باب (باب الله)

من ويكي شيعة

باب، أو باب الله، وردت عبارة باب الله في جملة من الأحاديث لقباً وصفةً للنبي (ص) والأئمة (ع). كما أنّ الصراط والسبب والطريق والسبيل ما هي إلاّ تعابير أخرى مرادفة لـ"باب الله" كانت تُطلق على أئمّة أهل البيت عليهم السلام.

الأحاديث الواردة

ورد في الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله باب الله الذي لا يؤتى إلاّ منه وسبيله الذي مَن سلكه وصل إلى الله.[١]

وورد أيضاً في عدد من الأحاديث أنّ باب الله و باب الجنّة ألقاب لأمير المؤمنين عليه السلام ومنها إنّ علياً بابٌ فتحه الله فمن دخله كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً.[٢] ومنها إنّ علياً باب من أبواب الهدى فمن دخل من باب عليّ كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً.[٣] وأيضاً إنّ علياً باب من أبواب الجنة فمن دخل بابه كان مؤمناً.[٤]

مدينة العلم

في الحديث المشهور والمتواتر، الذي نقلته كتب أحاديث أهل السنة والشيعة بروايات مختلفة، وصف الرسول صلّى الله عليه وآله نفسه بأنه مدينة العلم، مدينة الحكمة، مدينة الفقه، دار العلم، خزانة العلم، ودار الحكمة، وأنّ علياً عليه السلام بابها.[٥]

وفي حديث آخر عن محمد بن علي عن أبيه عن الحسين بن علي أبيه قال قالّ رسول الله صلّى الله عليه وآله علي بن أبي طالب خليفة الله وخليفتي وحجة الله وحجتي وباب الله وبابي[٦]

من أوصاف أهل البيت عليهم السلام

وُصف أهل البيت عليهم السلام في بعض الروايات بأنّهم أبواب الله لأنّهم الواسطة بين الله وخلقه. كما أنّهم وُصفوا أحياناً بـ الطريق، والسبيل، السبب، الصراط. يقول الإمام علي بن الحسين عليه السلام نحن أبواب الله ونحن الصراط المستقيم ونحن عَيْبة علمه[٧]

كذلك ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام "نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب ولا تؤتى البيوت إلاّ من أبوابها"[٨]، إذ يشير آخر الحديث إلى الآية الشريفة «وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا».[٩]

تفسير آيات الأبواب

ذهب جملة من المفسّرين إلى أنّ المقصود من الأبواب في هذه الآية المتقدمة هم الأئمّة عليهم السلام، فهم الطريق وباب الهداية إلى مدينة علم رسول الله صلّى الله عليه وآله،[١٠] وجاء في رواية أخرى أنّ الإمام الرضا عليه السلام سُئل عن معنى الماء في آية «إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ»[١١] فأجاب عليه السلام ماؤكم أبوابكم أيّ الأئمّة، والأئمّة أبواب الله[١٢]، والماء استعمل هنا بمعنى مجازيّ، أي بما أنّ الماء هو سبب الحياة، فلا يمكن لها أن تستمر إذا نضب؛ كذلك الأئمّة عليهم السلام هم كالماء لارتباط حياة البشر المعنوية بهم، ففي الواقع هم أبواب الوصول إلى الحياة المعنوية والحقيقية، ولو خلا العالم من إمام وحُجّة، لكان باب الحياة المعنوية موصداً، ولما وُجد أحد ليسقي الناس من ماء معين الحياة المعنوية. واستناداً إلى الروايات المنقولة عن الأئمّة عليهم السلام، فإنّ باب الفيض ليس مغلقاً في عصر غيبة إمام الزمان عجّل الله تعالى فرجَه، وإنّما هو فقط غائب عن الأنظار. وبناء عليه فإنّ مسألة انسداد باب العلم التي طرحها مجموعة من العلماء في عصر غيبة الإمام وبشكل خاص في حال عدم الوصول إلى الإمام، لا ترتبط بمسألة باب الله.[١٣]

