رسول

هذه الصفحة تخضع حاليًّا للتوسيع أو إعادة هيكلة جذريّة.
من ويكي شيعة
(بالتحويل من الرسل)

رسول مصطلح ديني يشير إلى مقام إلهي لمجموعة محدودة من البشر تم اختيارهم وإرسال أكثرهم بالرسالة الإلهية إلى سائر الناس لغاية إرشادهم . وتأتي المفردة رسول في الاستعمال القرآني بمعنيين معنى قريب من نبي، والمعنى الآخر قريب من ملك. ويبلغ عدد الأنبياء والرسل المذكورين في القرآن خمسة وعشرون نبياً ورسولاً. أمّا الرسل المذكورون في القرآن فهم ثلاثة عشر رسولاً هم: موسى، ونوح، وهود، وإبراهيم، وإسحاق، وداوود، ويوسف، وهارون، وإسماعيل، ولوط، وشعيب، وصالح، ومحمد عليهم السلام. وذكرت اختلافات بين المقصود بالنبي والرسول. وهنالك عدة آراء في بيان هذا الأختلاف من جملتها: أن النبي يقوم بتبليغ الدين من خلال الرسالة التي جاء بها الرسل (ليس صاحب رسالة مستقلة ) .

تعريف الرسول

في اللغة

رسول لغة جمع: رُسُلٌ. الاسْمُ مِنْ أَرْسَلَ، ورسول لغة من الإرسال وهو التوجيه والبعث. أي من يحمل رسالة من جهة أو شخص إلى جهة أخرى أو شخص آخر، وتبعا لهذا المفهوم يُسمّى الأنبياء رسلا؛ لأنهم يحملون رسالة من الله الخالق إلى البشر لهدايتهم للطريق الصحيح فالرسول هو المبعوث المُوجَّه برسالة؛ قال تعالى عن ملكة سبأ: ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ[١]

والرُّسلُ (عليهم الصلاة والسلام) إنما سُمُّوا رسلاً؛ لأنهم بُعثوا من قِبَلِ الله تعالى برسالةٍ حملوها وأُمِروا بتبليغها للناس؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ[٢]، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ[٣]؛ أي: بعثناهم يتبع بعضهم بعضًا.

في الاصطلاح الكلامي

عرف اصطلاح رسول بعدة تعريفات من أهمها:

قال الشيخ المفيد في النكت الاعتقادية: (هو الإنسان المخبر عن الله تعالى بغير واسطة أحد من البشر مأمورا من الله تعالى بتبليغ الأوامر والنواهي إلى قوم.[٤] كما عرفه العلامة الطباطبائي: هو الحامل لرسالة خاصة مشتملة على إتمام الحجة يستتبع مخالفته هلاكا أو عذابا ونحو ذلك.[٥]

وجاء في تعريف الرسول في روايات أهل البيت (عليهم السلام) (الرسول هو الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك).[٦]

في الاستعمال القرآني

في القرآن الکریم هذه المفردة تأتي في الاستعمال القرآني بمعنيين معنى أول قريب من النبوة، وهو كثيرا جدا، قد يأتي أحيانا يأتي بتراكيب إضافية من قبيل المضاف إليه وهي غالبا (رسول الله)، أو (رسول رب العالمین) أو ضمیر مثل (رسلي، رسلنا)، وأحيانا أيضا المضاف ضمير (رسولکم، رسلکم، رسلهم) . والمعنى الآخر قريب من ملك . قال تعالى: (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى). وقال تعالى في حق جبرائيل (عليه السلام) ﴿قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا.[٧] والرسول بمعنى ملك استعمل في السور المكية في مثل آیه 75 من سورة الحج.

الرسل الذين ذكروا في القرآن

• نوح (شيخ المرسلين) عليه السلام لبث في قومه 950 سنة. وهو صاحب شريعة قال تعالى:﴿(شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّینِ مَا وَصَّیٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِی أَوْحَینَا إِلَیكَ وَمَا وَصَّینَا بِهِ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَیٰ وَعِیسَیٰ.)﴾ [٨] ، وقيل أنه دفن في مسجد الكوفة.

• هود (عابر) عليه السلام. عاش 464 سنة. أرسله الله إلى عاد . قال تعالى ﴿(إِنِّی لَكُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ.)﴾ [٩] وقيل دفن النجف الاشرف .

• صالح عليه السلام. لم تذكر الكتب المدة التي عاشها. وأرسله الله إلى ثمود . قال تعالى: (وَ إِلَى‌ ثَمُودَ أَخَاهُمْ‌ صَالِحاً قَالَ‌ يَا قَوْمِ‌ اعْبُدُوا اللَّهَ‌ مَا لَکُمْ‌ مِنْ‌ إِلٰهٍ‌ غَيْرُهُ‌ هُوَ أَنْشَأَکُمْ‌ مِنَ‌ الْأَرْضِ‌ وَ اسْتَعْمَرَکُمْ‌ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ‌ ثُمَ‌ تُوبُوا إِلَيْهِ‌ إِنَ‌ رَبِّي‌ قَرِيبٌ‌ مُجِيبٌ‌) [١٠] . قيل أن قبره في النجف الأشرف.

