البكاؤون

من ويكي شيعة
(بالتحويل من البكائون)

البكّاؤون، صفة أطلقت على عدد من الصحابة الّذين اشتهروا بالبكاء؛ لعدم مشاركتهم في غزوة تبوك، وذلك لأنّ النبي صلی الله عليه وآله وسلم لم يجد ما يحمّلهم عليه. وفي استعمال آخر لهذا المصطلح جاء في الروايات عن الأئمة المعصومين عليهم السلام أنّ البكّائين هم خمسة من المعصومين اشتهروا لكثرة بكائهم، وهم: آدم، ويعقوب، ويوسف، والإمام السجاد عليهم السلام، وفاطمة الزهراء عليها السلام.

البكاؤون السبعة

البكاؤون السبعة هم: سالم من بني عمره، وهرمي من بني واقف، وعُلبة بن زيد، وأبو ليلى من بني مازن، وعمرو بن عتبة من بني سَلمة، وسَلمة بن صخر من بني زُريق، وعرياض بن سارية من بني سُليم،[١]الذين جاءوا رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم بعد حثّه المسلمين القتال والجهاد في سبيل الله في غزوة تبوك، ورغّبهم فيه وأمرهم بالصدقات، حيث عدّ رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم معسكره في (ثنية الوداع)، ووقعت المعركة في يومٍ شديدِ الحر، كما قال تعالى: ﴿لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ[٢]، وكان البكاؤون السبعة من أهل الحاجة، فقال لهم رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم كما في قوله تعالى: ﴿لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُون[٣] فلم يكن لديهم ما ينفقوه بالخروج لتلك المعركة، فخرجوا من عنده وهم يبكون، إلى أن تم تجهيزهم بما يُحملوا عليه من الدواب القوية.[٤] وقد اختلف المفسّرون في حق من نزلت هذه الآية.[٥]

البكاؤون الخمسة

رُوِيَ عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه السلام أَنهُ قَالَ: «الْبَكَّاءُونَ خَمْسَةٌ: آدَمُ، وَيَعْقُوبُ، وَيُوسُفُ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلی الله عليه وآله وسلم، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِعليه السلام».[٦]

كما أنّ الإمام الصادق عليه السلام قد بَيَّنَ سبب بكائهم، حيث قال:" فَأَمَّا آدَمُ فَبَكَى عَلَى الْجَنَّةِ حَتَّى صَارَ فِي خَدَّيْهِ أَمْثَالُ الْأَوْدِيَةِ. وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَبَكَى عَلَى يُوسُفَ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ، وَحَتَّى قِيلَ لَهُ: ﴿قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ. وَأَمَّا يُوسُفُ فَبَكَى عَلَى يَعْقُوبَ حَتَّى تَأَذَّى بِهِ أَهْلُ السِّجْنِ، فَقَالُوا إِمَّا أَنْ تَبْكِيَ اللَّيْلَ وَتَسْكُتَ بِالنَّهَارِ، وَإِمَّا أَنْ تَبْكِيَ النَّهَارَ وَتَسْكُتَ بِاللَّيْلِ، فَصَالَحَهُمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَأَمَّا فَاطِمَةُ عليها السلام فَبَكَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلی الله عليه وآله وسلم حَتَّى تَأَذَّى بِهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا لَهَا قَدْ آذَيْتِنَا بِكَثْرَةِ بُكَائِكِ، وَكَانَتْ تَخْرُجُ إِلَى الْمَقَابِرِ مَقَابِرِ الشُّهَدَاءِ فَتَبْكِي حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتَهَا ثُمَّ تَنْصَرِفُ. وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَبَكَى عَلَى الْحُسَيْنِ عليه السلام عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، مَا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامٌ إِلَّا بَكَى، حَتَّى قَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ! قَالَ: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ، إِنِّي لَمْ أَذْكُرْ مَصْرَعَ بَنِي فَاطِمَةَ إِلَّا خَنَقَتْنِي لِذَلِكَ عَبْرَةٌ".[٧]

الهوامش

  1. الواقدي، محمد، المغازي، ج 3، صص 989-995.
  2. سورة التوبة: 81.
  3. سورة التوبة: 92.
  4. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 990-995، ص999؛ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 894 - 896؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 102؛ الطوسي، التبيان، ج 5، ص 280؛ أبو الفتوح الرازي، روح الجنان، ج 5، ص 234؛ الزمخشري، الكشاف، ج 2، ص 167؛ الطبرسي، مجمع البيان، ج 5، ص 78؛ ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 12، ص 216.
  5. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 990-995، ص999؛ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 894 - 896؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 102؛ الطوسي، التبيان، ج 5، ص 280؛ أبو الفتوح الرازي، روح الجنان، ج 5، ص 234؛ الزمخشري، الكشاف، ج 2، ص 167؛ الطبرسي، مجمع البيان، ج 5، ص 78؛ ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 12، ص 216.
  6. الصدوق، علي بن الحسين، الخصال، ج 1، ص 273.
  7. الصدوق، علي بن الحسين، الأمالي، ص 140.

المصادر

  • ابن سيد الناس، محمد، عيون الأثر، بيروت،1974م.
  • ابن هشام، سيرة سيدنا محمد رسول الله، برعاية فستنفلد، غوتنغن،1859.
  • ابو الفتوح الرازي، روح الجنان، برعاية ألهي قمشه اي، طهران، 1320هـ ش.
  • الزمخشري، محمود، الكشاف، بيروت، دار المعرفة.
  • الصدوق، علي بن الحسين، الأمالي، انتشارات المكتبة الإسلامية، 1392هـ ش.
  • الصدوق، علي بن الحسين، الخصال، قم، انتشارات جامعة المدرسين، 1403هـ .
  • الطبرسي، فضل، مجمع البيان، بيروت، 412ق/1992م.
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، دار التراث، الطبعة الثانية، 1387ق/1967م.
  • الطوسي، محمد، التبيان، برعاية أحمد حبيب قصير العاملي، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
  • الواقدي، محمد، المغازي، برعاية مارسدن جونز، لندن، 1966م.