باب حِطَّة

لقب استخدم في بعض الروايات السنّية والشيعيّة للإمام علي والأئمّة من وُلده عليهم السلام، وهو مستفاد من قوله تعالى «وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ»[١٤] ووردت عدّة تفاسير لهذه الآية، وقد أشار معظم المفسّرين إلى أنّ المقصود من القرية، بيت المقدس التي سُمّي أحد أبوابها بـ باب حِطَّة.[١٥]

وروى كل من أبي ذرّ الغفاري وأبي سعيد الخدري وابن عبّاس عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال إنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حِطَّة من دخله نجا ومن لم يدخله هلك[١٦] واستناداً إلى الرواية التي نقلها الصدوق عن الإمام علي عليه السلام باب حِطَّة أمّة الإسلام أفضل من باب حِطَّة بني إسرائيل، فذلك كان من الخشب ونحن أئمّة ناطقون صادقون ومؤمنون[١٧]. فسمّى عليه السلام نفسه والأئمة من ولده عليهم السلام ـ نقلاً عن سرول الله صلى الله عليه وآله ـ "باب حِطَّة" و "باب حِطَّة أمّة الإسلام" . ويصف الإمام الباقر عليه السلام نفسه وأهل البيت عليهم السلام بأنهم باب حِطَّة المسلمين نحن باب حِطّتكم"[١٨]. كما أنّ المقصود من «وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً»[١٩] ضرورة أن يخضع ويخشع الإنسان أمام الأئمّة عليهم السلام [٢٠]

أبواب الأئمّة عليهم السلام

عرّف مؤلّفو كُتب التراجم ومناقب أئمّة الشيعة عليهم السلام أمثال ابن شهر آشوب، [٢١] وابن الصبّاغ المالكي، [٢٢] مجموعة من الأشخاص على أنهم أبواب الأئمّة عليهم السلام، عُرف منهم سلمان الفارسي باب الإمام عليّ عليه السلام ، وقيس بن ورقاء باب الإمام الحسين عليه السلام ، وأبو خالد الكابلي ويحي ابن أم الطويل باب الإمام السجاد عليه السلام ، وغيرهم ، وعلى الرغم من خلوّ تصريحات الأئمّة عليهم السلام وكتب الرجال من إطلاق لفظة "باب" على أحد هؤلاء الأصحاب، إلا أنّ ثمّة قرائن تشير إلى علاقة خاصة كانت تربطهم بالأئمّة عليهم السلام، وإنّهم كانوا حلقة الوصل بينهم وبين شيعتعهم في الظروف الحرجة. واستناداً إلى عدد من الروايات كان المفضل بن عمر محط اهتمام الإمام الصادق عليه السلام وكان خبيراً وعالماً بعلوم أهل البيت عليهم السلام، كما أنّه كان يتفقد أحوال الشيعة نيابة عن الإمام الصادق عليه السلام، وكان يدفع الأموال بالوكالة عنه لفضّ نزاعاتهم المالية. كذلك كان يتولّى الأمور المالية نيابة عن الإمام الكاظم عليه السلام، لأنّ الإمام عليه السلام كان يرفض استلام الأموال التي يدفعها الشيعة بنفسه. ولقد كان أبو خالد الكابلي و يحي بن أم الطويل من أصحاب الإمام السجاد عليه السلام المقرّبين، وقد أمضيا سنوات عديدة في خدمته. وكان جابر بن يزيد الجعفي من حاملي أسرار أهل البيت عليهم السلام ومن المقرّبين للإمام الباقر عليه السلام.[بحاجة لمصدر]

نواب الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف

ولُقّب النواب الأربعة للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف في عصر الغيبة الصغرى أيضاً بالباب، إذ وصفهم الطبرسي بأنهم "الأبواب المرضيّون والسفراء الممدوحون"[٢٣]، ويقول ابن الأثير "إنَّ الإمامية تطلق على الحسين بن روح النوبختي لقب الباب[٢٤]

