، الفتن، تحقيق: سهيل زكار، بيروت، دار الفكر، 1414 هـ/ 1993 م.
  • النعماني، محمد، الغيبة، تحقيق: فارس حسون كريم، قم، منشورات أنوار الهدى، ط 1، 1422 هـ.
  • سليمان، كامل، يوم الخلاص في ظل القائم المهديعليه السلام، بيروت، دار الكتاب اللبناني، ط 7، 1411 هـ/ 1991 م.
  • السادة، مجتبى، الفجر المقدس، بيروت، دار الخليج العربي، ط 1، 1421 هـ/ 2000 م.