• لوط عليه السلام. أرسله الله تعالى إلى قومه , قال تعالى:﴿(إِنِّی لَكُمْ رَسُولٌ أَمِینٌ.)﴾ [١١]. لم تذكر الكتب المدة التي عاشها. يذكر أن له قبر في قرية صوعر. وقيل دفن في فلسطين .

• إبراهيم الخليل (أبو الأنبياء) عليه السلام عاش 200 سنة . ولد بعد الطوفان بـ 1263 سنة. وهو صاحب شريعة، قال تعالى: ﴿(شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّینِ مَا وَصَّیٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِی أَوْحَینَا إِلَیكَ وَمَا وَصَّینَا بِهِ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَیٰ وَعِیسَیٰ.)﴾ [١٢] دفن في الخليل (فلسطين). وفيها قبر زوجته الأولى سارة .

• يونس عليه السلام. لم تذكر الكتب المدة التي عاشها. ذكره القرآن بقوله تعالى: ﴿(وَ إِنَّ یونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِین.)﴾ [١٣] قيل أن قبره في الكوفة .

شعيب عليه السلام. وبعثه الله إلى مدين . قال تعالى: ﴿(وَإِلی مَدْینَ أَخَاهُمْ شُعَیبًا.)﴾ [١٤] وصفه القرآن بأنه رسول، ﴿(إِني لَكُمْ رَسُولٌ أَمِین.)﴾ [١٥]

• موسى (كليم الله) عليه السلام. عاش 120 سنة. وهو صاحب شريعة. قال تعالى: ﴿(شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّینِ مَا وَصَّیٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِی أَوْحَینَا إِلَیكَ وَمَا وَصَّینَا بِهِ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَیٰ وَعِیسَیٰ.)﴾ [١٦]. أنل الله تعالى عليه التوراة، قال تعالى: ﴿(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فیها هُدی وَ نُورٌ.)﴾ [١٧] توفي ودفن في أطراف بیت المقدس .

•  هارون عليه السلام. عاش 122 سنة. قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسی وَ أَخاهُ هارُونَ بِآیاتِنا وَ سُلْطانٍ مُبین.)﴾ [١٨] توفي في أطراف طور سيناء ودفن هناك.

• إلياس عليه السلام، وقد ذكره القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿(وَ إِنَّ إِلْیاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِین.)﴾ [١٩]. لم تذكر الكتب المدة التي عاشها. ذكر أنه ولد بعد دخول بني إسرائيل فلسطين. قيل أن قبره في مدينة بعلبك اللبنانية. وقيل أنه عرج به إلى السماء .

• المسيح عيسى بن مريم عليه السلام. عاش على الأرض 33 سنة. ذكره القرآن بقوله تعالى: ﴿(إِنَّمَا الْمَسِیحُ عِیسی ابْنُ مَرْیمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقَئهَا إِلی مَرْیم.)﴾ [٢٠] رفعه الله تعالى بعد بعثته بثلاث سنوات. والدته مريم ابنة عمران سلام الله عليها. ولدته ولم يمسسها رجل. وهو صاحب شريعة، قال تعالى: ﴿(شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّینِ مَا وَصَّیٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِی أَوْحَینَا إِلَیكَ وَمَا وَصَّینَا بِهِ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَیٰ وَعِیسَیٰ.)﴾ [٢١] . بعثه الله تعالى إلى بني إسرائيل، قال تعالى: ﴿(وَإِذْ قَالَ عِیسَی ابْنُ مَرْیمَ یا بَنِی إِسْرَائِیلَ إِنِّی رَسُولُ اللَّـهِ إِلَیكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَینَ یدَی مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ یأْتِی مِن بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ.)﴾ [٢٢] وآتاه الله الإنجيل، قال تعالى: ﴿(وَ قَفَّینَا بِعِیسی ابْنِ مَرْیمَ وَ ءَاتَینَهُ الْانجِیلَ.)﴾ [٢٣]

•  النبي محمد (رسول الله) صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم. ولد في مكة. توفي وهو في الثالثة والستين من عمره الشريف. دفن في بيته، (المسجد النبوي) وهو خاتم الأنبياء والرسل، قال تعالى: ﴿(ما كاَنَ محَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَ لَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَ خَاتَمَ النَّبِینَ.)﴾ [٢٤] بعثه الله تعالى إلى الناس كافة . قال تعالى: ﴿(وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشیراً وَ نَذیراً.)﴾ [٢٥]

أولو العزم من الرسل‏

عبر القرآن الكريم عن جماعة من الرسل بأنهم (أولو العزم) ولكن لم يحدد خصائصهم. ويستفاد من روايات أهل البيت عليهم السلام أن عدد الرسل أولي العزم خمسة، وهم بحسب الترتيب الزمني: نوح وابراهيم، وموسى، وعيسى ومحمد ابن عبد الله( ع)، والميزة التي يتميزون بها، إضافة للصبر والاستقامة المتميزة التي تمتعوا بها، وأشير إليها في القرآن الكريم هي: إن لكل واحد منهم كتاباً وشريعة مستقلة، وقد اتبع شريعتهم الأنبياء المعاصرون لهم، أو المتأخرون عنهم، إلى أن يُبعث نبي آخر من أولي العزم بالرسالة، ويأتي بكتاب وشريعة جديدة.