وسُمّيَ عثمان بن سعيد العمري و محمد بن عثمان العمري والحسين بن روح النوبختي ـ فضلاً عن كونهم سفراء الإمام المهدي المهدي عجل الله فرجه الشريف ـ أبواب الإمام الجواد والإمام الهادي والإمام العسكري عليهم السلام[٢٥]، وقد صرّحت الروايات بوثاقتهم وعلمهم وقربهم من الأئمّة عليهم السلام.[٢٦]

مدّعوا النيابة

عِلاوةً على هؤلاء وُجد أشخاص ادّعوا كذبًا أنهم باب الأئمّة عليهم السلام، فكذّبوهم ولعنوهم، وهذا بحدّ ذاته يدلّ على أنّ تعبير الباب كان متداولًا في زمن الأئمّة عليهم السلام. يذكر الكشّي.[٢٧] على سبيل المثال ـ أنّ كلاً من علي بن حسكة وقاسم اليقطيني وابن البابا ومحمد بن الفرات، من جملة ما روّجوا من أفكار منحرفة: ادّعاؤهم بابية الإمامين العسكري والرضا عليهما السلام. لكنَّ الإمامين عليهما السلام انتقداهم بشدة وطلبا إلى شيعتهما الحذر منهم. وذكر الحسين بن حمدان الخصيبي المتوفّى عام 358 هـ في كتابه الهداية الكبرى في تاريخ الأئمّة أشخاصاً سمّاهم أبواباً، كانوا حاملي أسرار الأئمّة عليهم السلام وعلومهم. كما أنّه ذكر وكلاء لكلِّ إمام، كانوا الواسطة بين الإمام عليه السلام وشيعته في الشؤون المالية وغيرها.[٢٨]

خلاصة البحث

ومن مجموع ما تقدّم يمكن أن يُستنتج أنّه وعلى الرغم من إطلاق لقب "باب" في بعض كتب تراجم الأئمّة عليهم السلام ومناقبهم وسِيَرهم على أصحابهم المقرّبين وخاصّتهم، إلا أنّ الأئمّة عليهم السلام أنفسهم، والمحدّثين وعلماء الرجال من بعدهم، تجنّبوا استعمال هذا المصطلح بوجهه الإيجابي. كما أنّ النواب الأربعة كانوا يُسمّون عمومًا بـ السفراء والوكلاء. وكان نوّاب الإمام الكاظم يلقّبون بـ القُوّام، وفي المقابل ذُكر أشخاص أمثال النميري والشلمغاني على أنّهم من مدّعي البابيّة. ومما لا شك فيه أنّه من غير الممكن على الإطلاق إنكار أصل وجود الواسطة بين الإمام وشيعته سواء كان ذلك في مجال بيان الأحكام والمعارف الدينيّة أو في الشؤون المالية. للمزيد من التفاصيل، الشيعة، التنظيم السياسي.

الهوامش

  1. الصفّار القمّي، بصائر الدرجات، ص 199.
  2. الكليني، الكافي، ج 1، ص 437 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية حديث 8.
  3. الكليني، الكافي، ج 2، ص 388 باب الكفر، حديث 18.
  4. الكليني، الكافي، ج 2، ص 389 باب الكفر، حديث 21.
  5. الأميني، الغدير، ج 6، ص 61 – 81؛ التوستري، إحقاق الحق، ج 5، ص 468 – 515؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 40، ص 200–207.
  6. الكراجكي، كنز الفوائد، ص 185؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 26، ص 263.
  7. المجلسي، بحار الأنوار، ج 24، ص 12.
  8. الخطبة 154 من نهج البلاغة
  9. سورة البقرة: 189.
  10. أبو علي الطبرسي في مجمع البيان؛ والفيض الكاشاني في تفسير الصافي؛ ذيل الآية
  11. سورة الملك: 30.
  12. المجلسي، بحار الانوار، ج 24، ص 100.
  13. للمزيد من الإيضاح انظر مسألة انسداد باب العلم.
  14. سورة البقرة: 58.
  15. مجمع التفاسير، الطبرسي، فخر الرازي، السيوطي، ذيل الآية.
  16. تحتاج لمصدر
  17. يفتقر لمصدر
  18. يفتقر لمصدر
  19. سورة البقرة الآية 58
  20. السيوطي، الدر المنثور ج1، ص71؛ المجلسي، بحار الانوار ج23، ص119–120، 122–123، 125؛ الحويزي، تفسير نور الثقلين، ج 1، ص 82–83؛ المرعشي النجفي، ملاحق إحقاق الحق، ج 9، ص 270–280 .
  21. مناقب آل أبي طالب ج 4، ص 77، 176، 211، 280، 325، 368، 380، 402، 423.
  22. ص 229، 241، 262، 274، 281 .
  23. الاحتجاج، ج 2، ص 477.
  24. الكامل في التاريخ، ج 8، ص 290.
  25. يفتقد لمصدر
  26. يفتقد لمصدر
  27. رجال الكشي، ج 2، ص 804 ـ 805 برقم 997 – 999 ، ص 829 برقم 1048.
  28. الخصيبي، الهداية الكبرى.

المصادر

  • القرآن الكريم
  • ابن الأثير، الكامل في التاريخ، بيروت 1385–1386هـ/1965–1966م
  • ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج4، ط. هاشم رسولي المحلاتي، قم 1379هـ
  • ابن الصبّاغ، الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة عليهم السلام، بيروت 1408هـ/1988م
  • محسن الأمين، أعيان الشيعة، بيروت 1403هـ/1983م ذيل الأسماء المذكورة في المقالة
  • عبد الحسين الأميني، الغدير في الكتاب والسنّة والأدب، ج6، بيروت 1387هـ/1967م
  • عبد علي بن جمعة الحويزي، تفسير نور الثقلين، ط. هاشم رسولي المحلاتي، ط. أوفست، قم 1383–1385هـ
  • أبو القاسم الخوئي، معجم رجال الحديث، بيروت 1403هـ/1983م، ذيل الأسماء المذكورة في المقالة
  • عبد الرحمََن بن أبي بكر السيوطي، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، قم 1404هـ/1984م
  • نور الله بن شريف الدين التوستري، إحقاق الحق وإزهاق الباطل، قم 1404هـ/1984م
  • محمّد بن الحسن الصفّار القمّي، بصائر الدرجات، ط. محسن كوتشه باغي التبريزي، قم 1404هـ/1984م
  • أحمد بن علي الطبرسي، الاحتجاج، ط. محمّد باقر الموسوي الخرساني، بيروت 1401هـ/1981م
  • الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ط. أحمد عارف الزين، صيدا 1333–1356هـ/1914–1937م
  • علي بن أبي طالب (ع)، نهج البلاغة، ط. صبحي الصالح، القاهرة، 1411هـ/1991م
  • محمّد بن عمر الفخر الرازي، التفسير الكبير، القاهرة [لا تا.]
  • محمّد بن شاه مرتضى الفيض الكاشاني، تفسير الصافي، ج1، ط. حسين الأعلمي، بيروت (تاريخ المقدمة 1399هـ)
  • محمّد بن عمر الكشي، اختيار معرفة الرجال، تلخيص محمّد بن الحسن الطوسي، ط. حسن المصطفوي، مشهد 1348ش [1969م]
  • محمّد بن يعقوب الكليني، الكافي، ط. علي أكبر الغفاري، بيروت 1401هـ/1981م
  • محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي، بحار الأنوار، بيروت 1403هـ/1983م
  • مجمع التفاسير (يتضمن: تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، أنوار التنزيل، البيضاوي، تفسير الخازن، تفسير النسفي) اسطنبول 1404هـ/1984م
  • شهاب الدين المرعشي النجفي، ملاحق إحقاق الحق، في نور الله بن شريف الدين التوستري، إحقاق الحق وإزهاق الباطل، ج7، قم 1404هـ/1984م.