ومن خلال ذلك اتضح أن من الممكن اجتماع نبيين في زمان واحد، كما عاصر لوط إبراهيم (ع) وهارون موسى (ع) ويحيى عيسى (ع) في زمان واحد.[٢٦]

الفرق بين الرسول والنبي

هنالك عدة آراء في الفارق بينهما:

الأول: الرسول من يصله الوحي الإلهي عن طريق جبرائيل والنبي من يصله الوحي عن طریق الملائكة أو بالإلهام أو الرؤيا الصادقة في المنام . قال الجرجاني في التعريفات : (النبي من أوحي إليه بملك أو ألهم في قلبه أو نبه بالرؤيا الصالحة. فالرسول أفضل بالوحي الخاص الذي فوق وحي النبوة؛ لأن الرسول هو من أوحي إليه جبرائيل خاصة بتنزيل الكتاب من الله) ـ[٢٧]

الثاني: إن الرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه ، والنبي من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه .أو أوحي إليهم بأمور تقصدهم بالذات، فيكون مثلاً أمر بعمل ما خاص بأنفسهم، دون تبليغه إلى الأمّة، أمّا الرسل فهم من يُوحى إليهم بأمور وكان عليهم تبليغها للناس . قال تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ). [٢٨]

وقد اختلف المختصون في تحديد ما إذا كان النبي (ص) مأموراً بالتبليغ أم غير مأمور، غير أن الجميع اتفقوا على أن كلَّاً من النبي والرسول يوحى إليهما بوحي من السماء، بواسطة جبرائيل (ع) أو غيره من الملائكة، أو عن طريق المنامات الصادقة أو عن طريق النفث في الروع، ومن هنا فقد تم تقعيد القاعدة العامة التي تفيد بأن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسول . وهذا الفرق أشكل عليه بإن النبي مأمور بالدعوة والتبليغ والحكم أيضا .

الثالث: الرسول هو الإنسان المرسَل من عند الله تعالى والذي يحمل معه شرعاً جديداً، وهو الذي أمره الله بتبليغ هذا الشرع، أما النبي فيسير على طريق الرسول الذي سبقه من حيث التشريع.

الرابع: الرسول هو من أرسل إلى قوم كفار مكذبين ، والنبي من أرسل إلى قوم مؤمنين بشريعة رسول قبله يعلمهم ويحكم بينهم كما قال تعالى : (نَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ). [٢٩] فأنبياء بني إسرائيل يحكمون بالتوراة التي أنزل الله على موسى، وأما قوله تعالى: ( وخاتم النبيين ) ولم يقل خاتم المرسلين ؟ فلأن ختم الرسالة لا يستلزم ختم النبوة، وأما ختم النبوة فيستلزم ختم الرسالة ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : " إنه لا نبي بعدي " ، ولم يقل لا رسول بعدي .

الهوامش

  1. النمل: 35.
  2. النحل: 36
  3. المؤمنون: 44
  4. المفيد ، محمد بن النعمان، النكت الاعتقادية، ص 31.
  5. الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج2، ص 140.
  6. الكليني، محمد بن يعقوب، ج1، ص 176 .
  7. مريم: 19 .
  8. الشوری:13
  9. الشعراء: 125 .
  10. هود: 61 .
  11. الشعراء: 162.
  12. الشورى: 13 .
  13. الصافات: 139 .
  14. الأعراف: 85 .
  15. شعراء: 178 .
  16. الشوری : 13 .
  17. مائدة: 44 .
  18. المؤمنون: 45 .
  19. صافات: 123 .
  20. النساء: 171 .
  21. الشوری: 13 .
  22. الصف: 6 .
  23. الحدید: 27 .
  24. الأحزاب: 40 .
  25. سبأ: 28 .
  26. المرجع السابق.
  27. الجرجاني، على بن محمد،التعريفات، ج 1، ص 307.
  28. سورة المائدة: 67 .
  29. سورة المائدة: 45

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم .
  • الجرجاني، علي بن محمد، التعريفات، مكتبة لبنان، بيروت، 1985 م.
  • أبو هلال العسكري، الفروق اللغوية، المحقق : محمد إبراهيم سليم، دار العلم والثقافة،
  • الماوردي، علي بن محمد، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1986م .
  • نگری، القاضي عبد النبي أحمد، جامع العلوم فی اصطلاحات الفنون، بیروت، مؤسسه الأعلمي، ط 2، 1395 ق.
  • المفيد ، محمد بن النعمان، النكت الاعتقادية .
  • الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن،
  • الكليني، محمد بن يعقوب،